الحب للمذنبين

الحب للمذنبين

الحب للمذنبين

 صوت الإمارات -

الحب للمذنبين

بقلم : علي أبو الريش

يقول المسيح عليه السلام، إنه يحب المذنبين، لأنهم يحتاجون إلى المزيد من الحب.

قد نستغرب هذا القول، لأننا لم نتعلم كيف نحب، وكيف ننشر الحب، وكيف نتعاطى الحب مع الآخر. لو تخيلنا أن شخصاً ارتكب خطأ ما ووقفنا في وجهه، مؤنبين، موبخين مقرعين، لائمين، ماذا ستكون النتيجة؟ هذا الشخص قد يمتنع عن تكرار ما فعله على العلن، لكنه في الخفاء، وتحت لحاف الخوف سوف يمارس الفعل نفسه، وبتماد، لماذا؟

لأننا في التوبيخ لمسنا الأنا، واستفززنا الشخص، إلى درجة أننا أحسسناه بأننا لا نلومه لأنه أخطأ، بل لأننا أردنا أن نقول له إننا الأحسن منه، وإنه الدوني، والناقص

. كما أننا أوصلنا له رسالة مبطنة، فحواها، أننا نكرهه. هذا الإحساس يؤدي بكل مخطئ لأن يشمر عن ذات حمقاء، وعنيفة، وضدية، تنذر نفسها للدفاع والحماية، وردع العدو.

نجد مثل هؤلاء الأشخاص الذين يواجهون مثل هذه الظروف، أشداء في العناد، فقد يذعنون ظاهرياً، لكنهم في الخفاء يحاولون معاقبة من أنبهم بكل صرامة وجسارة، مقتنعين أن ما يفعلونه هو الأمر الصحيح، وأن ما يواجهونه من عيون حمراء، ما هي إلا كبر وتعنت.

ولكن عندما يدخل الحب غرفة الرعاية والحماية، فإنه يهمس همس النسيم، ويلمس لمس الورود، وينثر عبيره بمرش الود والملاطفة، فيصل العبق إلى قلب المخطئ، فتنفتح له شرايين القلب، وتطير له الروح مثل فراشة عاشقة، وتهفهف له أوراق النفس، ولا تسمع من المخطئ إلا صوت حفيف الأوراق ورفيف الأشواق، وتبدو السماء صافية من غير غيمة، مكدرة ولا موجة هادرة، والحياة تسير على باقة عشب قشيب، والعلاقة بين الناصح والمنصوح، تمضي على صهوة جواد أصيل، لا يخب ولا يجب ولا يعب، ولا يكب ولا يدب، إنه الحب إذا لامس الشغاف أينعت له الأغصان الرهاف، ومالت له الأعطاف، وغنى له الطير، وهدل الحمام، وتنادت النجوم متلألئة، ناصعة، ساطعة، رائعة، مستمتعة بثراء الحب، وسخاء النفوس الغنية، بميكانيزمات الحب.

كل ما يحتاجه المذنب هو الوقوف معه على ضفة النهر، والقول له، إن هذا النهر عميق، وبإمكانك تحاشي النزول فيه. كل ما يحتاجه المذنب أن نبتسم في وجهه عندما نريد أن نقول له لا، فهذه الـ «لا»، قد تكون مثل العذوبة، أو مثل الملوحة، فنحن الذين نضع السكر في الوعاء، كما أننا نحن الذين نضع الملح.

فلنختر السكر، ليرتشف المذنب، ونرتشف نحن، وتستمر الرشفات، لتصير نهراً يغسل أعشاب الوطن، وتختفي الأخطاء، ويصبح المذنب بلا خطيئة، ونصير نحن النهر الذي غسل. نصير نحن الماء، ويصير المذنب الزعنفة التي مرت من هنا، ولم تغرقها موجة. ونصير نحن العذوبة، ويصير المذنب شفة الكأس الشفيفة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحب للمذنبين الحب للمذنبين



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 06:02 2019 السبت ,16 شباط / فبراير

أميركية ينمو في رأسها قرن عاشت به لمدة عام

GMT 12:07 2018 الجمعة ,19 تشرين الأول / أكتوبر

"Pixel 3" قفزة في تطوير صناعة الهواتف

GMT 08:39 2013 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

كتاب جديد عن الرواية المصورة التي ظهرت في السبعينات

GMT 18:00 2013 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

توقيع رواية "باب الليل" للروائي وحيد الطويلة

GMT 18:30 2013 الأحد ,23 حزيران / يونيو

اصدار رواية"امرأة غير قابلة للكسر" لمحمد رفعت

GMT 21:39 2014 السبت ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إتهام جامعة هارفرد العريقة في التمييز العنصري بها

GMT 10:04 2013 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

افتتاح معرض الصُّور النَّادرة "الأقصر في 100 عام"

GMT 17:56 2015 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

النجمة مروة جمال تطلق أغنيتها الجديدة "مفيش مستحيل"

GMT 07:53 2013 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

معرض للرسام الاميركي أندي وورهول في بلجيكا عن الموت والحياة

GMT 18:38 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

بلدية دبي تؤكد حرصها على دعم ذوي متلازمة داون

GMT 11:43 2013 الثلاثاء ,10 أيلول / سبتمبر

جحيم السجون السورية في "عربة الذل"

GMT 13:22 2013 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين تعلن تطهير الإنترنت من "الشائعات والعربدة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates