أبناؤنا في الامتحان 2

أبناؤنا في الامتحان 2

أبناؤنا في الامتحان 2

 صوت الإمارات -

أبناؤنا في الامتحان 2

بقلم : علي ابو الريش

وما يجعل الصراع أكثر تفاقماً هو هذا التحديد، وهذا التهديد، وهذا الوعيد، وهذا الحشد الهائل من مشاعر الترهيب الذي يعيشه الأبناء في البيوت، كما في المدارس الأمر الذي يجعل من الخوف مثل كرة عملاقة تتدحرج في داخل الطالب، حتى تخفيه كفرد ولا يبقى غير الخوف يقف متجهماً، متفاقماً، مزدحماً، متراكماً، متضخماً، مترامي الأطراف، فلا تحده حدود، ولا تصده سدود، لأنه هو الأكبر في عالم الامتحان، وفي وسط العصبية الجاثمة على صدور الأسر التي لا تريد أن ترى أبناءها فاشلين، وكأن الرسوب هو نهاية العالم، بينما الكثير من عباقرة العالم فشلوا في الصف المدرسي، لكنهم تقدموا الصفوف في مجالات الإبداع، وأديسون مثالاً.

لذلك نحن لا نريد لأبنائنا التراخي والإهمال، والتكاسل، ولا نريد منهم أن يعتبروا الدراسة ظرف نزهة وترفيه ولعب ولهو، لكننا لا نريد أن نخضعهم تحت سلطة المقارنة، ونزوة التفوق رغماً عن أنوفهم، فكل إنسان لديه قدرة عقلية لا يستطيع تجاوزها، كما أن لكل إنسان ملكات في تخصص أو اتجاه معين ولكن الآباء يريدون للأبناء أن يكونوا مثل جهاز التلفاز، يحركون موجاته كيفما أرادوا، هذا هو مبعث الخوف، عندما يواجه الطالب الوضع الامتحاني لأنه في هذه الحالة لا يرى الورقة، وإنما يرى وجه الأب المكفهر، والذي يريده متفوقاً بأي حال من الأحوال، كما أنه يرى وجه الأم الشاحب التي تريد أن تتباهى أمام الجارات بابنها الذي لم يتفوق عليه أحد. ومثل هذا الوضع يشيع في نفس الطالب رغبة في الانتصار على الورقة الامتحانية وإذا لم يسعفه مخزونه من الحفظ، فإنه يلجأ إلى وسيلة غير مشروعة وهي الغش، وإذا لم يتمكن فقد يشرع إلى معاقبة النفس، فسمعنا في الآونة الأخيرة أن طلاباً في دولة عربية قد انتحروا لأنهم لم ينجحوا، وهذه معضلة الفكر العنيف، والمتعنت، والذي يحمل في جعبته إرثاً تاريخياً مفعماً بالخوف من الهزيمة.
لماذا نخاف من الفشل، فهو الطريق الصحيح إلى النجاح والإبداع، ولماذا نحمل أبناءنا، وبخاصة الأطفال، عبء الخوف من الرسوب، وهم لا زالوا في عمر الزهور؟ لماذا نترك الزهور تذبل، وهي في فصل الربيع، بحجة منع الفشل.

الحياة لم تتوقف عند ورقة امتحانية لا قيمة لها إلا بما تحمله من شظايا التخويف التي تدخل صدور هؤلاء الصغار، فتفتك بمشاعرهم، وتحولهم إلى عناصر خطرة ليس على نفسها فحسب وإنما على المجتمع، لأن الوطن بحاجة إلى رجال ونساء أقوياء وغير خائفين، والوطن بحاجة إلى بشر مجازفين، مقتحمين الحياة من دون رجفة خوف، ولا رعشة رعب.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أبناؤنا في الامتحان 2 أبناؤنا في الامتحان 2



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 16:11 2016 الخميس ,25 آب / أغسطس

فوائد الطماطم المجففة

GMT 02:34 2015 الأحد ,04 كانون الثاني / يناير

اندلاع حرائق أحراج عنيفة في إيديلايد جنوب أستراليا

GMT 11:59 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ملك المغرب محمد السادس يصل إلى البلاد

GMT 23:13 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة متسابق مواطن في حلبة أم القيوين للسيارات

GMT 16:32 2013 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

صدور مجلد الزراعة في بلاد الشام من خلال المخطوطات والوثائق

GMT 02:40 2013 الأربعاء ,05 حزيران / يونيو

سامسونغ تطلق ثلاث اصدارات لعائلة Galaxy Tab 3

GMT 01:56 2013 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

عواقب "حمّى المناخ" ستطاول عشر سكان العالم

GMT 08:55 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

شركة "مانتا" تطلق هاتفها الجديد بدون أزرار

GMT 11:03 2016 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

ميريام فارس وريهام أيمن إطلالاتهما في أواخر أيام حملهما

GMT 08:37 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

عرض حلقات مسلسل "لأعلى سعر" على قناة "cbc"

GMT 06:03 2014 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

ميونيخ هي الأعلى في معدل إيجارات المساكن في ألمانيا

GMT 05:30 2017 الأربعاء ,29 آذار/ مارس

مطعم سفرة يُعلن عن عروض مميزة مع وجبة البرانش
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates