ما الحياة إلا دراج متهور

ما الحياة إلا دراج متهور

ما الحياة إلا دراج متهور

 صوت الإمارات -

ما الحياة إلا دراج متهور

بقلم - علي أبو الريش


هكذا يتصور الإنسان الحياة، عندما يقف على رصيف الأسئلة، ولا يجد ما يدله على مكان الطمأنينة.

 هي تبدو هكذا، والإنسان محكوم بنفايات تاريخية تثقل كاهله، وتجعله مثل حمال متعب من أثر الانحناء، والأشياء التي على ظهره ليست له.

نكتسب الفضول كلما ناخت بعير السفر، ونبدأ في بث اللواعج، والشوق يحدودب له العمر، كلمات سارت الركاب بين شعاب الهموم والغموم والسقوم، لأن ما من إنسان يسعد وهو في حومة الأسئلة المبهمة، وكلما شاخت الإجابات نشطت الأسئلة، وكلما نشطت الأسئلة، عصفت في النفس مشاعر تأتي من أقاصي التاريخ، من مكان ما من الوجد الطفولي، ونحن في الطفولة يكبحنا الكبار، ويقمعون بريق أعيننا، كي لا ترى المستور، والمستور قابع في قلب الحقيقة، والحقيقة هنا، وليست هناك، لكننا لا نريد الوصول إليها، لأنها لو سطعت، نبدو نحن بلا أنوات، نحن لا نريد الحقائق، لأنها تكسر غصن الزيتون في داخلنا، ولأننا وجدنا كي نراوغ الحقائق، ونناور ونغامر أحياناً في سبيل إثبات الذات، وعلى حساب الحقيقة.

الإنسان عرف الله قبل أن يعرف الصنم، لكنه لأسباب أنوية، صنع الصنم، ونحت الصخر كي يثبت عبادته للصنم، وهذا من وازع التضخم الذاتي، ومن بدع العقل المُجازف في حب الذات والتقوقع والعزلة.

الإنسان المنعزل هو إنسان ذاتي، فخم مظهرياً، لكنه متضخم إلى حد التقيح، ومع ذلك فهو مستمر في الغلواء، لأنه من دوافع عقد النقص، ينحو إلى الانتفاخ وينصب نفسه راعياً للوجود، كما ذكر مارتن هايدجر الفيلسوف الألماني الكبير.

من هنا يبدو الإنسان دراجاً متهوراً، يعبر وعورة الجبال، بمحض إرادة غافلة عن هوة قد تسقط عجلاته في سحيق الموت.

من هنا يبدو الإنسان «أنوي» إلى درجة الانحطاط، وسخف المنطلق والتفكير. يحتاج الإنسان إلى أكثر من أفلاطون، كي يرفع رأسه إلى السماء ليرى كيف تكونت النجوم، وكيف استدارت الشمس حول الكون، لتضيء عقل البشرية بالتفكير الأنيق، والمنتخب من قبل إرادة حرة، لكنها عاقلة لا تصبب الفكرة ولا تندب الحظ، هي مرحلة قصوى في الاستنارة، عندما يتخلى المرء عن أنانيته، ويذهب إلى العالم بوعي أوسع من المحيط، وقلب يعانق الآخر بشفاه أشف من عين الطير، وأرق من زلال البيض.

الإنسان ينزل عن دراجته المتهورة، عندما يدرك أن الحياة، بمتناقضاتها، هي وحدة متكاملة، وفي اختلافها اندماج في الكل.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن صحيفة الأتحاد 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما الحياة إلا دراج متهور ما الحياة إلا دراج متهور



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 18:28 2016 الخميس ,11 شباط / فبراير

"الشارقة للثقافة العربية اليونسكو"لـ صنبر

GMT 18:42 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أنور المشيري يطرح ديوانه الشعري الأول "مراية الروح"

GMT 18:17 2013 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة ألمانية تكشف تزايد الهجمات الإلكترونية على الشركات

GMT 07:46 2015 الأربعاء ,20 أيار / مايو

"كهرباء دبي" تنجز مواءمة خطتها الاستراتيجية 2021

GMT 06:52 2013 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عبدة وأبو ماضي يتحدثان عن إثر "حرب أكتوبر" في قصصهم

GMT 13:54 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

خبير التجميل ميمو يوضح أسباب تكريمه في مصر

GMT 23:44 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر سيتي يفكر في إعارة دانيلو خلال الميركاتو الشتوي

GMT 20:54 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

منتجعات التزلج على الجليد تستعد لاستقبال عشاق الشتاء

GMT 09:51 2014 الإثنين ,18 آب / أغسطس

4 أسلحة لمحاربة رطوبة الجو في المنزل

GMT 09:37 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

صداقة تجمع بين غواص مسن وسمكة بوجه إنسان منذ 10 سنوات

GMT 11:08 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ماجد ناصر يقود شباب الأهلي إلى نهائي كأس الخليج العربي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates