بقلم : علي أبو الريش
لن تجدي الإجراءات الأمنية في كل دول العالم، ما لم يكشف النقاب عن الحقيقة، والحقيقة تكمن في دول بأكملها، تقف في الضفة الأخرى المعادية للسلام والاستقرار العالمي، هذه الدول بنت أجنداتها على أساس التدمير وتخريب الكون الإنساني، متخذة من الشعارات الواهية، طريقاً لتحقيق مآرب شيطانية. ومن المؤسف جداً أن مخابرات دول عظمى وأجهزتها الأمنية، تعلم ذلك وتغض النظر عن ذلك، وتصرف العين عن وضع اليد على مخبأ الداء، لأسباب جوهرية معلومة، وهي ترك الطوفان يغرق التضاريس دون حراك جدي، يمنع وصول الموج الهائج إلى منازل الأبرياء، وكأن هناك تحالفاً خفياً بين من يضرب ومن يتفرج، والهدف هو إشاعة الفوضى العارمة بين الأصقاع والبقاع، وليظل العالم في حالة الغليان الدائم، والمستفيد هو الضارب والمتفرج، والخاسر هي هذه الشعوب المكلومة والدول المغلوبة على أمرها. فلا أصدق أن هذه الجيوش الجرارة في دول ادعت أنها تستطيع كشف الأقل حجماً من الذبابة، وتعجز الآن عن ملاحقة فلول (وعلوج) يتنقلون في الأراضي البطحاء من بلد إلى آخر، ويشيعون فساداً من العراق إلى سوريا، فليبيا، والصومال، واليمن، دون أن يبدر أي حل لهذا الانتشار النيراني المريع.
نقول: هناك تواطؤ عالمي من جهة دول عظمى لتحريك النيران، وتقليب الجمرات بين مواقد وأخرى، لتظل شعوب العالم تكتوي بالسعير الإرهابي إلى الأبد. نقول: عندما أرادت الدول العظمى أن تهلك العراق عملت خلال أربعين يوماً، ولمجرد اشتباه فقط، وأصبح العراق كالعصف المأكول، بينما لم تفعل الشيء نفسه مع إيران، بل هادنت وداهنت لمدة سنتين، حتى توصلت إلى مصل تخديري لا يحل مشكلة، وإنما يؤجلها على الرغم أن ما لدى إيران هو جرم مشهود، ولدى إيران مفاعل نووي قيد التنفيذ، وليس لمجرد شبهة كما كان العراق.
القضية واضحة ولا تحتاج إلى تحليل أو تأويل أو تدليل، فقط علينا أن ننظر بعين مبصرة ونفس بصيرة، سنجد أن الإرهاب ما هو إلا صنيع هذا التغاضي، وهذا الانتباه إلى غير المكان المدبر للإرهاب. فالحريق على الأرض ونافخو الكير كثر، وهم يسعون إلى التوسع على حساب الدول والشعوب المغلوبة، والعالم يتفرج، فقط يبحث عن الدخان
. وما حدث في مسجد الروضة في مصر، لدليل على أن هناك اليد الطولى لقوى تحرك النيران متى شاءت، وكيف شاءت، وحسب ما تقتضيه مصالحها، لكسر شوكة الدول الراعية للسلام، وجهد مصر في التوفيق بين الأشقاء في فلسطين واضح وجلي، ولربما هذا الجهد لم يرق للبعض، فتمت المجزرة ليس عقاباً للصوفية، وإنما هي رفع السبابة في وجه مصر.