بقلم : علي أبو الريش
في الزمن المنطفئ، تقود المملكة العربية السعودية لحظة التنوير، لتضيء سماء العروبة، مصباحاً تأجلت إضاءته كثيراً، هي مصر التي أتعبها شعار الذين ظنوا أنهم امتلكوا الحقيقة، فإذا بهم يذهبون بالنيل العظيم بعيداً عن سده، بعيداً عن وده، بعيداً عن مده، ففاض وغاض، حتى جاء المد من فيض العاشقين لمصر ولأمتهم، ولأن مصر هي المنوال والموال، وهي السؤال المنفتح على آخر القلب، بدءاً من وريد يسقى بماء الأرواح المحبة المتصلة بالتراب والأحباب، وقد حاولت فئة من خوارج العصر، أن تذهب بمصر إلى حيث يسكن الغث والرث، وأن تختطف وجدان المصري، لتجعل منه لوحة خشبية مكتوباً عليها بالمبهم والغامض، وتستريح هي تحت ظل شعارات صفراء ببقع رمادية، عدمية عبثية، واليوم كان لا بد من مصر وإنْ طال الزمن، والدور منوط بالمملكة لكونها المحور والجوهر للوجدان العربي والإسلامي، ولكونها البلد المؤهل لأن يقود المرحلة بكل رزانة وأمانة وصيانة، وبما تختزنه السعودية من إرث ثقافي يمتد بأضلع التاريخ، فمن هذه الأرض انتشرت الرسالة السماوية الصحيحة، ومنها جاء البعث النبوي، ليضيء عيون الناس جميعاً، بتعاليم الإله الحق..
ولأن مصر عنق الزجاجة ورئة العالم العربي، ولأنها البلد الذي يمتلك تاريخاً من النضال، ضد أعداء الأمة، ولأن الشعب المصري شعب محب، كان لا بد وأن تكون البداية من هذا القلب، ليروى الشريان بدماء زكية، متعافية من درن التشوهات..
المملكة، عندما توجه البوصلة باتجاه مصر، فإنها تثب وثبة الجياد باتجاه العشب القشيب، وتسير بالمرحلة مكللة بتأييد شعبي ورسمي عربيين، مجللة باحترام عالمي، لأن ما تريده المملكة في هذا الاصطفاف، إنما هو الوقوف كتفاً بكتف في مواجهة الأحداث الجسيمة التي تمر بها الأمة، والتعامل مع التطورات بسلاح الكل وليس الجزء.. وقد أثبتت رؤية المملكة بقيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز، سواء في التحالف العربي لصد عدوان الحوثي وصالح أو التحالف الإسلامي لمواجهة التطرف وإفشال المشاريع العدوانية، والتي تهدف في الأساس إلى إضعاف الأمة، والتنكيل بقدراتها، وإحباط منجزها الحضاري..
إذاً السعودية ومصر، امتداد لماء النيل في عروق، أحبوا الإنسانية بشفافية، كما هي شفافية النيل، ومن سكنوا على ضفافه وارتووا من فراته.