غافة الهيلي

غافة الهيلي

غافة الهيلي

 صوت الإمارات -

غافة الهيلي

علي أبو الريش

غافة الهيلي، مثل حارس ليلي، ترصد المكان بحساب الزمان، هنا عند الباحة المرفقة بمواقف السيارات، عند ممر أسفلت فرعي، ينحني عنها الشارع قليلاً كي تمر الغافة، كي تهجع بسكينة وطمأنينة، بعيداً عن أيدي البشر، وعندما تتأمل الخصلات المتدلية، على جبين الفراغ، تشعر أنك أمام عبقرية تاريخية أسست للمعنى نموذجاً، وشيّدت للمغزى مثالاً يحتذى به.

. هذه هي سجايا المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيَّب الله ثراه، كان للشجرة في وعيه جذر عملاق، لا تحنيه ريح، ولا تثنيه تباريح كان يدع الشجرة تمر قبل البشر، كان الطريق مفسوحاً للجذوع، كي تكبر وكي تخبر عن نوايا الفطرة المبجلة.

في هذا المكان وبالقرب من غافة الهيلي، وقفت، تأملت، أخذتني الغافة إلى حنين التاريخ، أخذتني إلى رنين الذاكرة، الموشومة، بنقوش الذين حرروا الزمان من غدر الأزمان، هنا كانت عبقرية الشجر، تعكف على تلاوة ما جادت به قريحة العبقري، وما فاضت به إنسانيته العظيمة، الشجرة بقيت تغرس جذوراً في الأرض وفي التاريخ، والشارع مرّ من حولها، في تواضع الخاشعين أمام جلال وقدسية المخلوقات، وجسارة الذين أعطوا الشجر روحاً، ومدوا الروح باخضرار الشجر.

كان على قمة الغافة، طائر بحجم كف اليد، أو أصغر، كان عصفوراً يفرض شعره الأزلي، ويهتف للكائنات، هيا إلى الحياة، هيا إلى وجود يجود بجود الأحلام الزاهية، ونفرة الأجنحة، مرفرفة كأنها طائرات ورقية صغيرة..

كل السيارات، كل الناس، يمرون من حول الغافة، وكأنهم في طواف مقدس، ويترحمون على روح الفقيد، ويرفعون الأيادي ضارعين شاكرين، صاغرين، ثم يدلفون إلى أماكنهم في الحديقة العملاقة، وأجمل ما في الصورة، أن الطير يقف عند الشغاف، يحلق ويحدق، وينسف ريشه بمنقار صغير، ثم يهتف، بصوت الأبد قائلاً: هذه الغافة، مثل التاريخ لا يجف حبرها، هذه الغافة مثل الزعيم الذي أبى إلا أن تبقى ليذهب كل شيء إلى مكانه، هذه الشجرة، هي بعض من سجلات المواقف الإنسانية الزاخرة بالأهداف السامية، هذه الشجرة عنوان لكتاب بحجم الأرض، صفحاته مليئة بما قدمه زايد، وبما أنجزته العبقرية من ملاحم، قل مثيلها في تاريخ الناس، هذه الشجرة امرأة بعباءة خضراء، في عرس الوطن، تصفق أغصانها ويعزف الورق، تحية للمجد المجيد، والعهد السديد، والتاريخ التليد، والرجال الأوفياء، ونبلاء الوطن الذين سقوا الأخضر من عرق الجبين، ومدوا العشب بقوة سواعد لا تلين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غافة الهيلي غافة الهيلي



GMT 22:31 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

كبير الجلادين

GMT 22:30 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

التغيير في سورية... تغيير التوازن الإقليمي

GMT 22:29 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أحاديث الأكلات والذكريات

GMT 22:29 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

هل مع الفيروس الجديد سيعود الإغلاق؟

GMT 22:28 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

سوريا... والهستيريا

GMT 22:28 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

لا يطمئن السوريّين إلّا... وطنيّتهم السوريّة

GMT 22:27 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

هيثم المالح وإليسا... بلا حدود!

GMT 22:26 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

جرعة تفاؤل!

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 19:42 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:03 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

"بهارات دارشان" رحلة تكشف حياة الهند على السكك

GMT 11:22 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تظهر بوزن زائد بسبب تعرضها للأزمات

GMT 14:04 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد بن زايد يفتتح معرض فن أبوظبي 2013

GMT 06:44 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نشر كتاب حول أريرانغ باللغة الإنكليزية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates