حقوق الإنسان نكسات وثقة
آخر تحديث 22:57:01 بتوقيت أبوظبي
الثلاثاء 27 أيار ـ مايو 2025
 صوت الإمارات -
أخر الأخبار

حقوق الإنسان... نكسات وثقة

حقوق الإنسان... نكسات وثقة

 صوت الإمارات -

حقوق الإنسان نكسات وثقة

بقلم : د. آمال موسى

تحتفل المجموعة الدولية، الثلاثاء المقبل، باليوم العالمي لحقوق الإنسان. وهو احتفال دأبت عليه من تاريخ ديسمبر (كانون الأول) 1948، لنقل إنه أكثر الأيام الدولية شهرة ووجاهة رغم كل الصفعات التي تلقتها منظومة حقوق الإنسان وفكرها.

ويبدو لنا أن هذه المناسبة فرصة لاستعادة الثقة في فكر حقوق الإنسان والتمييز بين مشروعية هذه الحقوق ومصداقيتها الفكرية من جهة، وممارسات بعض الدول والأطراف التي تعتدي على هذه الحقوق وتحول الخطاب حولها والدعوة إليها مسألة مشكوكاً فيها وأقرب ما يكون إلى الضحك على الذقون، من جهة أخرى.

طبعاً، شهدت حقوق الإنسان نكسات من تاريخ الإعلان العالمي عنها إلى اليوم. وهي حقوق منتهكة من تاريخ البشرية والصراع البشري والهيمنة، ذلك أن المشكل الأساسي يكمن في ثقافة الهيمنة. ويؤكد تاريخ البشرية أن الطرف المهيمن يمارس الهيمنة بفعل استشعار القوة؛ لذلك فهو يسمح لنفسه بانتهاك حقوق الإنسان، بمعنى أن القوي حقوقه محفوظة وكأن خطاب حقوق الإنسان هو خطاب الضعفاء وذوي المراتب الضعيفة.

إذن؛ جاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ليخرج حقوق الإنسان من دائرة القوة والضعف والهيمنة وليعمل على تعميمها على الجميع ضعفاء وأقوياء. ولكن حياة البشرية القائمة على فكرة الصراع والشد والجذب وعلاقات القوة لم تترك مسار ثقافة حقوق الإنسان يتبلور كما يجب ويقطع المسافات الطويلة في النضاليات المتعددة رغم أن الإعلان العالمي ظهر في أوج تداعيات الاستعمار وجاء لينصر الشعوب المحتلة وليكون أداة أممية قوية في أيادي النخب المدافعة عن حرية شعوبها وحقها في تقرير مصيرها. أي أن الأهوال التي نالت من كرامة الشعوب المستعمرة، كانت السبب المباشر وراء انبثاق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، خاصة أن إرث الحربين العالميتين من القتلى والجرحى والمعاقين كان ثقيلاً وموجعاً ودليلاً دامغاً على حجم انتهاك حقوق الإنسان في الحربين العالميتين وفي الشعوب المحتلة.

أيضاً من المهم وضع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في سياقه التاريخي التأسيسي، حيث بدأ فلاسفة الأنوار بإعلاء شأن العقل والحرية والإنسان، فكان ميلاد الحداثة والفردانية والثورات الفكرية وكانت الشرارة الأقوى مع الثورة الفرنسية، التي مثلت قطيعة تاريخية مع فكر، كان يحتفي بالمؤسسات الكليانية، وميلاد زمن فكري جديد يركز على الفرد وحقوقه ورفاهيته.

لذلك؛ فإن مسألة حقوق الإنسان ليست أداة للزينة بقدر ما هي نتاج تراكم من التجارب والآلام انتهت إلى الوعي بضرورة بناء ثقافة إنسانية جديدة تقوم على حقوق الفرد، الإنسان، مقسمة إلى حريات عامة وأخرى فردية.

هذا مع التذكير بأن الاستعمار بأشكاله التقليدية يكاد يقتصر على فلسطين المحتلة اليوم من العدوان الإسرائيلي اليوم، واتخذ الاستعمار القديم تمظهرات أكثر التباساً وتعقيداً، الجامع بينها علاقة الهيمنة وشروطها.

وبصراحة شديدة، فإن الحديث عن حقوق الإنسان تحول من خطاب نضالي حقوقي مشرف، إلى خطاب يثير التندر ويبعث على الشعور بالقهر، خاصة عند من يتم الاعتداء على حقوقهم باسم حقوق الإنسان أو من يتعرضون للتنكيل اليومي بكرامتهم وحقوقهم بغطاء دولي وتحالفات تقوي المعتدي، وكأن العالم يكرم المعتدي على حقوق الإنسان ويكتفي بالفرجة على ضحايا حقوق الإنسان. ولعل المثال الدامغ في هذا السياق هو ما يحصل في قطاع غزة من مجازر وعدد الأرواح من الأطفال والنساء التي انتهكت بآلة الحرب الإسرائيلية. ليس سهلاً الثقة بحقوق الإنسان وبالمنظمات التي تدعي حمايتها والعالم يتفرج على قتل آلاف الأطفال والنساء.

وإن كان ما يحدث في قطاع غزة وما عرفه الصراع العربي الإسرائيلي من انتهاكات لا يمكن عدها، إنما يمثلان الوجه البدائي المباشر للاستعمار والغطرسة، فإن أشكالاً أخرى من الانتهاكات باتت اليوم تملأ شوارع العالم وتفرغ فكر حقوق الإنسان من معناه: تسول الأطفال والاتجار بالبشر وجثث الشباب العربي والأفريقي التي لفظها البحر... كلها مشاهد أضعفت من مصداقية النخب التي ما زالت رغم كل النكسات المتتالية والمستمرة تثق في خطاب حقوق الإنسان وتؤمن أن الطريق طويلة وأن المعالجة لا يمكن أن تكون إلا شاملة. وإذا استثنينا الانتهاكات الموجهة ضد حقوق الإنسان في الحروب فإن شرط المساواة الذي يمثل قلب ثقافة حقوق الإنسان إنما يعرف انتهاكات يومية بفعل الفقر والجوع والحرمان من التعليم الجيد وخدمات الصحة.

لذلك؛ فإن العلاقة بين التنمية المستدامة وحقوق الإنسان علاقة عضوية وجدلية تفاعلية.

الفقر انتهاك لحقوق الإنسان.

المس من حرية التنقل انتهاك لحقوق الإنسان.

وكي ننعم بحقوقنا نحتاج إلى مناخات بذل الجهد والعمل وخلق الثروة لبلوغ رفاهية الحياة وجودتها الجالبة لكل ما هو جيد. فحقوق الإنسان مؤشر لقياس جودة الحياة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حقوق الإنسان نكسات وثقة حقوق الإنسان نكسات وثقة



GMT 23:50 2025 السبت ,24 أيار / مايو

قرن بلا مؤلف... حتى الآن

GMT 23:50 2025 السبت ,24 أيار / مايو

العربُ في خضم زمن جديد

GMT 23:49 2025 السبت ,24 أيار / مايو

بين حضور الرئيس وانصرافه!

GMT 23:49 2025 السبت ,24 أيار / مايو

أسرار المال الديني

GMT 23:48 2025 السبت ,24 أيار / مايو

يقف وظهره للحائط

GMT 23:47 2025 السبت ,24 أيار / مايو

أغرب ما يُطيل العُمر

GMT 23:47 2025 السبت ,24 أيار / مايو

فخ البيت الأبيض!

GMT 23:46 2025 السبت ,24 أيار / مايو

يا لبؤس العرب

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة ـ صوت الإمارات
اجتمعت عاشقات الموضة الشهيرات في الوطن العربي خلال الساعات والأيام الماضية على تفضيل اللون الأسود لتزيين أحدث ظهور لهن، حيث تكاثفت إطلالات النجمات المتألقات بالأزياء السوداء، وزينت مواقع التواصل الإجتماعي، وطغت على اختياراتهن الأناقة والتفاصيل المعاصرة، كما تنوعت تلك الأزياء بين ما يناسب النزهات الصباحية، وأخرى للسهرات، ولأنه اللون المفضل في كل المواسم دعينا نلقي نظرة على أحدث إطلالات النجمات، لعلها تلهمك لاختيار إطلالتك القادمة على طريقة واحدة منهن. إطلالة نانسي عجرم ملكة البوب العربي نانسي عجرم عادت لصيحتها المفضلة في أحدث ظهور لها، من خلال اختيار موضة الجمبسوت المرصع الذي تفضله كثيرا في حفلاتها، ولم تتخل الفنانة اللبنانية عن لونها المفضل الذي رافقتها مؤخرا بكثير وهو اللون الأسود، حيث اختارت جمبسوت مرصع كليا بالت...المزيد

GMT 10:27 2018 الخميس ,31 أيار / مايو

ثعبان البحر الشفاف كائن بحري غريب

GMT 18:30 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

مُواصفات "عين دبي" أعلى عجلة ترفيهية في العالم

GMT 03:17 2019 الخميس ,28 آذار/ مارس

طائرة الكويت تقتنص درع الدوري

GMT 23:13 2019 الأربعاء ,13 آذار/ مارس

"جوزو" المكان الأفضل لقضاء شهر عسل مثالي

GMT 17:45 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

الفاصوليا الحمراء مع الطماطم

GMT 02:03 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

طريقة لحذف الأوامر الصوتية لمساعد Google Assistant

GMT 18:21 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

دراسة علمية مثيرة تشعل جدلًا جديدًا بشأن" بلوتو"

GMT 15:49 2013 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

الغناء الجماعي يجعل ضربات القلوب متناغمة

GMT 17:45 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

رئيس البنك الدولي يتوقع تغيرات في أسواق العمل

GMT 07:32 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

مخرج إماراتي يكشف عن فيلم سينمائي عن "عموري"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates