حلول زائفة لمشكلة حقيقية

حلول زائفة لمشكلة حقيقية

حلول زائفة لمشكلة حقيقية

 صوت الإمارات -

حلول زائفة لمشكلة حقيقية

بقلم : أمير طاهري

رغم أنَّ الحرب، أو بالأحرى الحروب، التي أشعلتها جماعة «حماس» ضد إسرائيل لم تنتهِ بعد، شرع المحللون المتحذلقون على الساحة العالمية، بالفعل، في تنظيم جوقة صاخبة كي يملوا على أبطال الأحداث الجارية ما يجب وما لا يجب عليهم فعله.

الحقيقة أن قرار آية الله علي خامنئي بإطلاق صواريخ ضد إسرائيل، في محاولة لإنقاذ ماء الوجه، أدى إلى توسيع رقعة المعركة، بدلاً من تقليصها، في وقت تغطي المعركة بالفعل مساحة كبيرة من الشرق الأوسط، وصولاً إلى اليمن.

والآن، ما يزال من السابق لأوانه أن نقرر ما إذا كان آية الله قد وقع في فخ نُصب له، لإجباره على الدخول في صدام مباشر مع إسرائيل، الأمر الذي حاول تجنبه بوضوح. ومع هذا، يبقى هناك أمر واحد مؤكد: لقد فشلت سياسته التي استمرت ثلاثين عاماً في استغلال وكلاء باهظي التكلفة لإبعاد الحرب عن إيران. والآن، قد يضطر إلى خوض معاركه بنفسه.

وبحسب إلى أي مدى تصل هذه الخطوة الأخيرة من جانب خامنئي، فإنها قد تضع مصير نظامه على المحك.

واللافت أن أولئك الذين حولوا الشعور بالمظلومية، حقيقياً كان أو متخيلاً، إلى المعيار الوحيد لتوزيع التعاطف الزائف، يريدون من إسرائيل أن تنهي الأمر، وتكتفي بوقف إطلاق النار، حتى لو لم تتنازل الأطراف الأخرى، والمقصود هنا: «حماس» و«حزب الله» و«الحشد الشعبي» والحوثيون و«الإمام» علي خامنئي، عن هدفهم الذي أعلنوه منذ عقد، والمتمثل في «محو الكيان الصهيوني» من الخريطة.

ويزعم بعض حلفاء إسرائيل، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، أنه، بعد كل ما فعلوه ضد «حماس» و«حزب الله»، حان الوقت الآن لقادة إسرائيل للحصول على وقفة استراحة.

وذهب آخرون، مثل بريطانيا العظمى، إلى أبعد من ذلك، بإعلان وقف بيع الأسلحة لإسرائيل كعصا للتشجيع على وقف إطلاق النار.

وتدعو أصوات أخرى، بينها بعض الأصوات داخل إسرائيل، إلى وقفة على أمل إقناع «حماس» بالإفراج عن الرهائن، و«حزب الله» بوقف الهجمات الصاروخية على القرى اليهودية.

لقد أدى السكين الذي تُرك في الجرح عام 1948، إلى سكاكين أخرى أكبر تركت جروحاً أعمق عام 1967. وأسفرت حروب إسرائيل العديدة في مواجهة «حماس» و«حزب الله»، رغم أنها كانت على نطاق أصغر نظرياً، عن وقوع أعداد أكبر من الضحايا، وتسببت في جروح أكبر مما فعلته حربا 1948 و1967. وبالمثل، أسفرت الحروب الدائرة اليوم، التي بدأت منذ ما يقرب من عام، عن سقوط أعداد أكبر من الضحايا مما فعلته حرب روسيا في أوكرانيا المشتعلة منذ نحو عامين.

ومثلما أن المأساة التي لا تكمل مسارها للنهاية لا تصبح مأساة بالمعنى الحقيقي، وإنما تجابه مخاطرة التحول إلى كوميديا سوداء، فإن الحرب التي لا يُسمح لها بإنجاز ما يتعيّن على الحروب إنجازه؛ بمعنى خلق منتصرين ومهزومين واضحين، تتحول إلى مجرد إهدار للدماء والثروات.

الملاحظ أن دورية «فورين أفيرز» الأميركية تقترح إنشاء دولتين فلسطينية وإسرائيلية جنباً إلى جنب، لكن من دون حدود، ما يسمح لمواطني كل منهما بالإقامة في أي من الدولتين. ومن غير الواضح مَن سيكون «الكيان الخالق» للدولتين المتخيلتين، ما يحول الفلسطينيين والإسرائيليين إلى مجرد أشياء.

من جهته، قال رئيس الجمهورية الإسلامية، مسعود بزشكيان، إن السلام لا يمكن أن يتحقق إلا إذا جرى نزع سلاح إسرائيل وإيران، ونشر قوة دولية في الشرق الأوسط.

ويزعم حكماء صحيفة «نيويورك تايمز» أن إحياء «الاتفاق النووي»، الذي أبرمه أوباما مع طهران، من شأنه أن يحل المشكلة، وبالتالي تحميل الملالي الإيرانيين المسؤولية ضمناً عن الحروب المستعرة الحالية.

منذ الحرب العالمية الثانية، شهدنا اشتعال عشرات الحروب، الكبيرة والصغيرة، وجميعها انتهت عندما فعلت الحرب ما يُفترض أن تفعله؛ أي تحديد من المنتصر ومن المغلوب. وبالتالي، السماح بظهور وضع قائم جديد قادر على توفير الاستقرار، إن لم يكن السلام الدائم.

ربما يؤدي تدمير الأثاث داخل الجامعات، وحرق العلمين الإسرائيلي والأميركي، إلى لحظات من البهجة والسرور، لكن من غير المرجح أن يمهد الطريق نحو السلام.

من بين الأوهام التي سادت بين المثقفين الفرنسيين اليساريين، القرن الماضي أو نحو ذلك، اعتقادهم بحكمة ديكارتية مفادها أن كل مشكلة لا بد أن يكون لها حل في متناول اليد، وكل ما نحتاج إليه إيجاد الحل وتطبيقه.

إلا أنه في الحياة الواقعية، ثمة مشكلات لا يوجد لها حل في غضون فترة زمنية ومساحة مكانية معقولة. وفي مثل هذه الحالات، يخاطر المرء باستحضار حلول بديلة من النوع الذي تشير إليه دورية «فورين بوليسي» وصحيفة «نيويورك تايمز»، ووزير الخارجية الفرنسي الجديد جان نويل بارو، الذي يقترح إعطاء الأولوية لإعادة بناء لبنان.

وقد تسفر الخطوة التي أقدم عليها خامنئي عن إشعال صدام حقيقي بين رؤيتين للشرق الأوسط؛ فآية الله يريد أن يجعل المنطقة كلها تبدو وكأنها جمهوريته الإسلامية. في المقابل، أعلن بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، في خطاب ناري ألقاه الأحد، عن طموحه إلى جعل الجمهورية الإسلامية تبدو مثل بقية المنطقة؛ أي إجبارها على ابتلاع الحبة المريرة المتمثلة في قبول إسرائيل باعتبارها واقعاً قائماً.

ورغم خطر الظهور وكأنني جزء من نفس الجوقة التي أستنكرها، هل يجوز لي أن أقترح على نتنياهو أن يغلق هاتفه الجوال أمام كل أولئك الذين يأملون في التشكيك بالمسار الذي تبنّاه، والذي يتلخص في السماح للحرب الحالية بتحديد الفائزين والخاسرين بشكل واضح؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حلول زائفة لمشكلة حقيقية حلول زائفة لمشكلة حقيقية



GMT 04:15 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

بيت من زجاج

GMT 04:14 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترامب والبعد الصيني – الإيراني لحرب أوكرانيا...

GMT 04:14 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب ومشروع تغيير المنطقة

GMT 04:13 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا جرى في «المدينة على الجبل»؟

GMT 04:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

طبيبة في عيادة «الترند»!

GMT 04:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ولاية ترمب الثانية: التحديات القادمة

GMT 04:11 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

GMT 04:10 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

بين قاهر.. وقاتل

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 21:47 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالله بن زايد يستقبل وزير الشؤون الخارجية في الهند
 صوت الإمارات - عبدالله بن زايد يستقبل وزير الشؤون الخارجية في الهند

GMT 21:21 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك
 صوت الإمارات - الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 21:21 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد
 صوت الإمارات - نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد

GMT 21:21 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات
 صوت الإمارات - غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات

GMT 14:42 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 17:17 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 19:08 2015 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

طقس فلسطين غائمًا جزئيًا والرياح غربية الأربعاء

GMT 02:06 2016 الأربعاء ,03 شباط / فبراير

"سامسونغ" تطلق Galaxy S7 قريبًا

GMT 14:46 2014 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلاق كتاب للشيخة اليازية بنت نهيان بن مبارك آل نهيان

GMT 22:58 2015 الأربعاء ,01 إبريل / نيسان

سامسونغ تربح المليارات والفضل للهاتف "S6"

GMT 14:40 2017 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

كلاب الدرواس تهاجم الناس وتقتل المواشي في مقاطعة صينية

GMT 07:31 2013 السبت ,24 آب / أغسطس

الصين ضيفة شرف معرض إسطنبول للكتاب

GMT 04:15 2016 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

ديمو P.T يعاد تطويره في لعبة Dying Light

GMT 09:00 2015 الثلاثاء ,21 إبريل / نيسان

شركة "سوني" تكشف رسميًا عن هاتفها "إكسبريا زي 4"

GMT 06:14 2014 الإثنين ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

كوثر نجدي تطرح مجموعة جذّابة من فساتين السهرة

GMT 05:31 2018 الأحد ,18 شباط / فبراير

نادي الفروسية في الرياض ينظم حفل سباقه الـ"52"

GMT 11:23 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

جمعية "أم القيوين" الخيرية تتفاعل مع المسنين في عام زايد

GMT 14:49 2016 الخميس ,03 آذار/ مارس

المخ يدخل في صمت عندما نتحدث بصوت عال
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates