أكتوبريات أوكرانيا

أكتوبريات أوكرانيا

أكتوبريات أوكرانيا

 صوت الإمارات -

أكتوبريات أوكرانيا

بقلم - عبد المنعم سعيد

قبل عام من الآن، كتبت سلسلة من المقالات تحت عنوان «أكتوبريات»، فى أيام 17 و24 و31 أكتوبر، تناولت ذكرياتى عن حرب أكتوبر ١٩٧٣، وتعليقاتى على أمور ترتبط بها فى الماضى والحاضر. كان ولا يزال جيلنا يرتبط بالمناسبة لأنها ليست فقط جزءًا من التاريخ، وإنما لأنها كانت ولا تزال جزءًا من الحياة. هذا العام اكتفيت بالتعليق عبر منصات إعلامية ربما فى انتظار العام القادم حينما يمر نصف قرن على المناسبة العظيمة. ولكن أحداث الأزمة/ الحرب الأوكرانية شدتنى إلى الكثير من المقارنات التى تنقسم إلى قسم للمشابهات، وآخر للاختلاف.

بالطبع يمكن وضع الحرب الراهنة كلها فى القسم الثانى باعتبارها تجرى فى زمن غير الزمن وعصر غير العصر؛ ولكن المتابعة ربما تقود إلى إلقاء أضواء على ما جرى، وما يجرى. حرب أكتوبر ١٩٧٣ كانت مفاجأة وفق كل المقاييس وقتها، ليس فقط لأنها فاجأت إسرائيل وإنما فاجأت الولايات المتحدة ودول العالم والدول العربية، بل الشعب المصرى. فى مصر لم تكن المفاجأة لشك فى أن مصر سوف تسترد أراضيها يومًا، وبقدرات قواتها المسلحة بالتأكيد، وإنما لأن مؤشرات الحرب كانت مختلفة تمامًا عما كان عليه الحال فى عام ١٩٦٧. الحالة الأوكرانية كانت ملتبسة، فرغم الحشود الروسية على الحدود الأوكرانية قبل الحرب، فإن الولايات المتحدة أعلنت بشكل فيه الكثير من اليقين أن الحرب قادمة، بل طرحت على العالم الخطة الروسية للغزو. ولكن العالم لم يصدق، فكانت المفاجأة أن المفاجأة حدثت رغم عشرات الدفوع التى أكدت أن الاعتماد المتبادل بين المعسكرين الغربى والشرقى فى العالم يجعل هذه الحرب نوعًا من الجنون لأن جميع أطرافها خاسرون. ومع ذلك حدثت الحرب.

وسواء فى الحرب المصرية أو الحرب الأوكرانية، فإن كلتيهما عكست حالة من الصمود والاستعداد للمواجهة العسكرية لاسترداد أرض محتلة. كانت الحرب المصرية والعربية فى عمومها بكامل قناة السويس فى مصر والجولان فى سوريا قد فجرت المعارك ضارية على كافة الجبهة الجغرافية. فى الحالة الأوكرانية كان لابد من مواجهة ثلاثة اتجاهات للهجوم الروسى، فكانت البداية فى معركة «كييف»، وتلتها معركتا الشرق والجنوب حيث إقليم «الدونباس» ومقاطعة «خيرسون». فى مصر جرَت المعركة عبر حلقات زمنية، فقد بدأت فور انتهاء عمليات يونيو ١٩٦٧ عندما جرَت معركة «رأس العش»، قبل نهاية شهر يونيو، لكى لا يكتمل الاحتلال الإسرائيلى لسيناء. وفى سبتمبر ١٩٦٧، ولأول مرة فى التاريخ العسكرى البحرى، تم إغراق المدمرة «إيلات» عن طريق صاروخ بحر- بحر انطلق من قارب مصرى للصواريخ. فى أوكرانيا جرى الأمر بشكل مختلف عندما جرى تدمير الطراد الروسى «موسكوفا» فى البحر الأسود معلنة إياه ساحة للقتال.

فى العموم كان القتال فى الحربين مفاجأة، وكان أهم مظاهرها هو استخدام أسلحة دفاعية فى أصولها بطريقة هجومية. وفى الواقع فإن ما جرى التدريب عليه واستخدامه فى حرب أكتوبر ١٩٧٣ من أسلحة مضادة للدبابات وصواريخ أرض جو أصبح عبر ما يقرب من نصف القرن أسلحة هجومية فعالة شكلت الفارق الزمنى بين الحربين، وأعطت لأوكرانيا قدرات فائقة لتدمير المدرعات من خلال صواريخ «جافلين»، ومواقع القيادة والذخائر والمدفعية من خلال المدفعية الصاروخية «هيمارس»، وكلها كانت حاسمة مع الهجوم المضاد الأوكرانى. الحربان كانت فيهما «لحظة نووية»، وجرَت هذه فى الأولى عندما طلب الرئيس السادات تدخل الاتحاد السوفيتى والولايات المتحدة لتثبيت وقف إطلاق النار، واستجابت موسكو للطلب، ورفضت واشنطن، ولكن الأولى وضعت قوات لها فى وضع الاستعداد، وأرسلت سفنًا فى اتجاه بورسعيد تحمل أسلحة إما كانت نووية أو فيها مواد مشعة تكفى لكى تقرأها أدوات التجسس عند المرور من مضيقى البوسفور والدردنيل فى تركيا. ساعتها، قررت الولايات المتحدة رفع درجة استعدادها النووى إلى أعلى درجة لها منذ أزمة الصواريخ الكوبى DEFCON 3. فى الحرب الحالية فإن التهديدات النووية الروسية جاءت فى البداية غامضة، مشيرة إلى أن روسيا مستعدة للسير إلى نهاية المدى لكى تحقق النصر، ولكن سرعان- خاصة بعد أن بدأت القوات الروسية فى التراجع شمالًا وجنوبًا، وبعد التفجير فى جسر «كيرتش»- ما أصبحت التهديدات الروسية أكثر صراحة، حيث طالب «قديروف» القائد العسكرى الشيشانى القيادة الروسية باستخدام الأسلحة النووية التكتيكية. من بعدها توالت التصريحات المشيرة إلى ذلك والرد الأمريكى عليها بأنها نقلت إلى الجانب الروسى ما سوف يحدث عندما تستخدم هذه الصواريخ. فى القصة الأولى انتهى الأمر إلى المفاوضات؛ وفى الثانية لا يزال الجمع منتظرًا إما التفاوض أو الحرب العالمية الثالثة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أكتوبريات أوكرانيا أكتوبريات أوكرانيا



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates