زيارة خاطفة إلى الرياض

زيارة خاطفة إلى الرياض

زيارة خاطفة إلى الرياض

 صوت الإمارات -

زيارة خاطفة إلى الرياض

عبد المنعم سعيد
بقلم - عبد المنعم سعيد

 ليس سهلًا أن تتذكر هذه الأيام موعد آخر زيارة للمملكة العربية السعودية. كانت المرة الأخيرة جزءًا من سلسلة زيارات مهرجان الجنادرية السنوى، الذي كان خليطًا من الثقافة والتفاعل مع الكثير من الجنسيات، وكانت مهمتى في آخر الجولات المشاركة في جلسة تأبين خالد الذكر، الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودى، الذي كانت له علاقات وأفضال لا تُنسى على مصر. كان المعتاد في مثل هذا المحفل أن يكون ممتلئًا بالمفكرين والكُتاب وأساتذة الجامعات من الرجال والنساء القادمين من بلدان عديدة. كان الانفصال كاملًا بين الجنسين، الرجال في القاعة الرئيسية، أما النساء فكن في قاعة علوية تأتى منها الأسئلة والتعليقات. في هذه المرة الأخيرة حدث تطور لم يكن متصورًا، نزلت المُفكرات وكاتبات الرأى وأساتذة الجامعات من القاعة الخفية إلى حلبة الفكر والتفكير. أظنها كانت واحدة من أولى البشارات بأن شيئًا جديدًا يجرى في المملكة محصلته تغيير عميق، أظنه ثورة متعددة الأبعاد الاقتصادية والسياسية والاجتماعية جرى السير فيها بحزم وعزم وطالت البشر والحجر. تغيرت الجغرافيا والتاريخ كما لم يتغيرا من قبل، وجاء التجديد الفكرى مقدمًا لعلاقات بين الدين والدولة تعبر جسورًا كثيرة. أما الجسر الأعظم فقد كان أن تكون السعودية دولة وطنية حديثة يتساوى فيها الأمير والفقير، والرجل والمرأة، والأغلبية والأقلية، ويمتد تاريخها قدر ما امتد قبل الإسلام من حضارات عظيمة، وبعده بتأسيس المملكة في ٧٢٧ ميلادية، وحاضره يشمل البشر والحجر ما بين الخليج العربى والبحر الأحمر. ما جعل دعوة الصديق والكاتب السعودى المرموق، «مشارى الذايدى» مقبولة. لم يكن الحديث في برنامجه عن العلاقات المصرية السعودية فحسب، وإنما مشاهدة ما يجرى في دولة أصبح لها ذكر وسمعة في محافل عالمية كان متصورًا أنها بعيدة كل البُعد عن الدولة بُعد السماء السابعة.

مقالات متعلقة

    التجربة السعودية

    مرجعية الحوار الوطنى

    ما الجديد فى الأزمة الأوكرانية؟!

بدأت رحلتى في الصباح الباكر من منزلى في غرب القاهرة إلى مطار القاهرة الدولى في شرقها بمعدل غير مسبوق في سرعته، أربعين دقيقة فقط لا غير، بعد أن كان الزمن يفوق الساعة ونصف الساعة أو الساعتين، في أيام يكون فيها الازدحام قدَرًا، وأظن أن هذا المعدل سوف يقل إلى نصف الساعة بعد اكتمال أعمال الطرق الحديثة في مصر. ذكرت ذلك لأن ما جاء بالخاطر امتد عندما خرجت من مطار الرياض الدولى، حيث بدَت النهضة الحالية تسير كما لو كانت على نفس الطريق الذي جئت منه في القاهرة علامة على امتداد العمران وتجديده على مدى البصر حاضرًا وعفِيًّا. كانت المرة الأولى التي أتيت فيها إلى الرياض بمناسبة مرور ٢٥ عامًا على إنشاء صحيفة الشرق الأوسط الغراء حينما لاحظت أن العاصمة السعودية فيها برجان: أولهما قديم يسمى الفيصلى، والثانى حديث للغاية هو برج المملكة. وجدت البرجين هذه المرة يزاحمان السماء في اتساعها وارتفاعها. والمرجح مما رأيت من إنشاءات أنه بعد عام سوف تكون الأعداد مضاعَفة. ولكن العمران وانتشاره في جميع أنحاء المملكة، كما هو الحال في مصر، ليس هو كل القصة السعودية لأن الأخبار سوف تتوالى ليس فقط عن كل ما يواكب العمران من حضر وترفيه، ولكن عن أن السعودية سوف تنفق أموالًا طائلة على تنمية قطاع السياحة كواحد من أهم مقترباتها لتنويع مصادر الاقتصاد الوطنى.

السياحة ليست قطاعًا عاديًّا، فهو يفترض درجات عالية من المهارة في التواصل الإنسانى، وتنوعًا كبيرًا في المناطق السياحية ما بين المتعة الشخصية، والثقافة الإنسانية، وكل ذلك فيه الكثير من الانفتاح والجدية. وإذا كانت السياحة تبدأ دائمًا بالمطار فإنه في الرياض يعكس أولًا درجة عالية من التكنولوجيا، خاصة في مجال الاستخدام المتنوع للذكاء الاصطناعى في فرز الضيوف والحقائب، وبسرعة لم أجدها في نيويورك ولا بوسطن ولا هيوستن. وثانيًا أن العاملين في المطار من الرجال والنساء يمارسون عملهم بهمة وعزم يختفى فيهما النوع تمامًا ولا يبقى إلا الجدية في أداء الوظيفة. وثالثًا إذا كانت السياحة تقوم على التفاعل الإنسانى فإن الفنون تكرس ذلك وتُبقيه في أطر سامية. وخلال سنوات قليلة وجدت السعودية لنفسها موطئ قدم في إنتاج الفنون المختلفة من السينما إلى المسرح إلى الفن التشكيلى إلى الموسيقى والغناء في ظل مناخ من الإبداع والتلقائية الشعبية، التي كثيرًا ما يتم استنكارها في مجتمعات أخرى. البحر الأحمر يبدو وكأنه يقسم بين السعودية ومصر، وتخطيط الحدود البحرية يبدو كما لو كان يقسم البحر، ولكن السياحة متكاملة بين شاطئيه، وفى هذا التكامل توجد واحدة من أهم الأسواق السياحية في العالم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زيارة خاطفة إلى الرياض زيارة خاطفة إلى الرياض



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates