طهران قمة ثلاثية أم لقاءات ثنائية

طهران... قمة ثلاثية أم لقاءات ثنائية

طهران... قمة ثلاثية أم لقاءات ثنائية

 صوت الإمارات -

طهران قمة ثلاثية أم لقاءات ثنائية

بقلم - مصطفى فحص

يقاوم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين محاولات الغرب عزل بلاده، فيعاود الرهان مجدداً على الجغرافيا السياسية التي حكمت علاقات الروس؛ قياصرة كانوا أم سوفياتاً، بجيرانهم التقليديين جنوباً (الأتراك والإيرانيون)؛ علاقات لم يكن ممكناً وصفها يوماً ما بـ«حسن الجوار» مهما بالغ المشاركون بقمة طهران في نجاحها. فلقاء المتناقضات الذي جرى يوم الثلاثاء الماضي بين الرئيس بوتين والرئيس التركي رجب طيب إردوغان والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أشبه بقمة دُبرت على عجل، كانت أضعف من أن تؤسس لمعادلة جيوسياسية جديدة في واحدة من أكثر المناطق تعقيداً في العالم والأكثر تأثيراً وتأثراً بالصراعات الدولية.
في قمة أو لقاءات طهران، يصعب الحديث عن إنجازات تعزز العلاقات بين الأطراف الثلاثة المجتمعة، لذلك انحصرت نتائجها في اللقاءات الثنائية، وذلك بسبب حجم التناقضات بينهم، فما جمع طهران وموسكو أولاً هو عداؤهما للغرب؛ الأمر الذي يفرض عليهما ضرورة التعاون للوقوف في وجه مشروعاته التوسعية التي تهدد أمنهما القومي، فالطرفان يبحثان عن ملاذات اقتصادية آمنة تساعدهما على تخطي العقوبات الأميركية والأوروبية، إضافة إلى قائمة طويلة من الخدمات المتبادلة، تبدأ من مفاوضات فيينا النووية؛ مروراً بسوريا، حتى غاز المتوسط، وصولاً إلى مساعدة طهران في حل أزمة روسيا التقنية، خصوصاً في موضوع الطائرات المسيرة وتقنيات عسكرية أخرى تحتاجها موسكو، لكن هذه القائمة من الخدمات لا تنفي أن طهران، رغم إعلان مرشدها انحياز بلاده الكامل لموسكو في حربها مع أوكرانيا، لا تزال ترتاب من بعض المواقف الروسية في الاتفاق النووي، ومن غض الطرف الروسي عن العمليات العسكرية الإسرائيلية في سوريا، ويبقى القلق الروسي الأكبر من الغاز الإيراني الذي يشكل بديلاً سريعاً لغازها على الرغم مما قيل عن اتفاقيات كبيرة عقدتها «غازبروم» الروسية في طهران.
المفارقة أن موقف موسكو وطهران من الغرب، يتناقض مع الموقع السياسي والاستراتيجي لشريكهما الثالث في القمة، فأنقرة؛ العضو في «حلف شمال الأطلسي»، والتي تنازعهما على النفوذ في سوريا، وتزاحمهما في جنوب القوقاز ووسط آسيا، لا يمكن أن تكون شريكاً كاملاً لهما، وهي في موقع النقيض الكامل من قضايا جوهرية تتبناها طهران وموسكو، وبرز ذلك في الضغط عليها لوقف العملية العسكرية في سوريا، وفي دعوتها إلى التنسيق مع نظام الأسد لحماية حدودها، كما أن إردوغان؛ الذي قام بترميم علاقاته مع جواره العربي، لا يمكن أن يفرط في هذه العلاقات، خصوصاً مع الخليج، في ظروف اقتصادية صعبة تمر بها بلاده، أو يذهب إلى الاندماج أكثر في علاقة مع دولتين تأخذان منه أكثر مما قد تعطيانه. كما لا يمكن لطهران وموسكو التعويل على تموضع تركي جديد؛ حيث تراعي أنقرة ضرورات موقعها الجغرافي في السياسة والأمن، ولكن لا يمكن لها التخلي عن ارتباطاتها الأوروبية والأميركية والعربية، وهذا لن يناسب طهران ولا موسكو مستقبلاً، إضافة إلى أن انخراط أنقرة في قضايا إقليمية عدة حساسة بالنسبة إلى طهران وموسكو سيعقد من إمكانية ترميم الثقة معها، كما لا يمكن لها الخضوع لابتزازات إيرانية في سوريا، وروسية في القوقاز؛ الأمر الذي سيفرض عليها في لحظة معينة اتخاذ قرارات استراتيجية صعبة، قد لا تتناسب مع مصالحها الجيوسياسية.
وعليه؛ في طهران لم تكن اللقاءات الثنائية أو الثلاثية توحي بالثقة، وحتى المصالح كانت محدودة وظرفية، والابتسامات المتبادلة تخفي إمكانية خيانة محتملة، لذلك لا يمكن التعويل على لقاء تسيطر على الحاضرين فيه هواجس تاريخية مرتبطة بصراعات نفوذ إمبراطورية لا تزال مستمرة إلى الآن ولكن بأشكال مختلفة... صراعات وتناقضات تجعل من كل محاولات ترميم الثقة أو تعزيزها بينهم صعبة، وذلك لأسباب لم تعد مجهولة، تبدأ من تراكمات تاريخية بين العواصم الثلاث؛ يتداخل فيها السياسي بالعقائدي والمصالح مع النفوذ، من التدخل في سوريا، مروراً باستقرار جنوب القوقاز، وصولاً إلى الحرب الأوكرانية، وانتهاء بالقلق الدائم من الغرب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طهران قمة ثلاثية أم لقاءات ثنائية طهران قمة ثلاثية أم لقاءات ثنائية



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates