بقلم -طارق الشناوي
كلمة طائشة من المطربة شيرين.. وتوصيف (طائشة) تعبير مهذب جدًا وأقل ما يمكن أن يقال عن شيرين، التى كثيرًا ما وعدت الجمهور بأنها سوف تغلق فمها بـ(سوستة) ولن تفتحها إلا فقط عندما تغنى.. إلا أنها بين الحين والآخر تنسى وعدها، فنكتشف أن أكبر عدو لصوت شيرين هو لسان شيرين.
مؤكد أن السياق الذى استخدمته للتعبير عن فرط السمنة الذى تعيشه هو الذى دفعها لأن تتذكر الموسيقار الكبير حسن أبوالسعود، قالت: (كنت زى القمر فأصبحت حسن أبوالسعود).. فى البداية، أعلنت أسرة الموسيقار الكبير الغضب وعدم تقبلهم اعتذار شيرين، وبعد ذلك تفهمت الأسرة حُسن نوايا شيرين والتى تقودها دائمًا للجحيم.
وفى لحظات، امتلأ (النت) بموسيقى أبوالسعود وأغنياته، وكأن الناس تقدم اعتذارها للفنان الكبير الذى أصبحنا نادرًا ما نتذكره أو نتناول إبداعه. كان بارعًا فى كل الأنماط الموسيقية، يضع الموسيقى التصويرية للعديد من المسلسلات، وأكثرها شعبية مثل (لن أعيش فى جلباب أبى)، ومن المؤكد أنه من أكثر الملحنين الذين صنعوا اسم أحمد عدوية، وأشهر أغانيه مثل (بنت السلطان)، وستجد أيضا الأفلام الشعبية التى قدمها المخرج على عبدالخالق مع الكاتب محمود أبوزيد (الكيف) و(العار) و(البيضة والحجر).
عرفت الأستاذ حسن كموسيقار ونقيب، وأشهد بكرمه الزائد فى مساعدة الموسيقيين ومن جيبه الخاص، كما أنه وقف بجانب العديد من المطربين فى بداية حياتهم، ومن بينهم شيرين، فقد لحن لها (ما تجرحنيش).
ابن بلد، ومثقف، والده عازف كلارينت، وخرج من شارع محمد على وبدأ المشوار كعازف (أوكرديون) متمرس، ثم عزف العديد من الآلات مثل (الأورج) بعد أن درس الموسيقى أكاديميًا.
كان يعانى قطعًا بسبب وزنه الزائد وإصابته بالسكرى، ولا أظنه كان ملتزمًا بتعليمات الأطباء.. وهكذا توفى قبل أن يبلغ الستين بثلاث سنوات، كان يعانى من صعوبة فى الحركة، وأتذكر أننى كنت أقدم برنامجا على قناة (الأوربت)، وكان ينبغى أن يدلى برأيه فيما يخص إعانة كبار الموسيقيين، وحضر إلى موقع التصوير مستعينا باثنين من مساعديه على الميمنة والميسرة.. ورغم معاناته الصحية إلا أنه لم يفقد أبدا روح الدعابة مع الجميع، فلقد كان من أكثر ملحنى جيله شهرةً.
كان رشيقًا فى إبداعه، ومتعدد أيضا فى مذاقه النغمى، مثلا (آسف حبيبتى) راغب علامة، (أصعب حب) خالد عجاج، و(طول عمرى باسمعهم) عاصى الحلانى، و(لما النسيم) محمد منير، و(لو بتحب) هانى شاكر.. وغيرها.
الكلمة الطائشة التى نالها الفنان الكبير أيقظت على الفور ذاكرة عشاقه، فأعادوا تقديم ألحانه على (النت).. تلك هى السقطة التى ارتكبتها شيرين وتستحق عليها الشكر، لأن الرد جاء فوريًا من (السوشيال ميديا)، التى تؤكد أن أبوالسعود لا يزال حيًّا يُرزق رغم مرور 15 عامًا على الرحيل.
لم يُعاير أبناء حسن أبوالسعود، شيرين، بشىء مما تعوده الورثة، مثل احتضان أبوالسعود لها فى بدايتها وكانت تأتى إلى بيته فقيرة معدمة.. على العكس أعجبتنى رشا ابنة الأستاذ حسن عندما تجاوزت الإساءة لثانى مرة، حيث إن شيرين قبل أسابيع قالت إنها نادمة على غناء لحن أبوالسعود (متجرحنيش).. هل ستُصلح شيرين بصوتها ما أفسدته بلسانها وتغنى فى أول حفل لها (ماتجرحنيش)؟!!.