فاروق حسنى وتسجيل التاريخ

فاروق حسنى وتسجيل التاريخ

فاروق حسنى وتسجيل التاريخ

 صوت الإمارات -

فاروق حسنى وتسجيل التاريخ

بقلم -طارق الشناوي

جاءنى تليفون، قال لى المتحدث: «سوف يتواصل معك الوزير فاروق حسنى». هل يحتاج الفنان الكبير فاروق حسنى إلى أن يسبقه لقب وزير أو رئيس وزراء؟!.. اسمه مجرد فى الضمير الجمعى، صار لقبًا له حُضوره الدائم، ونجومية لا تعرف سوى المزيد من النجومية.. وجاءنى صوته المميز الذى لا تخطئه أذن.

من الشخصيات التى بدأت أقدّر عطاءها بعد أن غادروا الموقع فاروق حسنى. أنا مثل كثيرين يشعرون دائما بأنهم يقفون على الجانب الآخر من المسؤول. لا أتذكر على مدى أكثر من عشرين عامًا تولى فيها حقيبة الوزارة إن كان بيننا قدر من التوافق إلا فيما ندر.

مع الزمن بدأت أتلمس تفاصيل إيجابية فى شخصيته وقراراته، أهم اكتشاف لفاروق حسنى أنه لم يكن يمارس وظيفة وزير، بل اتضح لى عمليا ومن خلال العديد من المواقف أن العطاء الثقافى موهبة أصيلة وهواية (جينات) يحملها. أتاحت له الظروف فى مرحلة زمنية أن يعتلى كرسى الوزارة، فصارت الهواية احترافًا. تواجده على الكرسى مكّنه فقط من اختصار الزمن فى كثيرٍ من القرارات التى تحتاج إلى تحطيم (التابوهات) فى توقيت فارق. بعد 23 عاما - فى سابقة استثنائية- كان ينبغى أن يودّع الموقع الوزارى، إلا أنه لم يتوقف عن العطاء، رصد كل إمكانياته فى إقامة مسابقات للعديد من الموهوبين، ولديه مؤسسة نشطة جدا فى هذا المجال الحيوى، ودون أى مساعدة من أحد يتحمل كل الأعباء، بدأت أُعيد رسم (بورتريه) مختلف للفنان الكبير.

مثلًا ولا أدرى كيف كنت أتصور أنه تركيبة نرجسية تسعى لاحتكار الضوء، مؤكد أننى رأيت جانبًا واحدًا دفعنى لتبنى رؤية خاطئة، عدد كبير من معاونيه وبعضهم صار وزيرا قال لى إنه عمل معه ربع قرن ولم يلحظ أبدا على سلوكه أى ملامح نرجسية، العكس هو الصحيح. بين الحين والآخر علينا أن نعيد (تفنيط) أوراق مشاعرنا، وأول ما نفعله أن نبتعد عن الاستسهال فى إصدار الأحكام ونجهد أنفسنا فى استجلاب الحقيقة.

جاءنى صوت الفنان الكبير فاروق حسنى عبر التليفون ليقدم لى زاوية مختلفة جدا لم أكن أعرفها عن المطربة آمال ماهر، الفنانة الوحيدة طوال زمن الرئيس الأسبق مبارك التى أعطى أوامره لكى تتبناها الإذاعة المصرية.

قال لى الفنان الكبير إنه أول من استمع إلى صوتها فى حفلٍ كانت تقيمه الثقافة الجماهيرية فى ليالى رمضان باسم (كلثوميات)، وأنه استشعر أنه أمام حالة غير قابلة للتكرار، وطلب من المايسترو مصطفى ناجى رئيس دار الأوبرا تبنيها، إلا أنه اكتشف أن القرار لم يُنفذ، وبدأت رحلتها من خلال وزارة الإعلام.

كان يراها البعض مجرد استعادة لزمن (الست) من خلال مراهِقة لم يكن عمرها وقتها قد تجاوز الثالثة عشر، وضاعت عليها فرصة الاكتشاف المبكر، الإذاعة المصرية لجأت للاستثمار الخاطئ.

تفاصيل عديدة فى حياتنا ربما للوهلة الأولى لا تستشعر أهميتها، ولكن مع استعادة اللحظة نكتشف خلالها أننا لا ندرى سوى وجه واحد، حتى ما يبدو أنه لن يغير فى الحقيقة شيئا.

يكفى أن أرى وجهًا آخر لمسؤول كبير كان فاعلًا ومؤثرًا فى حياتنا الثقافية التى امتزجت فى عناقٍ أبدىّ مع المؤثرات الاجتماعية والفنية والسياسية، وتحتاج حقًا لوميض خاص لإجلاء الحقيقة.. أتمنى أن نستعيد مجددًا قراءة التاريخ مع الفنان الكبير فاروق حسنى.. وبعد مرور كل هذا الزمن لا يجوز أن يصبح هناك (مسكوت عنه)!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فاروق حسنى وتسجيل التاريخ فاروق حسنى وتسجيل التاريخ



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates