بيلوسي ووباء الكراهية في الجمهورية الأمريكية

بيلوسي ووباء الكراهية في الجمهورية الأمريكية

بيلوسي ووباء الكراهية في الجمهورية الأمريكية

 صوت الإمارات -

بيلوسي ووباء الكراهية في الجمهورية الأمريكية

بقلم - إميل أمين

تُرى أي مهدد خارجي يمكن أن يتربص بالولايات المتحدة الأمريكية، ومستقبل أجيالها، في العقود القادمة؟

يحاجج الكثير من المراقبين للمشهد الأمريكي بأن روسيا ومثلما ورد في إستراتيجية الأمن القومي الجديدة، تمثل خطرا كبيرا، فيما الصين تبقى الخطر الأكبر، وربما تخشى واشنطن من القيادة الهوجاء لكوريا الشمالية، ورؤوسها النووية المنقلتة.

بجانب تلك المهددات، تبدو أزمات الطاقة العالمية، وفي تقدير واشنطن بنوعه خاص، أحد الهواجس المتعلقة بأوضاعها الاقتصادية، الأمر الذي ينعكس حكما على أحوال التضخم والركود، وزيادة الأسعار في الأسواق الأمريكية.

والشاهد أن كل تلك الأسباب لها وجاهتها، وبحال من الأحوال فإنها ستدفع واشنطن في طريق المزيد من العناد، بهدف الحفاظ على قطبيتها الدولية المنفردة.

لكن الحقيقة المؤكدة، والتي تقطع بالقلق في العمق الأمريكي، هي تلك الموصولة بالنسيج المجتمعي الأمريكي، والذي صمد لعقود طوال، في وجه التحديات الخارجية والداخلية، لكن المشهد الآن يبدو مغايرا، وإلى الحد الذي يجعل البعض يتخوف من أن أمريكا على عتبات الحرب الأهلية...لماذا هذا الحديث الآن؟

حكما إن ما جرى قبل بضعة أيام من اقتحام أحد المتطرفين اليمينيين لمنزل رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، ومحاولة استهداف حياتها، بات يعكس مقدار الهول الكبير الذي ينتظر البلاد والعباد، على عتبات انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأمريكي في الثامن من نوفمبر تشرين الثاني المقبل.

والحادث أن الولايات المتحدة الأمريكية، لم تشهد استقطابا حادا في التوجهات السياسية، وإن بمسحات ولمسات من العنف الدموي، بقدر ما تعيشه هذه الأيام، الأمر الذي يضع الأمريكيين أولا، وبقية العالم ثانيا، أمام استحقاقات علامة استفهام جذرية مفادها: "إلى أين تمضي جمهوريتهم، تلك التي كانت حتى وقت قريب مدينة فوق جبل، تضيء للعالم الجالس في الظلمة وظلال الموت، ديمقراطية وحقوقا إنسانية، ورعاية للأفكار الإنسانوية.
هل داء ووباء الكراهية الذي بات منتشرا في المجتمع الأمريكي، موصول فقط بأزمنة الانتخابات السياسية، أم أن المشهد له علاقة ما بالأجواء المجتمعية الأمريكية، حيث العنف يتصاعد في أعلى عليين، يوما تلو الأخر؟

من الواضح للغاية أن هناك أمرا خطيرا في النفسية والعقلية الأمريكية، أمر له علاقة بالجذور المؤسساتية للدولة الأمريكية، فقد بنيت الولايات المتحدة من قبل الرجل الأبيض، على أنقاض الهيكل المجتمعي للجماعة البشرية الأصلية، أي الهنود الحمر، حيث تم استخدام الأسلحة المتقدمة، لإبادة سكان البلاد الأصليين.

ولعل المتابع لتطورات المشهد الأمريكي في السنوات الأخيرة، يدرك وبعمق تفشي ظاهرة العنف المسلح، كردات فعل على منطلقات مجتمعية صراعية، في مقدمها عودة الصراع العرقي مرة جديدة، ويكاد المجتمع الأمريكي يقترب من القتل على الهوية، بل إن هذا ما حدث بالفعل في الأشهر الماضية وتحديدا بالقرب من نيويورك.

قبل أيام من انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، تكاد وسائل التواصل الاجتماعي، والتكنولوجيا الرقمية، أن تلعب دورا خطيرا في إثارة الجماهير في الداخل الأمريكي، وإلى الحد الذي دفع بعضا من أهم العقول الأمريكية، للتحذير من المستقبل الدموي، والذي بدأت إرهاصاته مع حادث الاعتداء على منزل نانسي بيلوسي، وقد كان الضحية زوجها عوضا عنها لغيابها خارج المنزل.
في تحذيرات مخيفة قبل بضعة أشهر، حذر روبرت كاغان صاحب مشروع القرن الأمريكي للمحافظين الجدد، من التبعات الخطيرة لهذه الانتخابات، تلك التي ستجري برسم الثأر، بين الأمريكيين وبعضهم البعض، الثأر لنتيجة الانتخابات الرئاسية الأخيرة 2020، والتي لا يزال الملايين من الأمريكيين يؤمنون بأنه جرى تزويرها قولا وفعلا.

لم يكن كاغان وحده من ذهب هذا المذهب، بل انضم إليه، رجل العولمة الأشهر توماس فريدمان، والذي توقف طويلا عند الدور الذي يلعبه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، في تأجيج مشاعر المؤيدين له من الجمهوريين، والمآلات المؤلمة التي يمكن للأمريكيين أن ينجرفوا في طريقها، وبخاصة إذا قرر ترامب الترشح للرئاسة الأمريكية 2024.
هل سيتم اللجوء إلى السلاح في الداخل الأمريكي، خلال الأيام المقبلة لحل الخلافات السياسية التي ستنشب على هامش الاقتراع لانتخابات كل أعضاء مجلس النواب، وثلث أعضاء مجلس الشيوخ، وعدد 36 من حكام الولايات؟

للأسف يظهر الكثير من استطلاعات الرأي أن أكثر من نصف الأمريكيين يتوقعون مواجهات أهلية بين الأمريكيين وبعضهم البعض، والعهدة على صحيفة الديلي ميل.

تبدو مخاوف الرجل الأبيض واضحة للعيان بشكل غير مسبوق، فعلى سبيل المثال بات يؤمن أكثر من 40% من عينة استطلعت آراؤها، أن وجود "زعيم قوي"، أكثر أهمية من الديمقراطية، وأن "المهاجرين يزيحون السكان البيض، وهو اعتقاد عنصري يعرف باسم "نظرية الاستبدال العظيم".
في استطلاع الديلي ميل عينه، نجد الحديث دائرا، وربما حائرا، عن تزايد النزعة بين الأمريكيين لتسوية الخلافات السياسية بالعنف، فلم يستبعد خمس المستطلعين أن "يتسلحوا بسرح ناري"، في حال اندلاع نزاع سياسي في السنوات لمقبلة، ولم يستبعد 4 في المائة منهم أن "يستخدموا السلاح ضد خصومهم".

هل ستتحقق تنبؤات عالم السلام والاجتماع والسياسة النرويجي الأشهر، يوهان غالتونغ، عما قريب؟
بدون تطويل ممل، فإن البروفيسور غالتونغ، هو الرجل الذي حدد بالمواقيت والأزمنة موعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وقد صدق بالفعل في هذا، وهو نفسه من وضع موعد الانتخابات الأمريكية القادمة 2024 كنهاية لزمن الاتحاد الفيدرالي الأمريكي، ومرد الأمر عنده، انتهاء مفاعيل نظرية،" بوتقة الانصهار "، أي إسدال الستار على فكرة أمريكا المعين الحضاري الذي يقبل الآخر، ويحل محلها، فكرة أمريكا الجاكسونية والذي يقود حكما للمواجهات الداخلية العرقية.

تبدو الأيام القليلة القادمة منعطفا مصيريا في التاريخ الأمريكي المعاصر، وبقدر ما المشهد يهم الآخرين، فإنه وبنفس القدر مهم جدا لبقية دول العالم، حيث عدم استقرارها يعني المزيد من اضطراب العالم المضطرب أصلا، إلى حين إشعال آخر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بيلوسي ووباء الكراهية في الجمهورية الأمريكية بيلوسي ووباء الكراهية في الجمهورية الأمريكية



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates