صباح الأحد الماضي، وعبر مكالمة هاتفية، تحدث الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، مع شبكة «إن بي سي (NBC)» التلفزيونية الأميركية عن أحلامه في الفوز بولاية رئاسية ثالثة، انطلاقاً من أن «كثيرين يريدون مني أن أفعل، لكنني أقول لهم ببساطة إن أمامنا طريقاً طويلة، وأنا أركز على وضعي الحالي».
هل نفى ترمب فكرة الولاية الثالثة، التي بدأت بما يشبه المزحة، مع الأخذ في الحسبان أن ترمب كثيراً ما استخدم بعضاً منها بالونات اختبار، وهو ما بان جلياً في لقائه الأول بعد فوزه بالولاية الثانية مع رئيس وزراء كندا، حين مازحه بفكرة ضم كندا إلى الولايات المتحدة؟
لعله يتوجب علينا قبل الجواب النظر إلى الدستور الأميركي، حيث نجد «التعديل الـ22» ينص على أنه لا يجوز انتخاب أي شخص لمنصب الرئيس أكثر من مرتين، وقد جاء هذا التعديل رد فعل على 4 دورات رئاسية خاضها الرئيس فرنكلين روزفلت في المدة من 1933 وحتى 1945.
كان هدف التعديل هو منع الرؤساء من البقاء في مناصبهم لأكثر من ولايتين، ومع ذلك، فقد جادل البعض من أنصار ترمب بأنه ربما يحق له الترشح لولاية ثالثة؛ لأن ولايتيه لم تكونا متصلتين، وهو ما لا يتحدث عنه التعديل صراحة.
وقال ترمب إنه يحب العمل، وعندما سُئل عما إذا كان قد عُرضت عليه خطط تسمح له بالترشح لولاية ثالثة، قالها صراحة: «هناك طرق يمكن عبرها فعل ذلك».
الطريق إلى ولاية ثالثة تعني أول الأمر حتمية تغيير الدستور الأميركي، وهذه عملية بالغة الصعوبة، لا سيما في ظل الصراعات الداخلية والخارجية الواسعة، التي أطلق سيد البيت الأبيض شرارتها في أقل من مائة يوم.
يتطلب تغيير أي بند من بنود الدستور الأميركي إما تصويت ثلثي أعضاء الكونغرس، وإما موافقة ثلثي الولايات على الدعوة إلى عقد مؤتمر دستوري لاقتراح التعديلات، ويستدعي أي من الإجراءين تصديق 3 أرباع الولايات.
يبدو واضحاً أن فكرة التغيير البنيوي في الدستور الأميركي أمر صعب جداً، غير أن تصريحات ترمب منذ أيام تفتح الباب واسعاً أمام سيناريو «الديمقراطية الترادفية» أو «باب الديمقراطية الدوار».
سألت قناة «إن بي سي (NBC)» الإخبارية الأميركية ترمب عن سيناريو محتمل لترشح نائب الرئيس جي دي فانس، ثم تسليم المنصب لترمب، فأجاب: «هذه إحدى الطرق»، مضيفاً: «لكن... هناك آخرون أيضاً».
هل نحن أمام لغز جديد من ألغاز الرئيس غير المتوقع؟
مثير شأن التاريخ، «الذي لا يعيد نفسه»، لكن عند ترمب يمكن أن تتكرر أحداثه، لا سيما أن هناك إعجاباً كبيراً أبداه صاحب المكتب البيضاوي مؤخراً بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقد يرغب في اتباع ما مارسه حين تعاون مع رئيس وزرائه سابقاً ديميتري ميدفيديف، فقد كان الدستور الروسي عام 2008 يمنع على بوتين الترشح لأكثر من ولايتين، وكي لا يبدو في أعين الغرب مستبداً، أتاح الفرصة لميدفيديف كي يصل إلى الحكم لمدة 4 سنوات، ثم يعود في 2012 للحكم، قبل أن يغير الدستور ليبقى حاكماً مدى الحياة.
يعني ذلك باختصار أننا قد نرى على تذكرة الجمهوريين في انتخابات 2028 «فانس رئيساً وترمب نائباً»، وحال فوز فانس، وتوليه منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) 2029، يمكن أن يستدعي «التعديل الـ25» بإخطار رئيس مجلس النواب والرئيس المؤقت لمجلس الشيوخ بأنه غير قادر على أداء واجبات الرئيس، ولن يحتاج إلى تقديم أي سبب أو دليل على هذا العجز، وساعتها سيعود ترمب رئيساً لولاية ثالثة.
هنا يبدو واضحاً خيار نائب الرئيس المؤدلج دي فانس، لكن ماذا قصد ترمب بـ«الآخرين»؟
باختصار قد يلجأ ترمب إلى ترشيح شخص موثوق به من أفراد عائلته، وهو ما فعله جورج والاس حاكم ألاباما عام 1966، فأمام شعبيته وانسداد الطريق القانونية لترشحه لأكثر من ولايتين، رشح زوجته لورلين، التي فازت بأغلبية ساحقة، وبدا المشهد وقتها ملكياً جداً، بمعنى أن السيدة لوريل، كما ملكة بريطانيا، للحفلات والتشريفات، وهو «كرئيس وزرائها» صاحب العمل على الأرض.
لن تصلح ميلانيا ترمب؛ السلوفينية الأصل، في محاكاة لورلين والاس، لكن ابنة ترمب؛ إيفانكا، أو أياً من عائلة ترمب يمكن أن يفعل.
هل دارت عجلة الولاية الثالثة بالفعل؟
قبل أيام، صاغ النائب الجمهوري آندي أوجلز، من ولاية تينيسي، قراراً يدعو إلى تمديد حدود الولاية الرئاسية لترمب، فيما ستيف بانون؛ القطب اليميني الضارب، القريب إلى قلب ترمب يقطع بأنه سيفوز من جديد في 2028.