المانيفستو السياسي للإدارة الأميركية
آخر تحديث 23:56:48 بتوقيت أبوظبي
الجمعة 2 أيار ـ مايو 2025
 صوت الإمارات -
أخر الأخبار

المانيفستو السياسي للإدارة الأميركية

المانيفستو السياسي للإدارة الأميركية

 صوت الإمارات -

المانيفستو السياسي للإدارة الأميركية

بقلم - إميل أمين

 

أحد أهمّ التساؤلات المطروحة على الساحة السياسية الأميركية الداخليّة من جهة، والدوليّة من جهة أخرى هو: "ما الذي تسعى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى تحقيقه، وهل لديها رؤية وأجندة ما تسعى لإدراكها، أم أنها إجراءات عشوائيّة تنطلق مرة ذات اليمين، وأخرى ذات اليسار؟
المؤكَّد أنه بالنسبة للقوى العظمى، لا يوجد موقع أو موضع للفكر العشوائيّ، لا سيما إذا كان الأمر يخص الولايات المتحدة الأميركية، مالئة الدنيا وشاغلة الناس.
ولعل المتابع لإدارة الرئيس ترمب وهي على حدود المائة يوم الأولى، يدرك تمام الإدراك أن هناك الكثير من التوجهات التي لم تكنْ حاضرة في ولايته الأولى، سِيَّما في غياب الكثيرين من أفراد أسرته، الذين لعبوا دورًا مهمًّا ومتقدّمًا في الولاية الأولى.
في هذا الإطار، ربّما يتوجّب على الساعي لمعرفة اتجاهات الرياح للسنوات الأربع القادمة في الداخل الأميركي، والتي بدأت في الهبوب بالفعل على مختلف زوايا الأرض، أن يتابع بعناية واحدة من أهم مؤسسات الفكر الأميركية، التي تشكل القلب النابض لإدارة الرئيس الأميركي، ونعني بها "مؤسسة التراث"، والتي تبدو وكأنّها من قام بكتابة "مانيفستو" أو بيان الإدارة الحالِيَّة لقادم الأيام.
على أنه قبل الدخول في عمق القراءة الخاصة بهذا الإعلان، ربما ينبغي علينا التذكير بأن هناك مراكز فكريّة بعينها في الداخل الأميركي، تلعب من وراء الستار أدوارًا فاعلة في رسم وإدارة الخطط السياسية للرؤساء وللوزارات الأميركية الفاعلة.
على سبيل المثال، مَثَّلَ معهد العلاقات الخارجية في نيويورك ولعقود طوال، الدفة الرئيسة لقيادة البيت الأبيض ورسم معالم وملامح للعديد من الرؤساء الأميركيين.
بالقدر نفسه، كانت ولا تزال مؤسسة مثل "راند" قلب البنتاغون النابض، حيث الخبراء الثقات الذين يتم استشارتهم أبدًا ودومًا من جانب خبراء البنتاغون.
تُعَدُّ مؤسسة التراث، أو "هيرتاج فاونديشن"، مركزًا متقدمًا لليمين الجديد، المختلف في التكتيك عن المحافظين الجدد، وإن كان يشاكلهم في الاستراتيجيات العميقة.
يحتاج الحديث عن هذه المؤسسة ومجلس إدارتها وخبرائها إلى قراءات مُعمَّقة، لا سيما أنّهم المسؤولون عن تقديم جي دي فانس، نائب ترمب إلى الأمة الأميركية، ولا نغالي إن قلنا إنَّهم دون أدنى شكٍّ في طريقهم لتهيئته لانتخابات الرئاسة الأميركية 2028، ما لم يكسر ترمب كافَّةَ التقاليد والأعراف، بل والدستور الأميركي بالترشُّح لولاية ثالثة، وهذه قضية لنا معها عودة في قراءة لاحقة.
تبدو هذه المؤسسة هي من شَكَّلَتْ عمق أعماق تطلعات ومشتهى قلب الرئيس ترمب وجماعته الحاكمة، ما ظهر منها على سطح الأحداث، وما خفي في قاع الدولة الأميركية غير الظاهرة.
في مقدمة الأهداف التي بلورتْها هذه المؤسسة فكرة مواجهة ومجابهة الدولة الأميركية العميقة، المكونة من بيروقراطِيّين غير منتخبين وجماعات مصالح خاصة تتجاهل بانتظام إدارة الشعب بتقويض أو تجاوز قرارات المسؤولين المنتخبين. وهذا يضعف ثقة الشعب الأميركي بحكومته.
لم يَعُدْ سرًّا أن هيرتاج تدعم الإدارة الأميركية الجديدة في جهودها لفرض سيطرتها الفعليّة على البيروقراطية الفيدرالية، وكبح جماح الدولة الإدارية وإصلاحها، ووضع حدٍّ للانتهاكات التي تمارس على الحريات المَدَنيَّة للأميركيين، واستعادة التميُّز والكفاءة في العمليات الحكومية.
أما عن أهمّ الخطوط الخاصّة بالسياسات الخارجية لإدارة ترمب، فتتمثل في التخطيط الجادّ والجدّيّ لمواجهة الحزب الشيوعيّ الصينيّ، المعتبر اليوم أكبر خطر يواجه الشعب الأميركي.. ما الذي يخطط له خبراء هيرتاج بالنسبة للصين؟
بحسب القراءات الصادرة عن المركز، سيسعى هيرتاج إلى فصل سلاسل التوريد الرئيسية والقطاعات الرئيسية في الاقتصاد الأميركي عن النفوذ الصيني. كما سيكشف الشركات الأميركية التي تمارس الضغط لصالح العملاء الصينيين، وسيعمل على وقف تدفق الفنتانيل من الصين الذي يقتل 100 ألف أميركي سنويًّا.
عطفًا على ذلك سيعمل خبراء هيرتاج على وضع سياسات لمواجهة هجوم الصين على المصالح والقيم الأميركية، وتطوير اقتصاد مقاوم للصين، وضمان جاهزيَّة الجيش لمواجهة أيّ تهديدات قد تشكّلها الصين في المستقبل.
الذين يتابعون المشهد الأميركي في الوقت الحاضر، يتساءلون عن الدور الذي يقوم به إيلون ماسك، وكيف لرجل المخترعات الكهربائية والصواريخ الفضائية، أن يتحول دفعة واحدة إلى مسؤول مكتب DOGE أو مكتب الكفاءة الحكومية الأميركية المنوط به توفير 2 تريليون دولار من المصروفات الحكومية.

الواقع الذي يغيب عن أعين الكثيرين، أنّ ماسك ينفذ رؤى هيرتاج فاونديشن ليس أكثر، والتي تذهب إلى أن الإنفاق الحكومي واللوائح التنظيمية والتضخم عبء على جميع الأميركيين، وخاصة الأسر العاملة التي تكافح من أجل تلبية احتياجاتها.
هنا يبدو واضحًا أنّ مشروع التراث سوف يعمل على طرح مخطَّط لتقليص حجم ونطاق الحكومة الفيدرالية، وإنفاق قدر أقلّ من أموال الأميركيين، وإنقاذ البلاد من السقوط في الهاوية المالية.
من بين أهمّ القضايا التي يوليها خبراء هيرتاج اهتمامًا فائقًا تأتي قضايا الهجرة والمهاجرين غير الشرعيين.
يحاجج التراثيون بأنّ الحفاظَ على سيادة القانون، أمر بالغ الأهمية لدولةٍ ذات سيادة ومجتمع منظم.
وعندهم أن الشعب الأميركيّ يستحق أن يعيش بسلام دون تسلل مهاجرين غير شرعيين عبر الحدود الأميركية.
هنا ربما يَعِنُّ لنا أن نتساءل هل يخفي أصحاب التراث هؤلاء غرضًا في أنفسهم لا يفهمه إلا الراسخون في الشأن الأميركي؟
مؤكَّدٌ أن هناك قصة معقَّدة تتخفى وراء هذا الغرض، ويمكن تلخيصها في الخوف الديموغرافي الذي يكاد يجتاح الرجل الأبيض، ذلك أنه بحسب التقديرات الأميركية سوف يتراجع الواسب، أي الأميركيين البيض البروتستانت من أصول إنجليزية، إلى ما وراء 40% من سكان أميركا بحدود العام 2040، هذا إذا بقيت معدلات تدفقات المهاجرين الأجانب على النحو العالي، لا سيما من أميركا الجنوبية، وربما لهذا يفكر الرئيس ترمب في بسط سلطاته على كندا وضَمّها إلى الولايات المتحدة، ذلك لأن الأمر يعني إضافة قرابة 30 مليون رجل أبيض إلى سكانه فيما يمكن أن يضبط الميزان السكانيّ المختلّ بصورة أو بأخرى.
هنا يبدو أن مؤسسة التراث تسعى لاتّخاذ خطوات على المستوى الفيدراليّ ومستوى الولايات لاستعادة سيادة القانون وتوفير الرسائل لتشجيع إنفاذ القانون، وهي عبارات منمّقة بل وغامضة، الهدف الرئيس من ورائها هو اتّخاذ إجراءات تتجاوز المعتاد لوقف الزحف على البلاد.
ومن الموضوعات المهمة القائمة على مانيفستو إدارة ترمب، أوضاع التصويت الانتخابي، وما يشوب الأمر من اضطرابات وعدم وضوح، وقد يكون ذلك خطوة في طريق تعبيد الطريق للتصويت لترمب لولاية ثالثة.
يقول القائمون على الأمر: سيعيد هريتاج الثقة بالانتخابات ويحمي حقَّ التصويت لجميع الأميركيّين من خلال الدعوة إلى إصلاحات منطقية على مستوى الولايات والمستوى الفيدراليّ، مثل اشتراطات الجنسية الأميركية للتصويت، وإنهاء ممارسة التصويت التفضيليّ، ومعارضة ما يسمونه نخب واشنطن على الانتخابات الأميركية على المستوى الفيدرالي.
هل يمكننا وبدون مغالاة اعتبار هريتاج عقل إدارة ترمب الرئيس؟
ربما يحتاج الجواب إلى قراءة قادمة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المانيفستو السياسي للإدارة الأميركية المانيفستو السياسي للإدارة الأميركية



GMT 05:55 2025 السبت ,03 أيار / مايو

“يا ولاد الكلب”

GMT 05:53 2025 السبت ,03 أيار / مايو

سوريا الجديدة ومسارات التكيّف والتطويع

GMT 05:49 2025 السبت ,03 أيار / مايو

رحلة الإنسان .. نسيان وغفران

GMT 05:41 2025 السبت ,03 أيار / مايو

نهوض الدولة الوطنية والمستقبل

GMT 01:48 2025 الجمعة ,02 أيار / مايو

التونسية في السجن

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ صوت الإمارات
النجمة المصرية ياسمين صبري مع كل ظهور لها عبر حسابها على انستجرام، تنجح في لفت الانتباه بإطلالاتها الجذابة التي تبدو خلالها أنيقة واستثنائية، كما أن إطلالاتها على الشاطئ تلهم المتابعات لها باختيارات مميزة يسرن من خلالها على خطى نجمتهن المفضلة، فدعونا نرصد أجمل الأزياء التي ظهرت بها ياسمين على الشاطئ من قبل وتناسب الأجواء النهارية والمساء أيضًا. إطلالات باللون الأبيض تناسب أجواء الشاطئ من وحي ياسمين صبري النجمة المصرية خطفت الأنظار في أحدث ظهور لها خلال تواجدها في المالديف؛ بإطلالة ناعمة للغاية ظهرت فيها بفستان أبيض بتصميم عملي ومجسم ووصل طوله حتى منطقة الكاحل، مع الحمالات الرفيعة وفتحة الصدر غير المنتظمة، وتزين الفستان بفتحة ساق جانبية طويلة، كما أكملت أناقتها باكسسوارات ناعمة وأنيقة اللون الأبيض حليف ياسمين صبري في ...المزيد

GMT 20:55 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:57 2021 الأحد ,17 تشرين الأول / أكتوبر

صقر غباش يستقبل رئيس شركة هواوي لمنطقة الشرق الأوسط

GMT 05:02 2020 الأربعاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

برلماني تونسي يتهم الجريء بمخالفة الميثاق الأخلاقي للفيفا

GMT 03:16 2020 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

الفجور وأنواعه

GMT 03:01 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على على قواعد اتيكيت التواصل في أماكن العمل

GMT 00:44 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سلسلة اغتيالات تطال مسؤولين محليين في ديالى خلال ساعات

GMT 17:08 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

تغيّرات كبيرة في تصميم هاتف "Xperia XZ4" من "سوني أكسبيرا"

GMT 00:12 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

النصر يلحق الهزيمة الأولى بشباب الأهلي في دوري السلة

GMT 13:32 2015 الإثنين ,26 تشرين الأول / أكتوبر

مصير المهاجرين ومشاكلهم في أحدث ألعاب الفيديو السويسرية

GMT 17:27 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

حريق جديد بمبنى مخصص لإيواء لاجئين في ألمانيا

GMT 11:09 2014 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

قراصنة تستهدف شبكات الألعاب وتهاجم خدمة PlayStation Network

GMT 11:13 2013 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

التلفزيون المصري يخصِّص برامجه لإحياء ذكرى حرب أكتوبر

GMT 14:58 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

أهم الصيحات الجديدة في عالم الموضة لعام 2018

GMT 22:38 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

الكونفدرالية من جديد

GMT 15:26 2014 الأربعاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

الوطني للأرصاد يختتم مشاركته في معرض توعية 2014

GMT 08:47 2017 الأحد ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

"الأدباء والكتاب العرب" يدين العملية الإرهابية في سيناء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates