طائرة مسيَّرة في دبي

طائرة مسيَّرة في دبي

طائرة مسيَّرة في دبي

 صوت الإمارات -

طائرة مسيَّرة في دبي

بقلم - سليمان جودة

لا يكاد المتابع للحرب الروسية على أوكرانيا يصدق، أن روسيا عاجزة على إحداث اختراق مهم في الجبهة الأوكرانية، وأن كل ما أحدثته من اختراق لا يتجاوز المناطق الأربع التي ضمتها إلى الأراضي الروسية. وحتى هذه المناطق الأربع، ليست اختراقاً بمقاييس الاختراقات التي نعرفها بين الدول؛ لأن الضم جرى في صورة استفتاء بين سكان المناطق الأربع، ليظهر الاستفتاء ومن بعده الضم، على أنهما عن اختيار لا عن إجبار.
وفي الغالب لن تهنأ موسكو بالمناطق المنضمة إليها، لا لشيء، إلا لأن العالم سيظل لا يعترف بعملية الضم نفسها، مهما كانت طبيعة الاستفتاءات التي نظمتها روسيا بين سكان هذه المناطق.ولأن روسيا أكبر دولة من حيث المساحة في العالم، ولأن مساحتها ضعف مساحة الولايات المتحدة، فالمسألة بالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ليست بحثاً عن مساحة مضافة إلى دولة تضيق أرضها بها؛ إذ ما أكثر مساحات الأرض بغير حدود لدى الروس، ولكن المسألة هي في تلك الفكرة الإمبراطورية التي يبدو أنها تسيطر عليه.
ولكن الجديد حقاً أن يقال إن الضربات العنيفة التي وجهتها روسيا إلى العاصمة الأوكرانية كييف في مرحلة ما بعد ضرب جسر القرم، كانت تستعين بطائرات مسيَّرة إيرانية، وإن إيران أمدت الروس بعدد كبير من هذه الطائرات في صيف هذه السنة.
وهذه الطائرات هي نفسها التي استخدمها الحوثيون من قبل في استهداف مناطق في المملكة العربية السعودية، وهي أيضاً التي استخدموها في وقت سابق في استهداف مناطق في العاصمة الإماراتية أبوظبي على مرأى من العالم.
إنني أذكر أن الطائرات المسيَّرة باعتبارها وسيلة، كانت قد عُرضت على الحاضرين في إحدى دورات مؤتمر القمة الحكومية، الذي ينعقد منذ فترة سنوياً في دبي، ولكن شتان ما بين الطائرات التي رأيناها على إحدى شاشات المؤتمر، وبين هذه الطائرات الإيرانية التي تحلّق مرة على الجبهة الروسية - الأوكرانية، ومرة تعربد في أرجاء المنطقة العربية القريبة من إيران على الخريطة.
الطائرات التي شاهدها جمهور القمة الحكومية كانت طائرات لأغراض سلمية واضحة، وبطريقة لا لبس فيها ولا غموض، وكانت طائرات تخدم الناس وتقضي مصالحهم، وكانت تجنّبهم الزحام في الطرق العامة، وكانت تصل بالخدمات الحكومية إلى حيث يقيم المواطن في بيته، من دون أن يكون في حاجة إلى الانتقال إلى مكان الخدمة ليحصل عليها.
في إحدى دورات القمة الحكومية تابعنا طائرة مسيَّرة تقلع من مكانها، ثم تتوجه إلى عنوان جرى توجيهها إليه مسبقاً، وفي النهاية كانت تهبط في حديقة بيت فيتقدم منها صاحبه ويفتح صندوقاً فيها، ومنه يتسلم رسالة جاءته إلى بيته حيث يسكن ويقيم، بغير أن يكون في حاجة إلى أن يغادر مكانه إلى حيث يحصل على الرسالة التي تسلمها.
وكانت الطائرة تعود فتقلع من حديقة البيت وفق نظام «جي بي إس» الذي تعمل على أساسه، وكانت ترجع إلى حيث أتت، وكان جمهور القمة يتابع هذا كله على الشاشة أمامه منذ وقت مبكر، ولم يكن موضوع هذه الطائرات قد ذاع ولا انتشر ولا اشتهر بين الناس كما هو الحال هذه الأيام. والذين تابعوا ذلك في أروقة المؤتمر، لا بد أنه قد أدهشهم الأمر إلى حدود بعيدة؛ لأن الحديث عن مثل هذه الطائرات وقتها كان في بدايات ظهورها، ولم يكن كثيرون قد سمعوا بها بعد.
ولم تكن القصة في أننا كنا في المؤتمر أمام طائرات من نوع جديد نسمع عنه للمرة الأولى، ولكن القصة كانت في أن دبي فكرت في الطريقة التي تستطيع بها تسخير المسيَّرات لقضاء مصالح الناس، وتيسير حياتهم، وتخفيف المعاناة التي قد يجدونها في الحصول على الخدمات العامة، والتي لا تستطيع جهة سوى الحكومة تقديمها بكفاءة للمواطنين.
ولا بد أن هذا هو الفارق بين استخدام الطائرة المسيَّرة على الشاطئ الغربي للخليج العربي في الإمارات، وبين استخدامها هي نفسها على الشاطئ الشرقي للخليج ذاته في إيران، وما أبعده من فارق بين استخدامين للأداة نفسها على الشاطئين.
وهو في الحقيقة ليس فارقاً بين شاطئ وشاطئ، ولكنه فارق بين طريقة في التفكير هنا في مؤتمر دبي، وبين طريقة أخرى للتفكير هناك في طهران، فالأولى تفكر في الطريقة التي يمكن بها لكل اكتشاف أو اختراع جديد أن يسعد به الناس سواء كانوا مواطنين أو مقيمين، والثانية تفكر في الطريقة التي تستخدمه هو ذاته في التخريب، وفي القتل، وفي التدمير. وهو أيضاً فارق بين دولة تتصرف بمنطق الحكومة المسؤولة على الشاطئ الغربي للخليج، وبين نظام حكم على الشاطئ الشرقي لا يريد أن يفارق منطق الثورة التي عرفها في 1979، ولا يريد أن يفهم أن تلك الثورة التي عرفها قبل عقود من الزمان، إذا كانت قد بلغت الأربعين قبل ثلاث سنوات، فإن هذه كانت فرصة سانحة تغادر فيها لغة الثورة إلى منطق الدولة، لولا أن ما نراه حولنا يقول إنها كانت فرصة ضائعة.
والروس يعرفون أن حكومة المرشد تمدهم بالطائرات المسيَّرة ليس حباً فيهم، ولكن كرهاً في الولايات المتحدة التي تقف هي والغرب إلى جوار أوكرانيا.
والفكرة ليست في الجهة التي تمدها إيران بالطائرات المسيَّرة، سواء كانت هذه الجهة جماعة خارجة على الحكومة الشرعية في صنعاء مثل الجماعة الحوثية، أو كانت دولة كبيرة مثل روسيا، ولكن الفكرة هي في الهدف الذي من أجله يتم مد هذا الطرف أو ذاك بمثل هذه الطائرات.
الفكرة هي شكل ومضمون الدور الذي تراه الحكومة الخامئنية لنفسها من موقعها، سواء كان هذا الدور في حياة مواطنيها، كما نراه ونتابعه في الانتفاضة التي اشتعلت بعد مقتل الشابة مهسا أميني، أو كان دوراً في إقليم يحيط بها من حولها.
وليست الطائرات المسيَّرة سوى نموذج من بين نماذج، إذا ما كان الحديث حديثاً عن سلوك إيراني إقليمي مخرب في المنطقة، وليست المقارنة بين استخدام هذه الطائرات على جانبي الخليج سوى عملية كاشفة بين عقلين سياسيين حاكمين؛ عقل يرى نفسه طرفاً في عملية بناء للإنسان على الشاطئ الغربي من الخليج، وعقل على الشاطئ الآخر يرى نفسه على النقيض، ولا يرى حرجاً في أن يمارس على الأرض بعكس ما يقول للناس.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طائرة مسيَّرة في دبي طائرة مسيَّرة في دبي



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 19:18 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 صوت الإمارات - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 19:21 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 صوت الإمارات - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 05:35 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الذكاء الاصطناعي يساهم في انبعاثات ضارة تؤثر سلباً على البيئة
 صوت الإمارات - الذكاء الاصطناعي يساهم في انبعاثات ضارة تؤثر سلباً على البيئة

GMT 08:38 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 05:21 2015 الأربعاء ,11 شباط / فبراير

افتتاح معرض "ألوان السعودية" المتنقل في جدة

GMT 07:14 2015 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

الرميحي يزور جناح دولة قطر في معرض "اكسبو 2015"

GMT 20:48 2013 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

برنامج جديد فى إذاعة الشرق الأوسط عن التعديلات الدستورية

GMT 13:26 2015 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

مقهى ثقافي ومسابقة تصوير في معرض كتاب شرطة دبي

GMT 11:40 2015 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

"أبوظبي للسياحة" تنظم معرض "ميادين الفنون"

GMT 07:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

جبل بوزداغ من أروع المناطق السياحية للتزلج

GMT 05:28 2016 السبت ,27 شباط / فبراير

HTC تنشر أول صورة تشويقية لهاتفها المرتقب One M10

GMT 11:02 2013 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

بحث تطوير مشروع جامعة عمان مع كامبريدج

GMT 03:34 2015 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

معرض جدة الدولي للكتاب يستقطب أكثر من 600 ألف زائر

GMT 08:27 2015 الأحد ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميثاء الخياط تعرّف الأطفال بطرق قص مبتكرة في "الشارقة"

GMT 01:52 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كلوب يكشف السبب الرئيسي لسقوط ليفربول أمام ساوثهامبتون

GMT 12:49 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

ميسي يوضِّح تعرّضه للأذى في برشلونة سبب خروجه عن صمته
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates