يجمع بينهم ما جمع الغُراب مع العصفور
آخر تحديث 21:48:44 بتوقيت أبوظبي
الجمعة 2 أيار ـ مايو 2025
 صوت الإمارات -
أخر الأخبار

يجمع بينهم ما جمع الغُراب مع العصفور

يجمع بينهم ما جمع الغُراب مع العصفور

 صوت الإمارات -

يجمع بينهم ما جمع الغُراب مع العصفور

بقلم : سليمان جودة

رغم أن هذا الحكم القضائي صدر من محكمة فرنسية، فإنه يظل يتصل بنا هنا في المنطقة بشكل من الأشكال، وبالذات في إسرائيل حيث يحكم اليمين المتطرف، حيث يواصل تطرفه غير المسبوق مع أهلنا في غزة.

الحكم صدر يوم 31 مارس (آذار) الذي وافق عيد الفطر، وربما لهذا السبب انشغل الناس عنه في المنطقة ولم ينتبهوا إليه كما يجب.

فما القصة؟ القصة أن ماري لوبان، زعيمة اليمين القومي المتطرف في فرنسا، وجدت نفسها تقف أمام محكمة الجنح في باريس، وخرجت من قاعة المحكمة وهي مشمولة بحكم يمنعها من الترشح لأي منصب سياسي لخمس سنوات مقبلة. وقد هبط الحكم عليها، وعلى حزب التجمع الوطني الذي تتولى زعامته، وعلى اليمين المتطرف في بلادها، وفي خارج بلادها، وكأنه صاعقة من الصواعق، ولم تكن هي تبالغ عندما وصفته بأنه: «قنبلة نووية سياسية!».

هو كذلك في الحقيقة لأنه يضرب هذا اليمين ضربة لم يتحسب لها. فإذا كانت التهمة المُدانة فيها لوبان هي اختلاس أموال عامة، فالضربة تصبح مضاعفة، ولذلك، غادرت المحكمة وهي تصرخ وتقول: «لن أسمح بالقضاء عليّ بهذه الطريقة».

الحكم قنبلة كما وصفته لأنه يكاد يقضي على اليمين المتطرف نفسه في فرنسا كتيار سياسي صاعد، لا عليها هي وحدها كسياسية دخلت السباق الرئاسي ثلاث مرات وفشلت، ولكنها في السباق الأخير أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كادت تنجح، وحصلت على نسبة معتبرة من الأصوات، وعاشت من بعدها تجهز نفسها للسباق المقبل في 2027.

هو قنبلة نووية سياسية، لأن شيئاً من رذاذه لا بد أن يصيب اليمين المتطرف في الولايات المتحدة الأميركية بزعامة الرئيس دونالد ترمب، ومعه اليمين المتطرف في تل أبيب بزعامة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ومعهما اليمين المتطرف في إيطاليا بزعامة جورجيا ميلوني، ثم كل يمين متطرف آخر في كل أرض. وقد وصل الأمر إلى حد أن الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو، الذي عاش جزءاً من هذا التيار ولا يزال، قد أحس بالضربة على مستواه، فأبدى أسفه على أن يوجه القضاء الفرنسي هذه اللطمة إلى اليمين هناك.

والشيء الذي أثار جنون اليمين المتطرف في كل مكان، وفي فرنسا على وجه الخصوص، أن استطلاعاً للرأي جرى في اليوم السابق للحكم، فكشف عن أن السباق الرئاسي لو انطلق هذه الأيام في فرنسا فستحصل لوبان على ما يقرب من 37% من مجمل الأصوات، وهذا يعني أنها كانت مرشحة للمنافسة بقوة في السباق المقبل، الذي لن يخوضه ماكرون لأن الدستور يمنعه من الترشح مرةً أخرى.

الحكم قنبلة نووية سياسية لأنه دمغ اليمين المتطرف في فرنسا بالإدانة في جريمة اختلاس مال عام، فإذا انتبهنا إلى أن هذا اليمين كان هو الأبرز تقريباً في أوروبا هذه الأيام، فإن تداعيات الحكم سوف تطول بقية تيارات التطرف من هذا النوع في أنحاء القارة العجوز.

هو قنبلة نووية سياسية لأنه يعري هذا التيار السياسي أمام الجمهور، ويجعل زعيمته المُتوجة في فرنسا مدانة أمام مؤيدي التيار، بعد أن كانت تضرب في كل اتجاه ولا تبالي، وبعد أن كانت تتوعد المهاجرين إلى بلادها، فكانت تقول إنها لن تترك مهاجراً واحداً منهم في بلادها إلا وسوف تُبعده إلى بلاده! وهذا هو الشيء نفسه الذي فعله ويفعله ترمب منذ دخل البيت الأبيض، وكأن ثأراً بينه وبين كل مهاجر إلى بلاد العم سام.

أهم ما في الحكم أنه يضرب تياراً يعاني منه العالم كله، لا مجرد سياسية فرنسية عاشت ترى نفسها في قصر الإليزيه... فليس في العالم من حولنا عاقل، إلا وهو يجزع أشد الجزع من كل مساحة جديدة يكسبها هذا التيار المتعجرف بين الناخبين، وليس في العالم إنسان على شيء من الاعتدال، إلا وتمنى لو يتلقى هذا التيار من الضربات ما يهدئ من اندفاعه، وما يكسر غطرسته التي إذا كنا قد رأينا شيئاً من تجلياتها في أكثر من أرض، فلن نرى ما هو أفدح منها في قطاع غزة على أيدي نتنياهو ومجموعته الحاكمة.

أهم ما في الحكم أنه يمنح الناس أملاً في أن هذا اليمين الذي أرهق العالم منذ وصول ترمب بالذات إلى البيت الأبيض، يمكن أن تأتيه الضربة من حيث لا يحتسب، ويمكن أن ينام فيستيقظ وهو مهزوم، بل ومدان أمام الرأي العام على اتساع العالم.

كان الإمام الشافعي قد مرّ على غُراب يقف إلى جوار عصفور، فاستغرب أن يجمعهما مكان، ولكن سرعان ما رأى الغُراب يحجل على قدم واحدة وكذلك العصفور، فقال: «جمعت بينهما المصيبة». ولا مصيبة جمعت وتجمع لوبان، مع ميلوني، مع بولسونارو، مع ترمب، غير التطرف السياسي الذي كلما تمدد فزع الناس في كل مكان. ولا عجب، فالمتطرف المنتمي إلى مثل هذا اليمين لا يتطلع إلى الأمور إلا بعين واحدة، بالضبط كما كان الغُراب والعصفور يحجلان على قدم واحدة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يجمع بينهم ما جمع الغُراب مع العصفور يجمع بينهم ما جمع الغُراب مع العصفور



GMT 01:48 2025 الجمعة ,02 أيار / مايو

التونسية في السجن

GMT 01:47 2025 الجمعة ,02 أيار / مايو

تسجيل عبد الناصر... عادي!

GMT 01:46 2025 الجمعة ,02 أيار / مايو

السودان والحملة الغريبة ضد عودة المهجرين!

GMT 01:46 2025 الجمعة ,02 أيار / مايو

سيادة عدالة ومحاسبة!

GMT 01:45 2025 الجمعة ,02 أيار / مايو

بلزوني ونهب آثار مصر

GMT 01:44 2025 الجمعة ,02 أيار / مايو

زمن أصولي بأفكار حديثة

GMT 01:44 2025 الجمعة ,02 أيار / مايو

متتالية سقوط «إخوان المرشد العام»

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ صوت الإمارات
النجمة المصرية ياسمين صبري مع كل ظهور لها عبر حسابها على انستجرام، تنجح في لفت الانتباه بإطلالاتها الجذابة التي تبدو خلالها أنيقة واستثنائية، كما أن إطلالاتها على الشاطئ تلهم المتابعات لها باختيارات مميزة يسرن من خلالها على خطى نجمتهن المفضلة، فدعونا نرصد أجمل الأزياء التي ظهرت بها ياسمين على الشاطئ من قبل وتناسب الأجواء النهارية والمساء أيضًا. إطلالات باللون الأبيض تناسب أجواء الشاطئ من وحي ياسمين صبري النجمة المصرية خطفت الأنظار في أحدث ظهور لها خلال تواجدها في المالديف؛ بإطلالة ناعمة للغاية ظهرت فيها بفستان أبيض بتصميم عملي ومجسم ووصل طوله حتى منطقة الكاحل، مع الحمالات الرفيعة وفتحة الصدر غير المنتظمة، وتزين الفستان بفتحة ساق جانبية طويلة، كما أكملت أناقتها باكسسوارات ناعمة وأنيقة اللون الأبيض حليف ياسمين صبري في ...المزيد

GMT 17:53 2018 الأربعاء ,30 أيار / مايو

فضل ذكر الله

GMT 22:03 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

3 مباريات ودية لفريق عجمان في معسكر مصر

GMT 09:17 2016 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

نصائح مميزة للحصول على عطر ذي رائحة زكية تدوم نفحاته

GMT 11:00 2013 الجمعة ,01 آذار/ مارس

"ديل" تطرح الكمبيوتر اللوحي "لاتيتيود 10"

GMT 23:06 2013 الخميس ,08 آب / أغسطس

أمطار غزيرة تهطل في ولاية غرب دارفور

GMT 16:46 2015 الجمعة ,27 شباط / فبراير

حذاء "ستان سميث" يعود بعد غياب لربيع وصيف 2015

GMT 13:45 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حالة الطقس المتوقعة في السعودية الإثنين

GMT 01:53 2016 الخميس ,31 آذار/ مارس

إكسسوارات اللون الذهبي لطلة تشع تألقاً
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates