السم بالتذوق

السم بالتذوق

السم بالتذوق

 صوت الإمارات -

السم بالتذوق

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

مهنة مريحة وخطرة. مضمونة مدى الحياة، لكن الموت أقربُ من الفم. تحمل إليك النفوذ، لكنها تجعلك محل شك دائم. تلك هي الحياة الغريبة التي يعيشها «متذوقو طعام» عند الديكتاتور الخائف أبداً من التآمر. هذه حكاية فرقة التذوق عند هتلر في ذروة الحرب، 1943؛ عشر نساء ألمانيات. جميعهن لا شكوك في إخلاصهن للقائد وألمانيا. ومع ذلك كان عليهن البقاء تحت مراقبة جنود الصاعقة 24 ساعة. حتى في الدخول إلى الحمام. لا مزاح في سلامة الفوهرر، فإن عليها تتوقف سلامة ألمانيا. ومجدها. وأمجاد العرق الآري.
أجمل الروايات عن «النساء اللواتي على مأدبة هتلر» وضعتها الروائية الإيطالية روزيلا بوستورينو. فن فائق من جمع الوثائق ودمجها في نص روائي آسر. مرات كثيرة فكرت في التوقف عن القراءة. فما هي سوى «رواية جيب» من النوع الذي لا يمكن أن أقرأه إلا إذا تقطعت بي جميع سبل القراءة، واستنفدت حتى قراءة الكلمات المتقاطعة. وهذا ما حصل. وقلت في نفسي إنني سوف أقرأ فصلاً أو فصلين، ثم أشكر السنيورة بوستورينو على براعتها في فن التنويم. لكن بعد يومين كنت قد قرأت 48 فصلاً و350 صفحة وعملاً أدبياً راقياً وفكرة إبداعية مثيرة. إن الإنسان الذي تأتمنه على حياتك هو أكثر الذين تكرههم وتخافهم، أو أكثر الذين تشفق عليهم. فما ذنب هذا الكائن لكي يموت عنك. وما ذنبه أن يعيش في هذا الأسر، وأيضاً كيف يختار الرئيس هذا النوع من الفدائيين؟
طبعاً يجب أن يكون بلا أي أمل وبلا أي طموح. صدام حسين اختار حارس طعامه من فئة كلدانية مسكينة، وحزن عليه حزناً شديداً عندما قتله نجله البكر، عدي، في ساعة غضب. ومشهور عن صدام أيضاً أنه رفض تناول الطعام على مائدة الملك حسين، برغم امتعاض العاهل الأردني. وكانت طائرة خاصة قد حملت طعام الوفد الرئاسي العراقي من بغداد.
المشهد المقزز في حياة متذوقات هتلر كان عندما تَحمَل إحداهن، وتشعر بحاجة شديدة إلى التخلص من طعامها. وكان عليها أن تحبس كل شيء للتأكد من أن الشعور ناتج عن الحمل وليس عن تسمم.
لم يكن مدى الولاء والثقة مهماً أو يؤخذ في الاعتبار. إحدى العاملات فُقِدَ زوجها على الجبهة ومُنِعت من تقبل التعازي لأن الدولة لا تعترف بمقتله. لا إحباط للعزيمة الوطنية.
هذه المرة يحمل «كتاب الجيب» تجربة إنسانية لا تحملها الأعمال الكلاسيكية. الذي يتعرض للتعذيب والإهانة والذل، هو الموالي، والذي يضطهدك في الحرب ليس العدو، بل جيشك وجنودك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السم بالتذوق السم بالتذوق



GMT 17:50 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

عودة الجغرافيا السياسية: حرب أوروبا

GMT 20:03 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

مراهنات خطيرة في السودان

GMT 19:59 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الحرب الأهليّة في تأويل «حزب الله» لها

GMT 19:55 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

السعودية... الحقبة الخضراء

GMT 19:51 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

مبادرة «الشرق الأوسط الأخضر

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates