القاهرة - صوت الامارات
للمرّة الثانية خلال 10 أيام من بعد الإنفجار الكارثة في مرفأ بيروت أطل السيّد حسن نصرالله ليتحفنا بنظريات، نظن أنه هو شخصياً غير مقتنع بها، فكيف يمكن للمستمعين أن يصدّقوه؟ الأنكى أنّ تدمير بيروت ومقتل 174 مواطناً بريئاً لا ذنب ولا علاقة لهم بما حصل، و7000 جريح و74 مفقوداً مع خراب يقدره المختصون بين 15 الى 20 مليار دولار. كل هذه المصائب لم تهز شعور السيّد حيث ظهر مرتاحاً ومبتسماً بشكل دائم، يقاطع ذلك بضحكة صغيرة.فعلاً منظر السيّد غير مقبول، فأين الإحساس بالذين استشهدوا من دون ذنب؟ ذنبهم الوحيد انهم لا يقبلون أن يكونوا في أي محور. يريدون لبنان حيادياً، كما قال البطريرك الماروني مار بطرس بشارة الراعي، لا نريد أن نكون مع أميركا ولا مع روسيا ولا مع أي دولة، بل نحن أصدقاء الجميع. نعم هكذا يجب أن يكون لبنان، إذا كنا نحب لبنان ونريد مصلحة اللبنانيين.ولنبدأ بصورة موضوعية مع تفاصيل الكلمة التي وجهها السيّد وحاول من خلالها إقناع مستمعيه بوجهة نظره.
أولاً: حاول السيّد إبعاد تهمة معرفة «الحزب العظيم» بالمواد المخزنة في مرفأ بيروت، فنفى أي علم للحزب بما يوجد في المرفأ، وقال بأنّ «الحزب العظيم» ليس الجهة التي تقوم بالتحقيق... ونسأل: أيعقل ألا يكون للحزب علم بما يدخل المرفأ والمطار من مواد، وهو القابض على مفاصل المعابر البرية والبحرية والجوية..؟ وقضية المعابر غير الشرعية، حتى والشرعية منها خير دليل على معرفته التامة، والتحكم بما يجري من أمور في هذه المعابر وحتى بالتفاصيل الممل.
ثانياً: يقول السيّد إنّ الأقنعة سقطت، وما كان يجري في السر وتحت الطاولة ظهر الى العلن، موجهاً إنتقاداته الى دول الخليج التي اعتبر ان عداءها لإيران لم يكن سوى وسيلة للتطبيع مع إسرائيل.وتناسى السيّد أنّ تدخلات إيران في شؤون الدول الخليجية والعربية أثار حفيظة شعوبها، وأنّ إيران هي التي باعدت بينها وبين شعوب هذه المنطقة، بما أقدمت عليه من قتل وتشريد وإفقار لهذه الشعوب.
ثالثاً: يؤكد السيّد حسن ان المقاومة بالنسبة للبنان وشعبه، هي شرط وجود وليست خصوصيات إضافية يمكن الإستغناء عنها... ونسأل الأمين العام بكل موضوعية: عن أي شعب لبناني تتحدّث يا حضرة السيّد، فهل أنت متأكد أنّ الشعب اللبناني كله يؤيّد خياراتك؟.. نحن على يقين أنّ مناصريك ومؤيديك الخُلّص، والذين كانوا يسيرون خلفك على «العمياني» راحوا ينفضّون من حولك تدريجياً، حتى بات العدد المتبقي لا يعادل إلاّ جزءًا قليلاً من الشعب اللبناني العنيد.
رابعاً: يؤكد الامين العام ان المقاومة هي الهواء الذي نتنفّسه للبقاء على قيد الحياة. وهنا نقول: عن أي هواء يتحدث السيّد؟ وهل بقي في لبنان هواء نقي يمكن أن نستنشقه، أو يصلح للإستنشاق؟ فكل شيء بات ملوّثاً، حتى جاء الانفجار الكبير في المرفأ، فزوّد هواءنا بسموم نيترات الأمونيوم التي باتت تشكل خطراً على حياة كل لبناني كان يحلم يوماً بالحياة.
خامساً: يقول السيّد: إنّ المعادلة التي تحمي لبنان، ليست جامعة الدول العربية ولا القرارات الدولية، بل هي معادلة توازن الرعب.. وهنا نقول أيضاً وأيضاً: لماذا نتباكى أمام الدول العربية لمدنا بالمساعدات، ولماذا ننتظر الدعم من دول العالم لسد عجز الكهرباء التي سببها أشخاص هم متحالفون مع «الحزب العظيم» حتى صار دين الكهرباء 47 مليار دولار... ولماذا تبكون اليوم يا حضرة السيّد على أطلال «مؤتمر سيدر» وأمواله، وتلهثون للحصول عليها.
سادساً: يقول السيّد في كلمته: إنجاز 2000 هو التحرير وإنجاز 2006 هو الحماية... فهل نحن محرّرون بالفعل، أم اننا لا نزال نقبع داخل محور المقاومة والممانعة الذي أفقرنا وأوصل إقتصادنا الى الدرك الأسفل حتى صار الدولار الاميركي يلامس العشرة آلاف ليرة لبنانية؟.. وهل هكذا نحمي الشعب اللبناني؟
سابعاً: إنّ إسرائيل كما يقول سماحة الأمين العام مرعوبة... ونسأل: لماذا نصرّح دائماً بأنّ هناك إنتهاكات إسرائيلية لأمننا، ولماذا لا نهجم على إسرائيل المرعوبة فنزيلها من الوجود؟.. ونسأل أيضاً: لماذا لم نثأر لعماد مغنية ومصطفى بدر الدين وغيرهما من عناصر «حزب الله»؟
ثامناً: أما حديثه عن الحكومة الحيادية فهو خداع لتجاوز التمثيل السياسي، ولا يوجد في لبنان حياد فالجميع لهم أهواء سياسية - حسب قول السيّد -. صحيح هذا القول بأنّ هناك آراء مختلفة، ولكن لا يهمنا أن تحب إيران أو تكرهها ولكن مصلحة لبنان كي يعيش أن يكون حيادياً. لا نريد منعك مما تعطيه لك إيران من أموال وأسلحة ولكن نسأل: ما الأهداف التي تريد إيران تحقيقها؟ هل نسيت سماحتك ما يردده المرشد الأعلى آية الله خامنئي انهم يسيطرون على أربع عواصم عربية؟ نحن لا نقول إننا سنكون ضد إيران ولكن نريد أن نكون مع مصلحة لبنان، أما بالنسبة للحكومة الحيادية فمنذ «الطائف» وحتى الحكومة المستقيلة التي شكلتموها وحدكم فسقطت وكانت أفشل حكومة في تاريخ لبنان، ألا تشعر يا سماحة السيّد بأنّ الحكومة الحيادية هي الحكومة الوحيدة الصالحة للبنان؟
تاسعاً: ما يلفت فعلاً أنّ السيّد شكر الرئيس حسان دياب الذي تحمّل مسؤولية كبيرة ونوّه بشجاعته رغم كل الظروف. أنا لا ألوم السيّد لأنّ الحكومة حكومته فعلى الأقل كان من الواجب أن يشكر نفسه.