بقلم _منى بوسمرة
صدمة جديدة تصيب العالم، هم من الفكر نفسه الذي ضرب في نيوزيلندا، يضربون اليوم في سريلانكا، إنه فكر الكراهية بغض النظر عن ملتهم أو دينهم أو عرقهم أو لونهم، هم أعداء الحياة والإنسانية، هم أناس يقدسون الموت ويكرهون الحياة، اختاروا مخالفة كل شرائع السماء والأرض ليقتلوا أنفسهم وغيرهم.
هؤلاء ليسوا إرهابيين فقط، بل جبناء اختاروا الغدر وسيلة، واستهدفوا أناساً أبرياء آمنين سواء في نيوزيلندا أو سريلانكا أو في أي مكان بالأرض شرقه وغربه، كل الضحايا دائماً من الآمنين الأبرياء، فما هي أهداف أولئك الكارهين أعداء الحياة، غير القتل لأجل القتل، وإشاعة الفوضى في المجتمعات لمصلحة جهة هنا وهناك، بفعل يناقض الفطرة البشرية.
ذلك ما لخّصه محمد بن راشد أمس، وهو يقدم التعازي لشعب سريلانكا، في واحد من أعنف هجمات الإرهاب في العصر الحديث، حين قال: «إرهابي من يغدر بالناس في دور العبادة، إرهابي من يشيع الخوف عند المصلين الآمنين، إرهابي من يريد أن يشعل حرباً دينية بين البشر».
بالتأكيد هو تحدٍّ أمني كبير لمواجهة هذه الدموية المقيتة، إذ تنتشر الخلايا النائمة في كثير من دول العالم تتصيد لحظة القتل، كما علّمتنا التجربة، وتتوافر لها التمويلات اللازمة من أصحاب أجندات التخريب، لكن أصحاب هذا النهج لن ينجحوا في إحباط الهمم والعزائم، لأن هناك من يفهم المعنى الحقيقي للإنسانية ومعاني الرسالات السماوية ونورها ومعاني الحياة وقيمها بالتسامح والتعايش والعدالة.
الإرهاب لا ينتصر، ولن ينتصر، وإن أشاع الرعب والأسى والخوف، لكنه في الوقت نفسه يستنهض الهمم، همم العقلاء والفاعلين، وجهود الدول الحريصة على السلام العالمي وأمن البشرية، من أجل جهد عالمي لاستئصال هذه الآفة، وهو فعل طالما نادت به ودعت إليه الإمارات، وجددته، أمس، لأنه بدون مثل هذا الجهد الفكري والعملي سيبقى الإرهاب يتغذى على فكر الكراهية، وسيجد من يدعمه ويحتضنه ويموّله، سواء أفراد أو مؤسسات أو دول، ومن غير الجهد الدولي الجامع لاستئصاله، سيضرب الإرهاب مرات ومرات.
صحيح أن عبارات الدعوة إلى التضامن والوحدة ضد الإرهاب تبدو عبارات جميلة، لكنها ستكون فاعلة بالنفس الطويل والمثابرة والملاحقة المستمرة للإرهاب فكراً وأمناً، بتجفيف منابع التمويل وحقائبه، ومطاردة ومحاسبة فاعليه من أية ملة كانوا، فهم أعداء الله والبشرية والحياة.
رسالة الإمارات ووصفة العلاج لهذا الداء العالمي جددها محمد بن راشد ومحمد بن زايد أمس، فالعالم اليوم أحوج ما يكون للوقوف بحزم لاستئصال منابت هذا الإرهاب الممنهج الغادر الذي استهدف الأبرياء، وهي أمام هذا الحزم في مواجهة هذه الأفعال الدامية تستنهض في الوقت نفسه روح التعايش لكل من يعمل من أجل التسامح والتعايش والتعارف والتقارب بين البشر، حتى لا ينتصر الإرهاب.
لا شيء سيثنينا ويثني العالم المتحضر عن دحر الإرهاب، فالجميع مستهدَف، إن لم يتحرك ويصطف في الجهد الدولي لمنع الفتن والتخلص من هذا الداء لحماية الحياة من العبث بها، وتأسيس مستقبل أكثر أمناً وسلاماً.