بقلم : منى بوسمرة
تنعقد القمة العربية في الظهران بالمملكة العربية السعودية، بدورتها التاسعة والعشرين، في توقيتٍ بالغ الحساسية، وقد اشتدت فيه الأزمات والتحديات الجسام التي تواجه العالم العربي.
كل العقود الماضية شهدت أزمات عربية غير أن الفرق هذه المرة أنها باتت أكثر تعقيداً في ظل ما نراه من إشكالات وقضايا كل يوم، من فلسطين، مروراً بملف الأطماع الإيرانية في العراق وسوريا واليمن ولبنان، وملف الإرهاب وما تفعله دول عربية مارقة مثل قطر، تهدّد بشق الصف العربي وتعمل بكل ما أوتيت من مكر من أجل بث الخراب.
تأتي القمة بعد ساعات قليلة من الضربة الأميركية البريطانية الفرنسية للنظام السوري، ووسط اشتعالات إقليمية أدت إلى تدخلات دولية من روسيا، وعبث إقليمي من جانب إيران بما يهدد كل المنطقة على المستوى الأمني والسياسي، وما نراه كذلك في دولٍ عديدة من فتن وأزمات وصراع وتفشٍّ للإرهاب، إضافة إلى ما يراه محللون من احتمالات لمخاطر مقبلة على الطريق.
لقد حملت دولة الإمارات العربية المتحدة دوماً رسالة الاعتدال والعقل، وضرورة تحكيم العرب للمنطق في إدارتهم لأمورهم، وتركيزهم على التنمية والمستقبل وتجنب الصراعات، وهذه الرؤية تتماثل مع ما تطرحه المملكة العربية السعودية ودول أخرى معتدلة، ترى أن صون الأمن والاستقرار ضروري جداً، لرد كل محاولات العبث ببنية المنطقة ووجدان أهلها وثرواتها، وما يمكن قوله اليوم إن كل تحذيرات الإمارات المسبقة ثبتت صحتها أمام ما نراه من زيادة للأخطار في كل موقع، وتعاظم الأطماع الإقليمية وخطر جماعات الخراب.
إن من أبرز الأخطار ما يتعلق بتحالف دول عربية، للأسف، مع عواصم إقليمية ضد المنطقة، وما نراه في النموذج القطري نموذج مريع جداً، ويكفي أن نرى كيف أن الدوحة تفتح كل البوابات لهذه الدول من أجل التسلل إلى المنطقة وتهديد دولها وشعوبها، هذا فوق ما تمثله الدوحة من نموذج سيئ للغاية، ولا يسعى للمصالحة أو استيعاب ما تريده الدول العربية الأربع، وليس أدل على هذا السلوك المشين من استمرار الحملات الإعلامية الحاقدة ضد السعودية والإمارات والبحرين ومصر، حتى قبيل ساعات من عقد القمة العربية، بما يؤشر على طبيعة النظام الانفصالية عن بنية دول جوارها، وعن مصالح شعوبها وأمنها واستقرارها.
لقد آن الأوان أن يقف العرب موقفاً موحّداً إزاء كل التحديات التي تواجهنا جميعاً، ولم تعد كافية تلك النوايا الطيبة، والكل يدرك أن الإنسان العربي يتطلع إلى ذلك اليوم الذي يصبح فيه عالمنا بلا أزمات، وأن ينطلق الجميع نحو المستقبل، بدلاً من إضاعة الوقت في الصراعات وكلفتها الباهظة.
إن المملكة العربية السعودية وما تمثله من مكانة وازنة، والتي سترأس القمة العربية اليوم ولمدة عام كامل، أمام مهمة عظيمة، وكلنا يعرف أن السعودية قادرة على توحيد صف العرب، واتخاذ ما يلزم لردع كل طرف يحاول الاعتداء، نحو الوصول إلى حلول لمختلف القضايا والأزمات في عالمنا العربي.
نقلا عن البيان
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع