أميركا وتحدٍّ اسمه المرأة الإيرانيّة

أميركا وتحدٍّ اسمه المرأة الإيرانيّة!

أميركا وتحدٍّ اسمه المرأة الإيرانيّة!

 صوت الإمارات -

أميركا وتحدٍّ اسمه المرأة الإيرانيّة

بقلم - خيرالله خيرالله

لم يعد لدى النظام الإيراني سوى الاعتراف بإفلاسه من جهة... وأنّه ليس لديه نموذج ما يصدرّه، غير نموذج نشر الفقر والبؤس والتخلف في كلّ مجال من المجالات، من جهة أخرى.

يبرز هذا الواقع من خلال السعي المستمر لدى النظام الإيراني لتصدير أزماته إلى خارج «الجمهوريّة الإسلاميّة».

يظل أفضل تعبير عن ذلك قصف إقليم كردستان العراقي والخطاب الأخير للرئيس إبراهيم رئيسي.

لم يجد رئيسي ما يقوله، بدل السعي إلى فهم سبب وجود ثورة شعبيّة حقيقية في «الجمهوريّة الإسلاميّة»، غير أن بلاده تتعرض لـ«مؤامرة غربيّة»!

من هنا، تبرز أهمّية الثورة التي يقوم بها الشعب الإيراني حالياً بقيادة المرأة.

أثبتت المرأة الإيرانية أنّ مقتل الفتاة مهسا أميني (22 عاماً) على يد «شرطة الأخلاق» بسبب عدم وضع الحجاب بالطريقة التي يفرضها النظام، قضيّة تعني كل المجتمع برجاله ونسائه.

ليست القضيّة قضيّة فتاة كرديّة موجودة في طهران تنتمي إلى المنادين بثقافة الحياة، وهي ثقافة تعني بين ما تعنيه، حرّية وضع الحجاب وحرية عدم وضعه.

القضيّة أبعد من ذلك بكثير في ضوء تحويل إيران إلى دولة قمعيّة لا تحترم حقوق النساء على وجه الخصوص.

في النهاية، الأرقام تتحدث عن نفسها.

إضافة إلى قمع الإيرانيين نساء ورجالا ورفض الاعتراف بحقوق الأقلّيات مثل المسيحيين والبهائيين، يعيش ما يزيد على نصف الشعب الإيراني تحت خط الفقر.

الأهمّ من ذلك كلّه، أنّ شيئا من الوعود التي أطلقها آية الله الخميني، الذي أسّس «الجمهوريّة الإسلاميّة» في العام 1979، لم يتحقّق باستثناء السعي إلى «تصدير الثورة» إلى خارج إيران.

كان في مقدّم هذه الوعود استغناء الاقتصاد الإيراني، في مرحلة ما بعد قيام «الجمهوريّة الإسلاميّة» عن الدخل الذي مصدره النفط والغاز.

كان الهدف تنويع الاقتصاد. بقي هذا الهدف حلم ليلة صيف...

في العام 2022، على الرغم من العقوبات المفروضة على «الجمهوريّة الإسلاميّة»، لا يزال النفط والغاز عماد الاقتصاد الإيراني.

يواجه هذا الاقتصاد مشاكل عصيبة بسبب العقوبات الأميركيّة وغير الأميركيّة.

باتت هذه العقوبات الحافز الذي يدفع «الجمهوريّة الإسلاميّة» إلى التفاوض في شأن برنامجها النووي.

باتت هذه العقوبات في الوقت ذاته ورقة الضغط الأميركيّة على إيران التي لم تستطع تنويع اقتصادها والتخلّص من الدخل الذي مصدره النفط والغاز... ولا شيء آخر وذلك على الرغم من امتلاك رأسمال بشري مهمّ وثروات طبيعيّة كبيرة.

استُغلّ رأس المال هذا في دعم المشروع التوسّعي الإيراني الذي في أساسه تدمير دول عربيّة معيّنة... والمتاجرة بالقضيّة الفلسطينيّة مع تركيز خاص على القدس.

لا يزال في إيران من يعتقد أنّ الثورة التي تقوم لها النساء ستقمع على طريقة قمع الثورات الشعبيّة السابقة في 2009 أو 2019 أو ثورة أهل الأحواز الذين صادر النظام المياه التي تروي حقولهم.

ليس مستبعداً نجاح النظام الإيراني في ذلك في ضوء استمرار الصمت العالمي، خصوصاً الصمت الأميركي.

باع باراك أوباما الإيرانيين في العام 2009 نظراً إلى أنّه كان يعدّ الأجواء لمفاوضات مع «الجمهوريّة الإسلاميّة» في شأن برنامجها النووي.

أفضى ذلك إلى اتفاق صيف 2015 الذي كان في مصلحة طهران.

استغلّت «الجمهوريّة الإسلاميّة» ما تدفق عليها من أموال أميركيّة لدعم ميليشياتها في سورية والعراق ولبنان واليمن.

هل تتكرّر التجربة مع جو بايدن الذي كان نائباً لباراك أوباما طوال ثماني سنوات والذي لا يزال كبار المسؤولين في إدارته يعلقون الامال على إعادة الحياة إلى الاتفاق النووي مع ايران؟

تثير تصرفات إدارة بايدن شكوكاً كثيرة لدى حلفاء اميركا في المنطقة.

في أساس هذه المخاوف عدم رغبتها في فهم طبيعة النظام الإيراني ومدى خطره على كل دولة عربيّة وعلى السلام العالمي في آن.

ليس معروفاً متى تكتشف إدارة بايدن أن لا فائدة من أي مفاوضات، مباشرة وغير مباشرة مع ايران، في ضوء غياب الموقف الواضح من المشروع التوسعي الإيراني الذي تعززه الميليشيات المذهبية التابعة لـ«الحرس الثوري» والصواريخ البالستية والطائرات المسيّرة.

تستخدم هذه الطائرات حالياً في الحرب الروسيّة على الشعب الأوكراني.

هل من دليل صارخ أكثر من هذا الدليل على ضرورة تفادي الفصل بين الملف النووي الإيراني وسلوك «الجمهوريّة الإسلاميّة» في المنطقة والعالم؟

يطرح الموقف الأميركي حيال الثورة التي تشهدها ايران أسئلة عدّة.

من بين هذه الأسئلة هل هناك استعداد في واشنطن لدعم الشعب الإيراني الذي تلعب فيه المرأة حالياً دوراً مهمّاً في جعل ثقافة الحياة تتغلّب على ثقافة الموت؟

يبدو طرح مثل هذا السؤال مشروعاً، لا لشيء سوى لأن تاريخ العلاقة بين حلفاء اميركا وبين أميركا نفسها لا يبشّر بالخير وذلك منذ قيام «الجمهوريّة الإسلاميّة» في ايران واستسلام واشنطن أمامها بعد احتجاز النظام الإيراني الديبلوماسيين الأميركيين في طهران 444 يوماً ابتداء من نوفمبر 1979.

هناك الآن ثورة شعبيّة حقيقيّة في ايران. لا يتعلّق الموضوع بكيفية ارتداء المرأة للحجاب بمقدار ما يتعلّق بالإنسان الإيراني وحريته والقيم التي تتحكّم بالمجتمع.

يحدث ذلك في بلد ذي حضارة قديمة لا علاقة لها من قريب أو بعيد بما يحاول رجال الدين المتزمتين فرضه على الشعب الإيراني.

ثمّة فرصة امام ايران كي تعود بلداً طبيعياً بين دول المنطقة. يسمح بالكلام عن وجود مثل هذه الفرصة الحال الصحّية لـ«المرشد» علي خامنئي مع ما يعنيه ذلك من فتح معركة الخلافة على مصراعيها في بلد يتحكّم فيه «الحرس الثوري» بكلّ صغيرة أو كبيرة.

ليس مطلوباً من أميركا أكثر من أن تكون حاضرة، أقلّه في المواقع التي تتحكّم فيها ايران باللعبة السياسيّة، عن طريق ميليشيات مذهبيّة. هذه المواقع هي العراق وسورية ولبنان واليمن.

ليس مطلوباً أكثر من أن تكون أميركا، حيث امرأة في موقع نائب الرئيس، أن تكون في مستوى المرأة الإيرانية ونضالها... ليس مطلوباً أكثر من أن تكون أميركا في مستوى التحدي الإيراني لا أكثر!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا وتحدٍّ اسمه المرأة الإيرانيّة أميركا وتحدٍّ اسمه المرأة الإيرانيّة



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

GMT 04:59 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات
 صوت الإمارات - علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات

GMT 15:23 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

تغير المناخ المستمر يشكل خطرًا على التوازن البيئي للطيور

GMT 17:51 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أشهر المطاعم العربية الحلال في جنيف

GMT 18:46 2013 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

"سوني" تطرح بلاي ستيشن 4 في عدد من الدول

GMT 13:10 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

انطلاق المؤتمر الدولي للحد من الزئبق

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,01 شباط / فبراير

أفكار بسيطة لتجديد المنزل بأقل التكاليف الممكنة

GMT 23:13 2016 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

الإضاءة الداخلية عنوان في هوية المكان

GMT 20:50 2013 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إنفاق 237 مليار دولار سنويًا لدعم الطاقة في الشرق الأوسط

GMT 05:53 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

إسطنبول مدينة رائعة تحضن كل الأمزجة التي تنبض بالحياة

GMT 09:41 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

بحث مشاريع الطاقة بين الأردن ومصر والعراق

GMT 19:07 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة بطلة فيلم "لوليتا"

GMT 03:55 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

إشادة كبيرة من الجمهور المشارك في حفل "الماسة كابيتال".

GMT 01:26 2019 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير تشيز كيك التفاح بطريقة سهلة وبسيطة

GMT 10:14 2019 الخميس ,06 حزيران / يونيو

إخراج عنكبوت صغير مِن أعماق أذن امرأة فيتنامية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates