النظام الجزائري والفرصة التي اتاحتها له اسبانيا

النظام الجزائري والفرصة التي اتاحتها له اسبانيا

النظام الجزائري والفرصة التي اتاحتها له اسبانيا

 صوت الإمارات -

النظام الجزائري والفرصة التي اتاحتها له اسبانيا

بقلم - خيرالله خيرالله

السياسة فعل وليست ردّ فعل. لا يستطيع النظام الجزائري متابعة الهرب إلى امام وافتعال أزمة مع هذه الدولة او تلك، من زاوية ردّ الفعل. اللعبة الجزائريّة مكشوفة. هدفها إلهاء الجزائريين عن حقيقة الوضع المتدهور في بلد يمتلك حاليا فرصة للتخلّص من عقدة المغرب من جهة وان يظهر للمواطن الجزائري العادي انّه مهتمّ فعلا بمصيره ورفاهه.

تتمثّل الفرصة المتاحة امام النظام الجزائري في انّ الوضع المالي للبلد تحسّن في ضوء ارتفاع أسعار النفط والغاز... وحاجة بلدان أوروبا إلى الغاز لتعويض الغاز الروسي.

 ترفض أوروبا، بعد الذي فعله فلاديمير بوتين في أوكرانيا البقاء في اسر الغاز الروسي. كذلك، ترفض استعادة التجربة نفسها مع الجزائر التي يبدو ان النظام فيها لا يدرك ان الغاز والنفط ليسا في السنة 2022 سلاحا سياسيا يستخدم في الإبتزاز.

من حقّ النظام في الجزائر استخدام الغاز والنفط لحماية مصالح الجزائر، لكنّ ليس من حقّه استخدام الغاز والنفط للإساءة إلى المغرب، عن طريق الضغط على اسبانيا، في معركة خاسرة سلفا، خصوصا انّ العالم المتحضر بات يعرف أن ثمّة حاجة لدى الجزائر إلى استخدام عائدات النفط والغاز لتنويع اقتصادها بدل البقاء رهينة لاسعارهما ولقضية مفتعلة اسمها الصحراء.
قبل ايّام، قررت الجزائر، تجميد عمليات التصدير والاستيراد مع إسبانيا، وذلك بعد ساعات من إعلان تجميد معاهدة الصداقة مع مدريد، عقب تغيير اسبانيا موقفها من نزاع الصحراء المغربيّة. يأتي ذلك في سياق مواصلة الضغط على اسبانيا التي اعترفت بان الحلّ العملي الوحيد لقضية الصحراء، وهي قضيّة مفتعلة من الها الى يائها، هو الطرح المغربي الذي يرتكز على الحكم الذاتي في اطار اللامركزية الموسّعة. إضافة إلى ذلك، وحسب قرار أرسلته جمعية البنوك الجزائريّة، وهي جمعيّة حكومية، الى مسؤولي المؤسسات المالية في البلاد "تقرر تجميد عمليات التصدير والاستيراد من إسبانيا وإليها... ووقف أي عملية توطين (للحسابات) ذات طابع مصرفي لإجراء عمليات تجارية مع إسبانيا".

إلى الآن، لم تتأثر عملية تصدير الغاز الجزائري إلى اسبانيا، لكن الواضح انّ النظام في الجزائر يعتقد انّه بات في استطاعته ممارسة ضغط على مدريد، غير مدرك ان مثل هذه النوع من ردود الفعل سيرتدّ عليه عاجلا ام آجلا. سيكتشف النظام الجزائري أن الموضوع ليس موضوع اسبانيا، التي كانت تستعمر الصحراء، حتّى العام 1975، والتي ادركت أخيرا ان الصحراء مغربيّة وانها جزء لا يتجزّأ من التراب المغربي. سيكتشف ان أوروبا معنيّة بسلوك معيب وغير مقبول في عالم ما بعد الحرب الروسيّة على أوكرانيا.

خيبت اسبانيا آمال النظام الجزائري بعدما كشفت انّ حساباته في غير محلّها. فقد صرح وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس بأن الحكومة الإسبانية "ستدافع بقوة" عن مصالحها الوطنية في ضوء قرار الجزائر القاضي بالغاء معاهدة للصداقة والتعاون التي وقعت قبل عشرين عاما. اضاف وزير الخارجيّة الإسباني "نحن نحلل نطاق ذلك الإجراء (الجزائري) وعواقبه على الصعيدين الوطني والأوروبي بطريقة هادئة وبناءة ولكن، أيضا، بحزم في اطار الدفاع عن إسبانيا ومصالح المواطنين الإسبان والشركات الإسبانية". أشار إلى أن إسبانيا تراقب واردات الغاز من الجزائر، أكبر مورد لها من هذه المادة، وهي واردات لم تتأثر في الوقت الحالي بالخلاف الديبلوماسي بين البلدين.

يوحي كلام الوزير الإسباني بان بلاده ستواجه الضغط الجزائري ولن ترضخ له. هذا امر طبيعي لدى التعاطي مع نظام غير طبيعي يحاول تقليد فلاديمير بوتين وممارساته. في النهاية، لا يدرك النظام في الجزائر ان العالم تغيّر وانّه لا يستطيع ان يكون نسخة عن روسيا. على العكس من ذلك، إنّ تحسن وضع الموازنة الجزائرية فرصة كي يظهر النظام انّه قادر على التعلّم من تجارب الماضي وإعادة تأهيل نفسه. هذا يعني الإعتراف بواقع قائم لن يتمكن من تغييره مهما ظلم الصحراويين الذين يعيشون في مخيمات البؤس في تندوف... ومهما تاجر بهم بدل تمكين هؤلاء من الإنطلاق إلى رحاب مختلفة، رحاب ان يكونوا مواطنين لديهم حقوقهم في دولة اسمها المملكة المغربيّة. تحترم المملكة، وهذا ما يدركه كل من يزورها، حقوق المواطن المغربي والإنسان عموما وكلّ مقيم على ارضها.

آن أوان القيام بمراجعة داخليّة في الجزائر انطلاقا من فرصة وفرتها اسبانيا التي اعترفت قبل اشهر عدّة بأنّ الحلّ الواقعي في الصحراء هو الطرح المغربي. في الواقع، آن أوان اعتراف النظام الجزائري بانّ شراء السلم الاجتماعي في الجزائر نفسها لا يكون بالمال وحده، بل بتنويع الاقتصاد والتخلي عن شعارات بالية من النوع المضحك مثل "حق تقرير المصير للشعب الصحراوي". لو كانت الجزائر حريصة بالفعل على هذا الشعب، لكانت اقامت له كيانا في أراضيها بدل إقامة مخيّمات بائسة في تندوف... واستخدامه في محاولة واضحة لشنّ حرب استنزاف، لا طائل منها، على المغرب.

هل يستطيع النظام الجزائري القيام بنقلة نوعيّة تسمح له بالتصالح مع الشعب الجزائري اوّلا؟ هذا هو السؤال المطروح في هذه الأيّام في ضوء ارتفاع أسعار الغاز والنفط. من الواضح أنّ هناك فرصة أخرى سيفوتها النظام الجزائري على نفسه، تماما مثلما فوت في الماضي فرصا كثيرة بعدما رفض الاعتراف بحق تقرير المصير للجزائريين. رفض ذلك من منطلق ان النظام منشغل بأمور كبيرة في مستوى تحرير افريقيا من الإستعمار أو دعم القضيّة الفلسطينيّة عن طريق المزايدات ليس إلّا.

يصعب على النظام الجزائري القيام بنقلة نوعيّة في أي مجال. يصعب عليه إعادة تأهيل نفسه. سيفوت مرّة أخرى فرصة الإستفادة من ارتفاع أسعار النفط والغاز للدوران في الحلقة المقفلة نفسها التي يدور فيها منذ اصبح المغرب، ولا طرف آخر غير المغرب، عقدته اليوميّة، بل عقدته الأولى والأخيرة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النظام الجزائري والفرصة التي اتاحتها له اسبانيا النظام الجزائري والفرصة التي اتاحتها له اسبانيا



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 19:32 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 11:44 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور حزينة خلال هذا الشهر

GMT 00:07 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على أحدث صيحات حفلات الزفاف في ربيع 2020

GMT 16:16 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات مميزة بالملابس المنقطّة تناسب الحجاب

GMT 19:49 2016 السبت ,23 كانون الثاني / يناير

أبل تقر بمشكلة في هواتف "آي فون 6 إس"

GMT 21:36 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

الشيخ سعود بن صقر القاسمي يستقبل القنصل الكندي

GMT 18:59 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تشجّع النساء على القيام بالأنشطة الرياضية

GMT 21:47 2020 الخميس ,13 شباط / فبراير

موديلات عباية مخصّرة تفضلها النجمات

GMT 08:04 2019 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"نينتندو" تطلق لعبة "Mario Kart Tour" رسمياً لمنصتي "أندرويد" و"iOS"

GMT 02:24 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

9 أسباب تجعلك تشرب حليب القرفة كل ليلة قبل النوم

GMT 19:53 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

أسعار الذهب في لبنان اليوم الثلاثاء 3 سبتمبر 2019
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates