حرب عرّت الإسلام السياسي وعرّت إسرائيل

حرب عرّت الإسلام السياسي... وعرّت إسرائيل

حرب عرّت الإسلام السياسي... وعرّت إسرائيل

 صوت الإمارات -

حرب عرّت الإسلام السياسي وعرّت إسرائيل

بقلم : خيرالله خيرالله

بعد سنة على حرب غزّة التي بدأت في السابع من أكتوبر 2023، ثمة ملاحظات عدة لابدّ من إيرادها. في مقدمة هذه الملاحظات تأتي ملاحظتان. الأولى أنّ حرب غزّة، التي بدأت بهجوم «طوفان الأقصى» الذي شنته حركة «حماس»، وضعت في الواجهة «الجمهوريّة الإسلاميّة» في إيران. الملاحظة الأخرى انّ حرب غزّة عرّت الإسلام السياسي في المنطقة: (حماس) و(حزب الله وميليشيات أخرى)... كما عرّت إسرائيل التي راهنت على التطرّف الإسلامي بأشكاله المختلفة بديلاً من طرح مشروع سياسي قابل للحياة.

بات مطروحاً، في ضوء مرور سنة كاملة على هذه الحرب التي انتقلت إلى لبنان بفضل الفرصة التي وفّرها «حزب الله» لبنيامين نتنياهو، مصير النظام الإيراني. صارت إيران ومشروعها النووي في الواجهة، بعيداً عن الحروب التي افتعلتها «الجمهوريّة الإسلاميّة» على هامش حرب غزّة. بين هذه الحروب حرب تعطيل الملاحة في البحر الأحمر عن طريق الحوثيين في اليمن. صار مطروحاً هل مسموح لـ«الجمهوريّة الإسلاميّة» امتلاك السلاح النووي يوماً، خصوصاً بعدما تبيّن أنّه ليس ما يمنعها من استخدامه؟

انتقلت حرب غزّة إلى مكان آخر بعدما دمرّت إسرائيل القطاع تدميراً كاملاً وهجرت أهله وبعدما وفّر لها «حزب الله» فرصة لنقل الحرب إلى لبنان بغية تهجير أهل الجنوب من أرضهم. لكنّ السؤال الذي سيطرح نفسه بقوّة في المستقبل ما التي ستفعله إسرائيل مع «الجمهوريّة الإسلاميّة» في إيران، بعدما صارت هذه المواجهة مكشوفة وواضحة؟

يظلّ أخطر ما في الأمر أنّ «حماس» التي شنّت «طوفان الأقصى» خرجت عن التفاهمات التي توصلت إليها مع إسرائيل من تحت الطاولة. استندت هذه التفاهمات إلى مصلحة للجانبين الحمساوي والإسرائيلي في استمرار حصار غزّة. كان الحصار، الذي وفرت إسرائيل بموجبه وصول المساعدات الماليّة شهريّاً، لـ«حماس»، يؤمّن لليمين الإسرائيلي الحاكم عن طريق حكومة بنيامين نتنياهو، تحقيق هدفه الأساسي. يتمثّل هذا الهدف في منع قيام دولة فلسطينيّة مستقلّة. كانت «حماس» حليفاً لليمين الإسرائيلي الذي رفع شعار «لا يوجد طرف فلسطيني يمكن التفاوض معه».

كان ذلك عذراً لهرب الحكومات الإسرائيلية المتتالية من أي مفاوضات جدّية مع السلطة الوطنيّة الفلسطينية، على الرغم من كلّ تقصيرها وعجزها، بغية التوصّل إلى تسوية معقولة تضمن حدّاً أدنى من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

شكّل ما فعلته «حماس»، وقائدها في غزّة يحيى السنوار بالذات، منعطفاً على الصعيد الإقليمي. هناك الشرق الأوسط في مرحلة ما قبل «طوفان الأقصى» وآخر في مرحلة ما بعد «الطوفان». يمكن الحديث عن هذا الواقع الجديد من منطلق أنّ «حماس» هاجمت مستوطنات ما يسمّى غلاف غزّة. قتلت نحو 1200 إسرائيلي وآخرين من جنسيات أخرى واحتجزت عدداً كبيراً من الرهائن. لاتزال هناك رهائن لدى «حماس» ليس معروفاً هل سيفرج عنها يوما؟

لم يقتصر الأمر على شنّ «حماس» هجوماً انطلاقاً من غزّة أدخل إسرائيل في أزمة وجوديّة. زاد الطين بلة قرار «حزب الله»، وهو قرار إيراني قضى بفتح جبهة جنوب لبنان. بات معروفاً أن إسرائيل ردّت بوحشيّة ليست بعدها وحشيّة أكان ذلك في غزّة أو في لبنان.

مع «طوفان الأقصى» وفتح جبهة جنوب لبنان، سقطت كلّ رهانات اليمين الإسرائيلي على الإسلام السياسي المتطرف (حماس) و(حزب الله) لكسب الوقت وخلق أمر واقع على الأرض. بات على إسرائيل التعاطي مع واقع جديد يتمثّل في قدرة إيران على مهاجمة الدولة العبريّة من جبهات عدّة. بين هذه الجبهات اليمن وجنوب لبنان وسورية والعراق أيضاً.

اكتشفت إسرائيل أنّ عليها أن تأخذ ما باتت تسميه «الخطر الإيراني» على محمل الجدّ. لم يعد في استطاعة أيّ مسؤول إسرائيلي، أكان عسكرياً أو مدنياً، تجاهل «الجمهوريّة الإسلاميّة» التي فشلت في إدارة الحروب التي شنتها على هامش حرب غزّة عن طريق أدواتها، بما في ذلك «حماس» في غزّة و«حزب الله» في لبنان. بعد اغتيال إسماعيل هنيّة رئيس المكتب الساسي لـ«حماس» في طهران وحسن نصرالله الأمين العام لـ«حزب الله» في بيروت، وقبل ذلك استهداف قادة «فيلق القدس» في القنصليّة الإيرانيّة في دمشق، لم يعد هناك مفرّ من مهاجمة إسرائيل انطلاقاً من الأراضي الإيرانيّة.

باختصار شديد، دخل الشرق الأوسط مرحلة جديدة مختلفة. كان «طوفان الأقصى» منعطفاً، كذلك فتح جبهة جنوب لبنان. إنّها مرحلة المواجهة المباشرة بين إسرائيل وإيران وهي مواجهة حاولت «الجمهوريّة الإسلاميّة» دائماً تفاديها والاكتفاء بالقول أنّها تعارض توسيع حرب غزّة، علما أنّها تمسك مفاتيح توسيع هذه الحرب أو عدم توسيعها. هذه مغامرة غير مضمونة النتائج.

أكثر من أي وقت، يبدو المشروع الإيراني مكشوفاً. لم يعد سرّاً أن إسرائيل قررت الدخول في مواجهة مباشرة مع «الجمهوريّة الإسلاميّة» التي بات يخشى استخدامها السلاح النووي في حال حصولها عليه. من كان يتصوّر أن «حماس» ستقدم على شنّ «طوفان الأقصى» ومن كان يغامر بتجاوز «حزب الله» قواعد الاشتباك مع إسرائيل وإجباره نحو سبعين ألف إسرائيلي على النزوح من مستوطنات قريبة من الحدود مع لبنان؟

لا يقتصر الأمر على إسرائيل والتحديات الكبيرة التي ستواجهها وهي تتعلّق بمستقبلها، بل بوجودها. توجد أيضاً أسئلة تتعلّق بالموقف الأميركي الداعم إلى أبعد الحدود للدولة العبريّة في المواجهة بينها وبين إيران. ستكون هذه المواجهة عنوان مرحلة ما بعد حرب غزّة بعدما فقدت الدولة العبريّة رهاناتها على الإسلام السياسي بشقّيه (حماس) و(حزب الله) اللذين يمثلان وجهين لعملة واحدة. كانا وجهين مكملين للسياسة الخرقاء لليمين الإسرائيلي، وهي سياسة تقوم على تجاهل واقع وجود الشعب الفلسطيني على أرض فلسطين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب عرّت الإسلام السياسي وعرّت إسرائيل حرب عرّت الإسلام السياسي وعرّت إسرائيل



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates