متى الإنفجار سؤال الساعة في العراق

متى الإنفجار؟... سؤال الساعة في العراق

متى الإنفجار؟... سؤال الساعة في العراق

 صوت الإمارات -

متى الإنفجار سؤال الساعة في العراق

بقلم - خير الله خير الله

لا يحتاج الوضع العراقي إلى مزيد من جلسات الحوار للتأكّد من أنّ ليس ما ينقذ البلد سوى نظام جديد لا مكان فيه لفوضى السلاح. يبدو قيام نظام جديد صعبا، بل مستحيلا في ظلّ المعادلات السائدة على الأرض، خصوصا في ضوء الإشتباكات الدامية التي وقعت أخيرا في "المنطقة الخضراء" داخل بغداد. يستحيل الوصول إلى نظام جديد من دون طرح سؤال في غاية البساطة: هل العراق لا يزال بلدا قابلا للحياة أم لا؟

الجواب لا ينقصه وضوح. لا تقوم قيامة لدولة في العالم، أي دولة، من دون حصر السلاح بيد القوى الشرعية، أي الجيش النظامي وقوى الأمن بفروعها المختلفة. بكلام أوضح، لا يستطيع العراق ان يعود دولة طبيعيّة قابلة للحياة بوجود جيش رديف هو "الحشد الشعبي". ليس هذا "الحشد" سوى مجموعة ميليشيات مذهبيّة تابعة لـ"الجمهوريّة الإسلاميّة" في ايران. إنّها أداة ايرانيّة لا اكثر، لكنه وجد من يجد لها شرعيّة في العراق!

كلّ ما هو مطلوب من هذه الأداة اثبات أن العراق تابع لإيران ولا شيء آخر غير ذلك. مثل هذه التبعية العراقيّة لإيران هي الهدف الوحيد الذي حققته إدارة جورج بوش الإبن التي اتخذت قرارا باحتلال العراق وتغيير النظام فيه. نفذ القرار في آذار – مارس 2003. لم تمض ايّام قليلة إلّا وكان الجيش الأميركي في بغداد حيث سقط تمثال صدّام حسين في التاسع من نيسان – ابريل من ذلك العام...

تكمن خطورة ما اقدم عليه الزعيم الشيعي مقتدى الصدر منذ الانتخابات النيابيّة في تشرين الأوّل – أكتوبر الماضي في أنّه طرح فكرة استقلال العراق عن ايران. معنى ذلك العودة إلى ما قبل العام 2003. هذا لبّ الأزمة التي يعاني منها العراق حاليا. إنّها أزمة تختزل بسؤال واحد: العراق دولة مستقلّة أم لا؟ ليس في وارد "الجمهوريّة الإسلاميّة" التخلي عن العراق، خصوصا بعدما صار "الحرس الثوري" فيها ممسكا بكل مفاصل السلطة وبعدما بات كلّ إيراني يعرف أن الخروج من بغداد يعني، بالنسبة إلى "الحرس الثوري" الإيراني، الخروج من طهران أيضا.

في تسعة عشر عاما، ربطت "الجمهوريّة الإسلاميّة" مصير العراق بها وربطت مصير النظام في ايران بمستقبل العراق. من هنا، لا مصلحة لدى "الحرس الثوري" في أي استقرار من أي نوع في العراق. كل ما هو مطلوب، إيرانيّا، حصول مزيد من الفوضى في الداخل العراقي كي لا تقوم قيامة للدولة العراقيّة في يوم من الأيّام. ليس من يؤدي مثل هذه المهمّة أفضل من "الحشد الشعبي" بصفة كونه نسخة عن "الحرس الثوري" في ايران...

في غياب القدرة على التفاهم بين مقتدى الصدر، بكلّ ما يمثله، من جهة وزعماء ميليشيات "الحشد الشعبي" وما يسمّى "الإطار التنسيقي" الذي يضمّ الأحزاب الموالية لإيران من جهة أخرى، يبدو العراق امام احتمال واحد. هذا الإحتمال هو انفجار جديد اكبر من ذلك الذي شهدته "المنطقة الخضراء" والذي اوقفه تدخل المرجعية الشيعية في النجف ممثلة بعلي السيستاني. ليس ما يشير إلى إمكان تفادي جولة جديدة من العنف، خصوصا في ظلّ إصرار رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي على بقاء الجيش على الحياد، علما انّه ليس معروفا هل يفيد تدخّل الجيش أم لا. من الواضح أنّ الكاظمي متمسك بألّا تكون هناك نقطة دم على يديه.

اسّس الاحتلال الأميركي للعراق للمأساة الراهنة. لا تزال الأسئلة التي طرحت في مرحلة ما قبل بدء الحرب الأميركيّة على العراق مطروحة. على سبيل المثال، وليس الحصر، كيف يمكن بناء نظام جديد في العراق يكون نموذجا لما يُفترض أن تكون عليه المنطقة عن طريق الإتيان بالميليشيات العراقية، التي حاربت بين 1980 و1988 إلى جانب ايران، إلى بغداد على ظهر دبابة أميركيّة؟

في السنة 2022، صار مصير العراق مرتبطا بمصير النظام الإيراني. ليس ما يشير إلى رغبة "الحرس الثوري" في جعل ايران دولة طبيعية من دول المنطقة تعيش بسلام وامان مع جيرانها، في مقدمهم العراق. ليس هناك ما يدعو إلى أن يكون العراق معاديا لإيران، لكنه من غير الطبيعي أن يكون العراق مجرد جرم يدور في فلك "الجمهوريّة الإسلاميّة". تلك هي المعادلة المرفوضة إيرانيا... وهو رفض لن يقود سوى إلى مزيد من التدهور العراقي.

إذا اخذنا في الإعتبار الهوس الإيراني في بقاء العراق رهينة لدى "الجمهوريّة الإسلاميّة" مع وجود مجتمع عراقي يسعى بأكثريته الساحقة إلى الخروج من السيطرة الإيرانيّة وفساد الطبقة السياسية، نجد نفسنا امام برميل بارود قابل للإنفجار في أي لحظة.

يعود ذلك إلى استحالة الجمع بين نقيضي الدولة المدنيّة ذات المؤسسات الحديثة من جهة ودولة الميليشيات من جهة أخرى، وهي الدولة التي تسعى ايران إلى فرضها على العراق. متى ينفجر الوضع العراقي مجددا؟ ذلك هو سؤال الساعة في وقت تبدو كلّ المخارج السياسيّة مسدودة في بلد يمتلك اهمّية استراتيجية على كل المستويات بدءا بموقعه الجغرافي وانتهاء بثرواته الطبيعية في مقدمها مخزونه النفطي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

متى الإنفجار سؤال الساعة في العراق متى الإنفجار سؤال الساعة في العراق



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates