مقاربة أميركيّة جديدة لإيران أم لا

مقاربة أميركيّة جديدة لإيران... أم لا؟

مقاربة أميركيّة جديدة لإيران... أم لا؟

 صوت الإمارات -

مقاربة أميركيّة جديدة لإيران أم لا

بقلم:خيرالله خيرالله

ثمّة سؤال لا بدّ من طرحه قبل مجيء الرئيس جو بايدن إلى المملكة العربية السعوديّة منتصف الشهر المقبل.من المتوقع إجراء الرئيس الأميركي في الرياض محادثات مع الملك سلمان بن عبد العزيز ووليّ العهد الأمير محمّد بن سلمان. كذلك، سيعقد لقاء مع قادة دول الخليج العربيّة الست يشارك فيه الملك عبد الله الثاني والرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الذي بدأ يتعرّض لضغوط إيرانيّة تستهدف منعه من حضور اللقاء مع الرئيس الأميركي.

السؤال الذي يبدو ضرورياً: هل من مقاربة أميركية جديدة للعلاقة مع إيران والأسس التي يفترض أن تقوم عليها هذه العلاقة؟

إذا كان بايدن مهتماً فعلاً بعلاقة جديدة في مستوى مختلف مع حلفائه في الخليج والمنطقة، علاقة تأخذ في الاعتبار التغيّرات التي يشهدها الشرق الأوسط والخليج والعالم، يبدو مهماً التخلّص بادئ ذي بدء من التفكير الساذج لإدارة باراك أوباما. لا مجال لوضع أسس لعلاقة جديدة مع السعوديّة ودول المنطقة من دون التخلّص من تركة أوباما الذي بقي رئيساً لمدة ثماني سنوات كان فيها جو بايدن نائباً له.

يعني التخلص من التفكير الساذج لإدارة أوباما، الذي اختزل مشكلات المنطقة كلّها وأزماتها بالملفّ النووي الإيراني، السعي إلى فهم ما هو نظام "الجمهوريّة الإسلاميّة" على حقيقته. من أجل فهم هذا النظام على حقيقته، ليس كافياً النظر إليه من زاوية الاتفاق النووي. لا بدّ من النظر إليه من زاوية أوسع تشمل السلوك الذي اعتمده هذا النظام خارج حدوده. في أساس هذا السلوك رفعه شعار "تصدير الثورة". وهو شعار جرى تطويره مع مرور الوقت لتصبح لديه أدوات خاصة به لا تقتصر على الميليشيات المذهبيّة التابعة لـ"الحرس الثوري" فحسب، بل صار أيضاً من بين هذه الأدوات الصواريخ البالستية والطائرات المسيّرة التي استخدمت في غير بلد في المنطقة... واستخدمت في ضرب منشآت نفطيّة سعودية في خريف عام 2019.

يُفترض أن تكون لدى إدارة بايدن القدرة على تطوير مقاربتها للعلاقة مع إيران، وذلك منذ سقوط شاه إيران عام 1979 وقيام نظام "الجمهوريّة الإسلاميّة" المبني على نظرية "الوليّ الفقيه" الذي أسسه آية الله الخميني. لم تكن لدى الخميني حسابات يريد تصفيتها مع شاه إيران فقط، أي مع الإيرانيين أنفسهم. أراد الخميني تصفية حساباته مع دول المنطقة العربيّة كالعراق خصوصاً، ودول الخليج. في مقدمة هذه الدول الخليجية تأتي المملكة العربيّة السعوديّة التي سعت منذ البداية إلى إقامة علاقات تعاون طبيعية مع "الجمهوريّة الإسلاميّة" ولكن من دون نتائج إيجابيّة تُذكر. هل يستطيع الرئيس الأميركي في المرحلة الراهنة بالذات استيعاب خطورة تحوّل جزء من اليمن قاعدة للصواريخ والمسيّرات الإيرانيّة؟

هناك حاجة إلى نقطة انطلاق مختلفة للسياسة الأميركية تجاه المنطقة كلّها في عالم غيّرته الحرب الروسيّة على أوكرانيا تغييراً كلّياً. لا يمكن لنقطة الانطلاق هذه أن تكون أسيرة عقدة اسمها إدارة دونالد ترامب التي مزّقت الاتفاق النووي مع إيران عام 2018. ليس كلّ ما فعلته إدارة ترامب سيئاً. لم تقدم تلك الإدارة على تمزيق الاتفاق النووي إلا بعد اكتشافها أنّ إيران استغلت الاتفاق بهدف محدّد. يتمثّل هذا الهدف في التوسع أكثر في المنطقة عبر تمويل ميليشياتها. يكفي أن تتعلّم إدارة بايدن من درس مسارعتها إلى رفع الحوثيين في اليمن عن قائمة الإرهاب، للتأكّد من غياب أي جدوى من استرضاء إيران والرضوخ لشروطها كما فعل باراك أوباما. تجاهل أوباما وجود "خط أحمر" وضعه أمام النظام السوري عندما استخدم الأخير السلاح الكيماوي في الحرب التي يشنها على الشعب السوري في آب (أغسطس) من عام 2013. نسي "الخط الأحمر" الذي تحدث عنه بنفسه كي لا يزعج "الجمهوريّة الإسلاميّة". صار، وقتذاك، يرى كلّ الألوان باستثناء الأحمر!

مقاربة جديدة أم لا، ذلك هو السؤال الذي لا مفرّ من طرحه قبل مجيء بايدن إلى السعودية بحثاً عن تفاهم جديد مع المملكة وُلد من الحاجة إلى النفط. مثلما أعاد الرئيس الأميركي اكتشاف أهمّية السعوديّة ومنطقة الخليج، يبدو أنّ عليه اكتشاف إيران وما تفعله في المنطقة، منذ 1979 بدل الاتكال على خبرة روب مالي المسؤول عن ملفّ "الجمهوريّة الإسلاميّة" في الإدارة!

أي جو بايدن ستستقبله السعوديّة التي تمرّ حالياً في تحوّلات كبيرة لم تشهد مثيلاً لها منذ أيام الملك عبد العزيز؟ أي جو بايدن سيتعاطى مع قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربيّة ومع العاهل الأردني والرئيس المصري ورئيس الوزراء العراقي؟

من الواضح أنّ رئيس أميركا يأتي إلى منطقة يسودها الحذر حيال كلّ ما له علاقة من قريب أو بعيد بإدارته ومعظم رجالها. ليس لديه ما يطمئن به أهل الشرق الأوسط والخليج غير مقاربة جديدة للتعاطي مع إيران. تقوم هذه المقاربة على واقع لا على أوهام، وتنطلق من أنّه حيث تكون "الجمهوريّة الإسلاميّة"، مباشرة أو عبر إحدى ميليشياتها، هناك أزمة عميقة تهدد مصير هذه الدولة العربيّة أو تلك. يؤكّد ذلك ما آل إليه العراق وسوريا ولبنان واليمن... هل يحتاج الرئيس الأميركي إلى أمثلة صارخة أخرى كي يؤمن بالمقاربة الجديدة وضرورتها؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مقاربة أميركيّة جديدة لإيران أم لا مقاربة أميركيّة جديدة لإيران أم لا



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

GMT 04:59 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات
 صوت الإمارات - علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات

GMT 15:23 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

تغير المناخ المستمر يشكل خطرًا على التوازن البيئي للطيور

GMT 17:51 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أشهر المطاعم العربية الحلال في جنيف

GMT 18:46 2013 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

"سوني" تطرح بلاي ستيشن 4 في عدد من الدول

GMT 13:10 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

انطلاق المؤتمر الدولي للحد من الزئبق

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,01 شباط / فبراير

أفكار بسيطة لتجديد المنزل بأقل التكاليف الممكنة

GMT 23:13 2016 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

الإضاءة الداخلية عنوان في هوية المكان

GMT 20:50 2013 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إنفاق 237 مليار دولار سنويًا لدعم الطاقة في الشرق الأوسط

GMT 05:53 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

إسطنبول مدينة رائعة تحضن كل الأمزجة التي تنبض بالحياة

GMT 09:41 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

بحث مشاريع الطاقة بين الأردن ومصر والعراق

GMT 19:07 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة بطلة فيلم "لوليتا"

GMT 03:55 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

إشادة كبيرة من الجمهور المشارك في حفل "الماسة كابيتال".

GMT 01:26 2019 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير تشيز كيك التفاح بطريقة سهلة وبسيطة

GMT 10:14 2019 الخميس ,06 حزيران / يونيو

إخراج عنكبوت صغير مِن أعماق أذن امرأة فيتنامية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates