الرهان على العراق

الرهان على العراق

الرهان على العراق

 صوت الإمارات -

الرهان على العراق

بقلم - خيرالله خيرالله

غادر الرئيس جو بايدن المنطقة. كانت زيارته للمملكة العربيّة السعودية التي سبقتها زيارة لإسرائيل، شملت توقفاً في بيت لحم، مناسبة لتأكيد أمر في غاية الأهمّية.

يتمثل هذا الأمر في أنّ أمن الطاقة على الصعيد العالمي يمرّ في الخليج العربي من جهة ويحتاج إلى موقف رادع للمشروع التوسّعي الإيراني من جهة أخرى.

مرّة أخرى ظهرت على الصعيد الإقليمي، من خلال جولة بايدن والقمم التي انعقدت في جدّة، أهمّية العراق، صاحب الثروة النفطية الكبيرة، وخطورة الخلل الناجم عن غياب هذا البلد عن منظومة الردع الخليجية للطموحات الإيرانيّة. لا يزال العراق رهينة ايرانيّة رغم انّ أكثريّة الشعب العراقي تسعى في كلّ يوم إلى تأكيد رفضها لهذا الواقع.

ليس أفضل من مقتدى الصدر في التعبير عن هذا الرفض، خصوصا عندما يقول إنّ لا مجال لقيام دولة في العراق ما دامت هناك ميليشيات تابعة لإيران منضوية تحت ما يسمّى «الحشد الشعبي»!

كان العراق حاضراً في قمّة جدّة.

لا شكّ أنّ رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي امتلك الكثير من اللباقة والديبلوماسيّة في خطابه السياسي، إن في جدّة أو قبل مغادرته بغداد إلى السعوديّة.

شدّد في كلّ وقت على الدور الإقليمي للعراق كقوة ترفض انّ تكون في ايّ محور من المحاور، لكنّ السؤال هل يعتبر ذلك كافياً كي تتخذ «الجمهوريّة الإسلاميّة» موقفاً إيجابياً يعترف بأنّ ايران هي ايران وانّ العراق هو العراق؟

من الواضح، أنّ مجيء الكاظمي إلى جدّة حدث في غاية الأهمّية.

لكنّ ذلك لا يغني عن الاعتراف بانّ الوصول إلى القرار العراقي المستقلّ مسألة في غاية الصعوبة في ظلّ التوجه الإيراني الذي لا هدف له سوى تأكيد أنّ هناك أمراً واقعاً لا مجال لتجاوزه.

يتمثّل هذا الأمر الواقع في انّ العراق بات تحت الهيمنة الإيرانيّة منذ سلمّته إدارة جورج بوش الابن، في ربيع العام 2003، إلى «الجمهوريّة الإسلاميّة».

لا يعود ذلك إلى السذاجة وقصر النظر اللذين تمتع بهما بوش الابن وفريق عمله فحسب، بل إلى نظام عراقي تحكّم به كلّيا صدّام حسين، بعد العام 1979 ايضاً.

لم يدرك صدّام شيئاً في يوم من الأيّام عن طبيعة التوازنات الإقليميّة والدوليّة.

لم يعرف يوماً ماذا يدور في المنطقة وماذا يدور في العالم.

ذهب العراق ضحيّة الجهل الأميركي والعقل التبسيطي لرجل جاء من الريف إلى المدينة ورفض أن يتعلّم شيئاً عن حقيقة ما يدور في المنطقة والعالم وكيف التعاطي مع الأحداث.

اللافت في مرحلة ما بعد التطورات الكبيرة التي يشهدها العالم منذ حرب أوكرانيا، زيادة العدوانية الإيرانيّة في كلّ الاتجاهات. يأتي ذلك وقت لم يعد سرّا أنّ فلاديمير بوتين بات في حاجة إلى «الجمهوريّة الإسلاميّة» أكثر من أي وقت وفي غير مكان وعلى غير صعيد.

تظهر إيران عدوانيتها في العراق أكثر من أيّ مكان آخر.

يظلّ العراق بالنسبة إليها الجائزة الكبرى التي لا تستطيع التخلي عنها بأيّ شكل. عطّلت إيران الحياة السياسيّة في العراق منذ نحو تسعة أشهر.

أي منذ إجراء انتخابات نيابيّة لم ترق نتائجها لها.

يستطيع الكاظمي، من دون شكّ، لعب دور الوسيط بين إيران والسعوديّة واستضافة لقاءات بين الجانبين في بغداد، لكنّ الواضح انّه لم يتمكن، أقلّه إلى الآن، من تحقيق أي خطوة كبيرة إلى الأمام في العلاقة بين المملكة و«الجمهوريّة الإسلاميّة».

جعل ذلك اللقاءات السعوديّة - الإيرانيّة أقرب إلى مفاوضات من أجل المفاوضات في ظلّ رغبة ايرانيّة في كسب الوقت ليس إلّا.

لم يكن مجيء رئيس الوزراء العراقي إلى جدّة تعبيراً عن رغبة عربيّة في استعادة العراق فقط.

كان أيضاً تعبيراً عن خطوة أميركية تستهدف تصحيح خطأ تاريخي ارتكبه جورج بوش الابن واستكمله باراك أوباما.

هناك سؤالان مطروحان في هذه المرحلة بالذات. يتعلّق السؤال الأوّل بهامش المناورة الذي يمتلكه الكاظمي الحريص، في ما يبدو، على لعب العراق لدور متوازن على الصعيد الإقليمي.

يتعلّق السؤال الآخر بمدى جدّية إدارة جو بايدن في وضع حدود لعدوانيّة ايران.

ليس سرّاً أن الكاظمي يواجه وضعاً عراقياً معقداً على رأس حكومة مستقيلة منذ تسعة أشهر في ظلّ تجاذبات سياسيّة تعبّر عن حال من الفوضى لا تستفيد منها سوى ايران.

ليست التسريبات الأخيرة لكلام صادر عن نوري المالكي، رئيس الوزراء السابق، سوى دليل على عمق التجاذبات الداخليّة العراقيّة. لم يكتف المالكي، وهو موالٍ لـ«الجمهوريّة الإسلاميّة» بتوجيه انتقادات شديدة إلى مقتدى الصدر وإلى مهاجمة السنّة والأكراد.

ذهب إلى أبعد من ذلك عندما اعترف بانّه وراء انشاء «الحشد الشعبي» وأن الهدف من ذلك تكرار تجربة «الحرس الثوري» في إيران.

بوجود الإدارة الأميركيّة الحالية، يخشى من غياب جدّية في التصدي لإيران ومشروعها التوسّعي، خصوصاً أنّ بايدن نفسه سيجد نفسه في وضع لا يحسد عليه بعد انتخابات مجلسي الكونغرس في نوفمبر المقبل.

توجد في واشنطن إدارة مترددة لم تعِ يوماً خطورة المشروع التوسّعي الإيراني. لم تستفق على أهمّية الخليج ودوره إلّا بعد حرب أوكرانيا ونشوء أزمة الطاقة العالميّة.

في المقابل، يدعو إلى بعض التفاؤل وجود إرادة خليجية في لعب دور مستقل بعيداً عن نيات إيران وما تثيره من تحديات. تصبّ هذه الإرادة الخليجية المدعومة من مصر والأردن بالسعي إلى استعادة العراق من دون إثارة الحساسيات الإيرانيّة.

ليس مشروع ربط العراق بشبكة الكهرباء الخليجية سوى دليل على تسهيل مهمّة الكاظمي، وهو شخص غير معادٍ لـ«الجمهوريّة الإسلاميّة»، وتوسيع هامش المناورة العراقي تجاه طهران.

هل مثل هذا الرهان على العراق ودوره المتوازن في محلّه؟ تصعب الإجابة عن مثل هذه السؤال في وقت ستبذل إيران، عبر ميليشياتها العراقيّة، كل ما تستطيع كي يبقى البلد رهينة أخرى لديها على غرار حال سورية ولبنان وجزء من اليمن.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرهان على العراق الرهان على العراق



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 05:27 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أزياء ومجوهرات توت عنخ آمون الأيقونية تلهم صناع الموضة
 صوت الإمارات - أزياء ومجوهرات توت عنخ آمون الأيقونية تلهم صناع الموضة

GMT 05:35 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الذكاء الاصطناعي يساهم في انبعاثات ضارة تؤثر سلباً على البيئة
 صوت الإمارات - الذكاء الاصطناعي يساهم في انبعاثات ضارة تؤثر سلباً على البيئة

GMT 12:25 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

الضحك والمرح هما من أهم وسائل العيش لحياة أطول

GMT 06:44 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

معرضان مهمان لحبيب جورجي وفنان فنزويلي في القاهرة

GMT 05:23 2018 الإثنين ,09 إبريل / نيسان

120 ألف زائر لـ " مهرجان دبي وتراثنا الحي "

GMT 12:47 2013 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

الحكومة تدرس إنشاء 4 مجمعات تكنولوجية

GMT 12:22 2013 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

750مليار دولار فاتورة تزود العالم بالنفط والغاز 2014

GMT 10:20 2016 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

داغستان تحظر 40 موقعًا متشددًا من على "الإنترنت"

GMT 08:37 2016 الجمعة ,30 أيلول / سبتمبر

طرح "Hands of Stone" في دور العرض المصرية الخميس

GMT 17:55 2012 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

الطيور تستعين بأعقاب السجائر لطرد الآفات )

GMT 04:13 2016 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

"سك العملة" تشارك بجناح في معرض القاهرة للكتاب

GMT 19:37 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates