الشارقة - صوت الامارات
ترتبط دولة الإمارات العربية المتحدة بعلاقات اقتصادية وطيدة مع القارة الأوروبية عمومًا، وتأخذ هذه العلاقات بعداً أكثر تميزاً وعمقاً على مختلف الصعد عندما تتعلق بالقوة الاقتصادية الكبرى في القارة الأوروبية ممثلة بجمهورية ألمانيا الاتحادية، وفيما يتعلق بإمارة الشارقة، فتعتبر العلاقات مع ألمانيا فريدة من نوعها على مختلف الصعد، فهي أحد أكبر الشركاء الاقتصاديين للإمارة فيما يخص تبادلاتها التجارية مع أوروبا، كما أن ألمانيا مصدر مهم لحركة السياحة المحلية، في وقت تتخذ 422 شركة ووكالة تجارية ألمانية من الشارقة مقرًا لها، وتعمل في مختلف القطاعات الاستثمارية.
وتنظر هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير "شروق" إلى ألمانيا باعتبارها محرك نمو اقتصادي عالمي جبار، وتسعى الهيئة باستمرار إلى الترويج لمميزات الاستثمار ومناخ الأعمال الجاذب في الشارقة، وتعريف رجال الأعمال الألمان بالفرص الكامنة في الإمارة، بهدف استقطابهم لتأسيس شركات لهم فيها، مع توفير كل سبل الدعم المتاحة لهم للنهوض بأعمالهم، محلياً وإقليميًا.
وتعتبر الإمارات الشريك التجاري الأكبر لألمانيا في العالم العربي، كما أنها تعد خامس أهم شريك تجاري لها، إذ وصل حجم التبادل التجاري بين الجانبين إلى 15.5 مليار دولار (57 مليار درهم) في عام 2015، كما وصل عدد الشركات الألمانية العاملة في الدولة إلى أكثر من 159 شركة إضافة إلى 420 وكالة تجارية، و8413 علامة تجارية مسجلة جميعها لدى وزارة الاقتصاد، في وقت يقيم أكثر من 10 آلاف مواطن ألماني في الإمارات.
ويعزى الاهتمام الألماني الكبير بالإمارات، والتوجه المتنامي لمواطنيها للعمل فيها إلى مكانة الدولة وما تحتله من موقع استراتيجي يجذب المستثمرين، إضافة إلى كونها تمثل مركزاً مالياً مهماً، ومنفذاً تجارياً إلى العالم العربي والشرق الأقصى، في ظل بيئة تتسم بالاستقرار والسمعة العالمية الطيبة وتقدم تسهيلات متميزة ومناخ استثماري رائد، استطاعت من خلاله جذب الشركات الأجنبية من مختلف أنحاء العالم، التي تعمل انطلاقاً منها في عموم منطقة الشرق الأوسط.
وعلى صعيد العلاقات الاقتصادية التي تربط الشارقة بألمانيا، فقد اتخذت طوال الفترة الماضية منحى ازداد تميزاً كل عام؛ واليوم، باتت إمارة الشارقة تحتضن مقرات لـ422 شركة ووكالة تجارية ألمانية، تتوزع بواقع 100 شركة في مدينة الشارقة، و154 شركة في المنطقة الحرة بالحمرية، و168 شركة في المنطقة الحرة في مطار الشارقة.
وبالنسبة لإمارة تستهدف أن تكون وجهة أولى للاستثمار في المنطقة، لا يقتصر الأمر على كم الشركات الألمانية الموجودة فيها، بقدر ما يتربط بتنوع استثمارات تلك الشركات ومجالات أعمالها، وقدرة الإمارة على جذب الشركات التي تمتلك شبكات الأعمال الأوسع في المنطقة والعالم، وهذا ما نجحت فيه الشارقة باقتدار، إذ تمكنت من استقطاب أسماء ذات ثقل في المنظومة الاقتصادية الدولية، مثل: "لوفتهانزا" شركة الطيران الرائدة عالمياً، و"شيوكو" التي تعد واحدة من كبار موردي النوافذ والأبواب والواجهات ذات الجودة العالية المصنوعة من الألمنيوم والـ(بيه في سي) والصلب، والمدرسة الألمانية الدولية بالشارقة التي تأسست عام 1976، بالإضافة إلى شركة المشاريع الألمانية الخليجية، التي لعبت منذ تأسيسها عام 1974 دوراً مهماً في تزويد عدد من القطاعات والصناعات الحيوية مثل النفط والغاز والطيران وبناء السفن والضيافة، بالحلول والخدمات التقنية اللازمة لتلبية مختلف احتياجاتها.
وخلال عام 2013، استأثرت ألمانيا وحدها بأكثر من 15% من إجمالي واردات الشارقة من أوروبا، فيما استقبلت في العام نفسه 13.5% من صادرات الإمارة وإعادة تصديرها للبضائع غير النفطية المتجهة إلى أوروبا، وهو ما يوضح المكانة المتنامية التي يتمتع بها الاقتصاد الأقوى في أوروبا بالنسبة للشارقة.
وعلى الصعيد السياحي، شكل النزلاء الأوروبيون نحو 19% من إجمالي نزلاء فنادق إمارة الشارقة عام 2013، فيما شكلوا ضعف هذه النسبة (40% تقريباً) من إجمالي نزلاء الشقق الفندقية في الإمارة في العام نفسه، وتجدر الإشارة هنا إلى أن ألمانيا تعتبر من أهم الأسواق الأوروبية المصدرة للسياح إلى الإمارة.
وفي إطار سعيها الدائم للترويج للشارقة استثمارياً في مختلف المحافل الدولية، لاسيما الدول ذات الاقتصادات الكبرى، انتهجت هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق) تعزيز العلاقات المتميزة التي تربطها بالشركات والمستثمرين ورجال الأعمال الألمان، فمنذ أربعة أعوام بدأت الهيئة زيارات سنوية إلى ألمانيا نظمت خلالها ملتقيات أعمال وشاركت في فعاليات اقتصادية لتعريف الشركات الألمانية بمزايا الاستثمار في الشارقة، والعمل على جذب رؤوس الأموال الألمانية إلى الإمارة.
وبدأت علاقة (شروق) مع ألمانيا بزيارة نظمتها في نيسان/أبريل من عام 2012، إلى معرض هانوفر ميسي، لتشارك بعدها في الفترة من 27 يونيو وحتى 4 تموز/يوليو من العام نفسه بأعمال المجلس العربي الألماني الثاني، الذي انعقد في مدن برلين وميونخ وفرانكفورت، وفي عام 2014، نظمت (شروق) ورشة عمل في 3 آذار/مارس في كل من برلين وهامبورغ للتعريف بمكانة الشارقة منصة أولى للاستثمارات في المنطقة، وبعدها بأيام استعرضت مقومات قطاع السياحة والسفر الواعدة في الإمارة خلال مشاركتها في معرض بورصة برلين للسياحة والسفر.
وشهد عام 2015، نقلة نوعية في تعزيز العلاقات الاستثمارية، بتنظيم (شروق) ومشاركتها في 4 فعاليات اقتصادية، استهلتها بملتقى أعمال عقدته في الشارقة في 5 فبراير حضره وزير الصحة الألماني؛ اتبعتها بمشاركتها في جولة ترويجية تم تنظميها في كل من برلين وشتوتغارت حول الفرص الكامنة في قطاع الصحة العربي، استعرضت خلالها للفرص الاستثمارية في القطاع الصحي بالشارقة.
وفي شهر حزيران/يونيو من العام نفسه، نظمت (شروق) ملتقى أعمال مع "برلين بارتنرز للأعمال والتكنولوجيا" استعرضت فيه فرص الاستثمار في مختلف القطاعات الواعدة في الشارقة، لتشارك بعده بيوم، وتحديداً في 10 يونيو، في فعاليات "الملتقى الاقتصادي العربي الألماني الـ18" في برلين.
وقال سعادة مروان بن جاسم السركال، المدير التنفيذي لهيئة الاستثمار والتطوير (شروق): "تتمتع العلاقات الإماراتية الألمانية بروابط خاصة جداً، جعلت منها نموذجاً يحتذى للعلاقات الاقتصادية الناجحة بين دول المنطقة وأوروبا، يشهد عليه تبادل تجاري كبير بحجم لامس 50 مليار درهم بين الجانبين في عام 2014".
وأضاف السركال، الذي اختير عضواً في المجلس الإماراتي الألماني المشترك للصناعة والتجارة: "لم تكن إمارة الشارقة بمنأى عن هذا التميز الفريد في العلاقات، فباعتبارها عجلة النمو الصناعي في دولة الإمارات، استطاعت الإمارة استقطاب العديد من الشركات الألمانية الكبرى الباحثة عن بيئة أعمال مثالية في المنطقة تستطيع أن تتفهم احتياجات هذه الشركات للنمو والتوسع، وتوفر لها ميزات تنافسية في ظل سوق مفتوحة ترحب بالاستثمارات الوافدة عبر الحدود".
وتابع: "من هذا المنطلق، ارتبطت (شروق) منذ عدة أعوام بالتزام قوي وراسخ اتجاه ألمانيا، وبدأت تبذل جهوداً ترويجية متواصلة وكبيرة في سبيل تعريف رجال الأعمال الألمان بالفرص الواعدة ضمن مختلف القطاعات الاقتصادية التي تحتضنها إمارة الشارقة، لاسيما ضمن قطاعات البيئة والصحة والخدمات اللوجيستية والسياحة؛ وهذه الجهود تكللت بالنجاح عاماً تلو آخر، حتى باتت الشارقة مقراً معتمداً للعديد من الشركات العالمية الكبرى، ومنطلقاً لأعمالها إلى المنطقة برمتها".
وأوضح السركال أن "التنوع الغني الذي يتسم به اقتصاد الشارقة، مكن الشركات العاملة في مختلف القطاعات من تحقيق نتائج أعمال مبهرة، في دراسة أعددناها مؤخراً بالتعاون مع شركة (دن آند برادستريت) العالمية المتخصصة بإعداد الدراسات السوقية، تبين أن 52% من الشركات العاملة في الشارقة استطاعت تحقيق نمو في عائداتها، في وقت شهدت 37% من الشركات استقراراً في هذا الجانب، بينما أكدت 46% من الشركات العاملة في الإمارة أنها أرباحها الصافية شهدت زيادة، فيما أكدت 34% من الشركات أن ربحيتها استقرت، وهذا الأرقام تؤكد وبما لا يدع مجالاً للشك بأن الإمارة على الطريق لمواصلة النمو المستدام مستقبلاً، ما يفتح المجال أمام فرص لا نهائية أمام الشركات الألمانية وغيرها، الراغبة في تحقيق العوائد المرتفعة والأداء المميو، وأن تكون جزءاً من قصة النجاح الكبرى التي لاتزال الشارقة تكتبها كل يوم".
أرسل تعليقك