كشف المسؤول في ديون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة "بنك أوف أميركا ميريل لينش" جان مايكل صليبا، عن توقعاته بتسجيل حكومة دبي مجددًا فائضًا في موازنتها المالية، بعد أن شهدت عجزًا ماليًا في الأعوام التالية على تفجر الأزمة المالية في العام 2009، مرجعًا أسباب هذا الفائض المُتوقع إلى زيادة إيراداتها المُتحصلة، منها رسوم بوابات سالك، وارتفاع رسوم تسجيل العقارات.
ودلل صليبا على ذلك بأن دائرة المالية في حكومة دبي نجحت في تجاوز هدف الموازنة لعام 2013 بخفض العجز إلى 1.5 مليار درهم، ما يعادل 0.4 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وتستهدف موازنة 2014، إجراء المزيد من الخفض في عجز الموازنة، ليبلغ نسبه مقدارها 0.2 ٪، مشيرًا إلى أنه رغم ارتفاع النفقات المُستهدفة بنسبة 11٪ على أساس سنوي، فإنه من المخطط رفع حصيلة الإيرادات المُقدرة في الموازنة بنسبة 11 ٪.
وتوقع صليبا أنّ يشهد الناتج المحلي الحقيقي لإمارة دبي تسارعًا في وتيرة النمو في العامين 2014 و2015، ليصل إلى نسبة مقدارها 5 ٪، مشيرًا إلى أن القطاعات الخارجية للاقتصاد، وفي مقدمتها السياحة والتجارة، ستقود الزيادة في معدلات النمو، لا سيما في ضوء تراجع مساهمة قطاعات الإنشاءات والعقارات.
ولفت صليبا إلى أن فوز إمارة دبي باستضافة معرض إكسبو 2020، سيوفر قوة زخم إضافية لدعم نموها الاقتصادي، بعد تسجيلها نموًا بمتوسط سنوي بلغ 10 ٪ في الفترة 2000- 2010، حقق ناتجها المحلي الحقيقي في عام 2013، نموًا بلغت نسبته 4.6 ٪.
ورصد صليبا التوجه إلى تقليص الضمانات الحكومية لعمليات اقتراض الشركات الحكومية، واصفًا هذا التوجه بأنه إيجابي، وأنّ الشركات الحكومية في إمارة دبي أحرزت تقدمًا متواصلاً ومنتظمًا في عمليات إعادة هيكلة الالتزامات المُستحقة عليها، وإن تفاوتت في ما بينها في مستويات هذا التقدم، مشيرًا إلى أن انتعاش القطاع العقاري، وتحسين سيولة القطاع المصرفي، أتاح للشركات الحكومية حيزًا متسعًا لالتقاط الأنفاس، مدللاً بإشارته إلى انتهاء عملية إعادة هيكلة الالتزامات المُستحقة على مجموعة دبي القابضة، وتقديم شركة أملاك اقتراحًا نهائيًا لدائنيها بخصوص إعادة هيكلة الالتزامات المٌستحقة عليها، ودفع شركة نخيل لالتزامات مستحقة قبل حلول موعد تسديدها.
وأعرب صليبا عن اعتقاده أن إمارة دبي تتبع استراتيجية لمعالجة تحديات المديونية، تهدف إلى توليد السيولة النقدية الداخلية، مشيرًا إلى أن هذه الاستراتيجية تتضمن محاور عديدة، يبرز منها عمليات بيع الأصول، وإعادة التمويل، والدعم المصرفي، إضافة إلى الدعم المحتمل لإمارة أبوظبي.
وأوضح صليبا أن تعافي اقتصاد إمارة دبي من أوجه التجاوزات التي قادت إلى انفجار الفقاعة الاقتصادية في عام 2009، وصار أوسع نطاقًا وأكثر رسوخًا وتماسكًا، لفتًا إلى أن هذا التعافي يلقي دعمًا من مجموعة مقومات اقتصادية ومالية ونقدية، منها ارتفاع أسعار النفط، واتباع سياسة نقدية تكيفية، وانتعاش قطاع العقارات، وتزايد قوة القطاع الخارجي للاقتصاد، إضافة إلى إحرازه تقدمًا متواصلاً ومنتظمًا في عمليات هيكلية الالتزامات المالية، والشركات الحكومية، والمضي قدمًا وبقوة إلى دعم النظام المالي.
وأكد صليبا أن الديون السيادية لإمارة دبي تشهد حالة من الاستقرار، مشيرًا إلى أنّ انتعاش نمو اقتصاد الإمارة، ودعم قوة وتماسك النظام المالي، يقودان إلى تخفيف الضغوط الناجمة عن التوجه صوب تقليص الديون على المستوى السيادي، وقدر أن إجمالي الديون الحكومية حتى آذار/مارس 2014 تقف عند مستوى 56.1 مليار دولار، ما يوازي 57.2 ٪ من قيمة الناتج المحلي الإجمالي للإمارة، ويتضمن هذا المبلغ ديونًا مستحقة لبنك الإمارات دبي الوطني بقيمة 26 مليار دولار، ما يعادل 26.6٪ من قيمة الناتج المحلي الإجمالي.
وقيّم صليبا قدرة القطاع المصرفي في دبي على مساعدة الشركات الحكومية في عمليات إعادة هيكلة المستحقات المطلوبة منها، بإشارته إلى أن المصارف تتمتع بوضعيه أفضل، من ناحية السيولة والرسملة، مقارنة بوضعها في العام 2008، ما يدعم قدرتها على تلبية الاحتياجات التمويلية للشركات الحكومية في إمارة دبي، موضحًا أنّ توقعات مصرف الإمارات المركزي تُفيد بأن القروض الرديئة شهدت في العام 2013 ارتفاعاً بنسبة 8 ٪، وأن التسهيلات الائتمانية الممنوحة من المصارف إلى القطاع الخاص، تحوم حول نسبة مقدارها 10 ٪، مشيرًا إلى أن هذه الأرقام تقل كثيرًا عما كانت عليه في السنوات السابقة، على تفجر الأزمة المالية التي شهدتها إمارة دبي في العام 2009.
وأشار صليبا إلى أن القروض الممنوحة من المصارف إلى القطاع العام سجلت مستويات عالية لم تشهدها إمارة دبي منذ أواخر السبعينيات من القرن الماضي، ولفتًا إلى أن الحساب الخارجي للقطاع المصرفي الذي شهد تحسنًا ملحوظًا، بأنه سجل نموًا إيجابيًا في العام 2013.
ويتابع صناع القرار في إمارة دبي، عن كثب، التطورات الجارية في القطاع العقاري، بغرض التحوط ضد الارتفاعات السريعة وغير المستدامة في الأسعار، بما يزيد مخاطر نشؤ عمليات تصحيح سعرية لهذا القطاع.
وبيّن صليبا أنه يجري إضافة عقارات جديدة إلى السوق، بطريقة متأنية ومحسوبة في ضوء ما شهده السوق في أعقاب الأزمة من خروج للمطورين العقاريين من الفئة الثانية، وتوجه المطورون إلى الاستفادة من ازدهار السوق لبيع مخزون العقارات لديهم، لفتًا إلى أن المستثمرين الأجانب، غير الخليجيين، ذوي الثروات المالية الكبيرة يمثلون قوة رئيسة محركة لعودة الحيوية والديناميكية لقطاع العقارات السكنية، وهو وضع من شأنه أن يزيد تعرض القطاع العقاري لمخاطر المضاربة، الأمر الذي أستوجب وضع أطر تنظيمية تتميز بالرشاد والحصافة على المستوى الكلي، بهدف معالجة هذه المخاطر.
وأبرز صليبا أن عمليات البيع الكثيفة للأسهم التي يشهدها سوقا دبي وأبوظبي الماليين، من وقت لآخر، لا تعكس الإطار العام لأوضاع الاقتصاد الكلي الذي تتجلي في تزايد رسوخ تعافي اقتصاد إمارة دبي الذي صار يمتلك إمكانات ضخمة للنمو بفضل فوزها باستضافة مؤتمر ومعرض إكسبو 2020، مؤكدًا قوة مقومات الاقتصاد الكلي، التي يبرز من بينها الانخفاض الحاد للديون الخارجية، وتوافر قدر من السيولة المحلية التي تكفل تعزيز أوضاع أسواق الأسهم المحلي.
أرسل تعليقك