صنعاء - صوت الامارات
يعتبر الكاتب الدكتور محمد فخر الدين في كتابه «الحكاية الشعبية المغربية» أن الحكاية هي عبارة عن مخزن مهمّ للصور والرموز والنماذج الأصلية والخطاطات التي تكوّن المتخيل الشعبي المغربي، إنها مكونات ثقافية تطبع المتخيل وتستكشف طبيعته.
وهي الحلم الجماعي الذي يهرب فيه الجميع من ذواتهم ويحققون خلاله رغباتهم الدفينة، تختلط فيه السخرية والمرح بعنف الرغبات الطفولية، وتطلق فيه حكمة السنين منظمة أحوال البشر من جديد.
تساهم الحكاية الشعبية المغربية في تقويم حياة الجماعة وتدعو إلى ضرورة إعادة النظر في بعض المظاهر والعادات السيئة.
كما يسود التفاهم بين الرجل والمرأة لتأخذ هذه الأخيرة حقوقها المعيشية كلها، وتؤمن نفسها من اعتداء الزوج، والمجانية غير موجودة في الحكاية الشعبية؛ فعلى الإنسان أن يشقى ويتعب للحصول على لقمة العيش، لذلك نجدها تحتفي بالعمل والاحتيال في سبيل تحصيل الرزق، إضافة إلى أنها توسع المتخيّل وتخصب خياله وتساعده على التفكير والتركيز...يجتمع الأولاد حول الجدّة أو الأم أو الأخت الكبرى، ومن خلالهم تنتقل تجارب وحكم الكبار لتغلغل في نفوس الصغار، وأداؤها غير قاصر على النساء بل قد يرويها الرجال أحياناً.
ويبين الكاتب أن النساء استعملن الحكاية الشعبية للتعبير عن أنفسهن وعن العالم الرتيب الذي يعشنه، بينما كان الرجال يسردون حكايات أبطال التاريخ والحماسة.
وقد تخصصت المرأة أكثر من الرجل في سرد الحكايات الشعبية واهتمت بها أكثر من غيرها لأنها وجدت فيها متنفساً لأحزانها وآمالها ورغباتها، مما ساعدها على تربية أبنائها، ونقل القيم الاجتماعية إليهم.
من هنا، فإن الحكاية الشعبية تشكل متحفاً للصور والرموز التي راجت في المجتمع المغربي وتراكمت منذ أجيال قديمة، وكونت المتخيل الجماعي.
وفي نهاية الكتاب يأمل الكاتب أن يكون قد وفق في رفع بعض الضيم الذي لحق بالسرد الشعبي، وهو مقتنع أنه قادر على الانبعاث من جديد في أشكال معاصرة تواكب تيارات التحديث.
أرسل تعليقك