شغف البحث عن معنى حتى الموت
آخر تحديث 15:47:36 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

شغف البحث عن معنى حتى الموت

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - شغف البحث عن معنى حتى الموت

شغف البحث عن معنى حتى الموت
القاهرة -صوت الامارات

هي حكايات بسيطة، تحدث كل يوم ومع كل شخص.. تلفتنا وجوه في الحافلات.. نمضي في مسافات طويلة.. نحلم أحلاماً غرائبية نتوجس من آثارها.. تثرثر النساء في صالونات التجميل.. نحدق في المرايا.. تعيد أفلام شاهدناها الإثارة إلى ذاكرتنا، وكذلك ما نقرأ أو نكتب من قصص.. نمضي إلى همومنا وأعمالنا اليومية.. نهرم.. وكذلك نموت..

ولكن الأحداث البسيطة لا تعني لنا جميعاً الشيء ذاته، ولا نقرأها بالعين ذاتها.

من هنا تنفتح قصص مجموعة «سَمّه المفتاح إن شئت» للقاصة الأردنية د. أماني سليمان، على مستويات أعمق للقراءة تغلفها بساطة السرد.

مستوى ينبش في ممكنات التأويل والتفسير والمعرفة، ومشروعية طرقها.

وهي طرق إنما تبحث في مستواها الثاني عن مفاهيم كبرى، هي تاريخياً الشاغل الوجودي المشترك للإنسان: «الله.. الموت.. الزمن.. الكون.. الإنسان نفسه.. وكذلك معرفته ذاتها».

وهما مستويان لا يتنكران للهموم الانسانية البسيطة، ليمضيا وحدهما في بحث نظري، ربما بات معزولاً، أو حتى مشلولاً عن أن يمنح من المعرفة وأسبابها أكثر مما أعطى.

المعرفة مهما تعددت المقاصد التي تبحث عنها، تظل إنسانية، والإنساني لا أنجع من أن يبحث عنه إلا هناك داخل صيرورة حياته، وإذا كانت القصة حياة فلها أن تبحث في أي من متعلقات الانسان شرط أن لا تقفز عن تلك الصيرورة.

من هذا الشرط تنطلق الكاتبة، لفحص مستوى نظري من اختصاصها الأكاديمي من خلال القص (بأنسنته من خلال وضعه في صيرورة الحياة)، وليس نادراً أن يفعل ذلك مختص في قراءة النص وتتبع اثاره وعلاماته، وإنما المختلف أن الكاتبة لم تفترض مسبقاً علماً «كعلم العلامات مثلا» يمكنه ادعاء احتكاره للتأويل والتفسير برغم أن تخصص الكاتبة في الأسلوبية المتفرعة عن هذا العلم..

وربما مرد ذلك أن الكاتبة جمعت إلى ذلك رؤية وبحثاً في الصوفية، وإن كانت حاولت قراءة نتاج إحداهما بواسطة الأخرى.. الا أنهما تظلان طريقتين مختلفتين في المعرفة.. هذه بإلهام الفتح الإلهي وتلك بدليل العلامة والأثر.

ومن تحقق له الوصول من الصوفية اختبر قبلاً كل الطرق حتى انتهت به الحال إلى انكشاف الحجب.. إلا أن نصوص المجموعة تبدأ من حيث انتهوا.. ومنطق النص سليم إذا أراد في المقام الأول أن أساس المعرفة معرفة الله وغيابها رديف للسراب..

«لم يمنعني من السهو والهروب من الزمن المتوقف في رأسي غير راكب أمامي، ما فتئ يتمتم، وكفه تروح وتجيء: سراب، سراب، سراب.. كأنما اختلط عليه عقله، وراح لشدة عناء الرحلة إلى الكعبة يهذي، فأخذت أردد قبالة كل كلمة سراب يقولها، كلمة الله».

وفي المقام الثاني أن «الشغف»، عنوان القصة الأولى في المجموعة، هو مفتاح المعرفة، وهو ما لا نجده أصيلاً في أحد أكثر من صوفي انقطع لله وللحقيقة.. «ياللمهزلة، فلأقف عند الشغف وأتيح لك فرصة تصفح ما تراه مناسباً للإمساك بمعانيه ودلالاته، ثم الرد لاحقاً علي. ليكن هو العتبة، أو سمه المفتاح إن شئت».

النصوص لا تفرد مقاماً لكل طريقة لوحدها، فالطرق تختلط داخل النص تماماً كما هي في الذهن، فنرى النص الأول، مع أن الروح الصوفية كانت النفحة الطاغية في أسلوبه ومفرداته ومعانيه، يحفل بنثر الكثير من العلامات التي يمكن حملها على البحث السيميائي.

وفي عدم إفراد نص لكل طريقة، وربما من القصة الأولى، جدوى كبيرة تتحقق في فك الالتباس من ربط كل طريقة للمعرفة، بموضوع لهذه المعرفة، فهل يمكن أن ندعي أن الله لا يمكن معرفته إلا بطرق الصوفية، أو أن الزمن دليله فقط ما يمكن أن يقرأه السيميائي في وجوه العابرين أو العالم المحتشد داخل كل حقيبة، كما في القصة الثانية «وجه في مرآة»، أو أن الأحلام مفاتيح تأويلها محصورة بيد فلاسفة علم النفس الذين أفردوا لها جزءاً كبيراً من علومهم ونظرياتهم، وهي مفاتيح يتحدث عنها النص بلغة مباشرة في القصة الثالثة «تأويل».

وبرغم الخصوصية، أسلوباً ومضموناً، التي يتفرد بها كل نص، إلا أن روحاً عامة واحدة تجمع النصوص، هي البحث عن معنى، وأدوات الظفر بفهم للأشياء كبيرها وصغيرها، وليس مقصد النهايات هو الظفر بمعنى بقدر استجواب الأدوات والطرق.

والإبقاء على هذا الاستجواب قائماً من خلال الإبقاء على مقام الحيرة، بل ودفع القارئ إلى المشاركة والتفكير فيه.. «المسافة طويلة جدا، الوصول صعب بما يكفي للامساك بدلالات إضافية، والمسألة مركبة أكثر مما ينبغي، ومعقدة أكثر من المتوقع، لهاث متواصل وبحث مضنٍ عن المعنى، وكلما ظننت أنني وصلت ـ يا أستاذي ـ أحرقتني العيون، وبدأت الرحلة من جديد.»/‏ من نص «شغف».

ولا تضع نصوص «سمه المفتاح إن شئت» ذاتها حكماً، لا في تقرير الأدوات الأنسب والموضوعات الأكثر جدارة بالبحث، ولا في محاكمة نص آخر سواء كان مكتوباً أو فيلماً مرئياً أو حلماً أو كوناً أو حياة تُقرأ. بل يضع النص ذاته أيضاً في موضع استجواب، «قال علم النفس هذا، وقال إن النص الأدبي حلم آخر ينهض به اللاشعور قبل الشعور..

لكنه نسي أن يرى كيف سيكون الأمر لو كان النص ذاته يحكي حلماً، وأن يرى كيف سيكون الأمر لو أن هذا النص الحلم كان يبحث عن ذاته داخل ذاته محاولاً تفكيك رموز وكنايات واستعارات وتكثيفات صور رسمها اللاشعور الذكي، بأدوات اللاشعور الذكي ذاته»/‏ من نص «تأويل».

أمر واحد يقرره النص بثقة، أن هذا البحث سيستمر حتى الموت، فالموت موضوع/‏ وسيلة/‏ ثمن لمن يريد الحقيقة كاملة، «لا تدركين أن معرفة سر الموت لا تتعين إلا بممارسة الموت، لذا عليك أن تقدمي حياتك ذاتها مقابل نيلها»/‏ من نص «كأنني سهوت».

الحدث البسيط يتآزر مع اللغة الحالمة والرشيقة، ليأخذ انسيابهما قارئ النص، بعيداً عن الاعتناء بأسلوب النص ومحاولات تفكيك رموزه ودلالاته، نحو التفكير بما أراد النص للقارئ أن يفكر فيه بالمقام الأول، وهو طرق وأدوات القراءة والتأويل، وكأنه يقول للقارئ: امتلك أدواتك ثم تعال واقرأني. وإذا فعلت فلك أن تقرأني كما شئت.

أما بالعودة إلى البحث في أسلوب هذه النصوص، فهي تفتح كثيراً من الكلام أيضاً، وإذا كان الأمر الذي يثير الكثير من الكلام هو الذي يحافظ على مستوى تشويقه، يمكن القول إن مجموعة «سمه المفتاح إن شئت» حفلت بثماني قصص مشوقة لمن امتلك أدوات القراءة وتثيره لعبة البحث عن مدلولات متفلتة.

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شغف البحث عن معنى حتى الموت شغف البحث عن معنى حتى الموت



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 21:47 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالله بن زايد يستقبل وزير الشؤون الخارجية في الهند
 صوت الإمارات - عبدالله بن زايد يستقبل وزير الشؤون الخارجية في الهند

GMT 21:21 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد
 صوت الإمارات - نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد

GMT 14:49 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

محلات "pinkie girl" تطرح فساتين مخملية في شتاء 2018

GMT 06:04 2015 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

التنورة المطبّعة تمنح المرأة العاملة الأناقة والتميّز

GMT 12:39 2015 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيندي" تكشف عن ساعة "سيليريا" الجديدة للمرأة المثالية الأنيقة

GMT 20:36 2013 السبت ,06 إبريل / نيسان

مراحل التطور الجسمانى عند الطفل

GMT 09:26 2018 الخميس ,01 شباط / فبراير

منزل إيلي صعب الجبلي في لبنان فخم وضخم

GMT 12:43 2014 السبت ,11 تشرين الأول / أكتوبر

غرفة الشارقة تشارك في معرض جيتكس 2014

GMT 22:09 2013 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

مؤشر عقار أبوظبي يربح 23% منذ بداية 2013
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates