دمشق-سانا
محمد الفراتي كتاب لأسعد الديري يسلط الضوء خلاله على بعض ملامح حياة شاعر دير الزور الأشهر مستعرضا للكثير من تحولاته الشعرية واتساع ثقافته وحبه لوطنه وبلده بأسلوب مبسط يتلاءم مع اليافعة في مرحلة عمرهم التي تتطلب ثقافة معينة.
وأوضح الديري في الكتاب الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب أن الشاعر الفراتي هو محمد بن عطا الله بن محمود بن عبود حمل هذا اللقب نسبة إلى نهر الفرات لأنه كان يوقع قصائده المسماة “المصريات” بالفراتي في دلالة على حبه لمدينته الميادين بدير الزور وتولعه بجمالها وإصراره على انتمائه إليها حيث درس في جامعة الأزهر بمصر فأصبح زملاوءه ينادونه بالشيخ الفراتي وعندما عرف بينهم شاعرا صار امير الشعراء أحمد شوقي يناديه شاعرنا الفراتي.
ولفت الديري إلى أن علامات النبوغ وحب العلم ظهرت لدى الفراتي منذ نعومة أظفاره وهذا ما دفع معلميه في مدرسة الرشيدية أن ينصحوا ذويه ليعملوا على تنمية مواهبه ويشبعوا رغبته في التحصيل العلمي والأدبي فأرسلوه ليدرس اللغة والنحو والفقه على يد حسين الأزهري ثم انتقل إلى حلب عام 1908 ليدخل مدرسة العريان ويدرس المنطق والفقه والحديث ثم إلى بيروت ويافا واستقر به المطاف في جامعة الأزهر عام 1911 حيث وجد هناك ضالته العلمية والأدبية.
وجمع الأزهر بينه وبين طه حسين وزكي مبارك وعبد القادر المازني وأحمد شاكر الكرمي كزملاء في الدراسة ثم تعرف في مقهى العجمي إلى شوقي وحافظ ابراهيم وخليل مطران من لبنان وعبد الخليل الكاظمي من العراق وفي تلك الفترة أرسل باكورة قصائده إلى والده في دير الزور التي قال فيها.. “بلغ يا نسيم الصبح عني.. إلى من بالفرات ثووا سلامي عهدت به أوانس راتعات.. يصار عن الهوى بين الخيام يردن على الفرات ولسن يوما.. يردن ولم يصبن بسهم رام برحبة ممالك قلبي رهين.. يعالج سكرة موتي الزؤام”.
وأشار الديري إلى أن الفراتي شارك في الثورة العربية الكبرى عام 1916 حيث طلب منه الأمير فيصل بن الحسين أن يهيئء الخطب الحماسية قبل المعركة بسبب ضعف بصره إلا أنه أبى إلا أن يخوض المعركة فمنحه الأمير رتبة ضابط وكانت قصائده تلهب وجدان الشعب ومن قصيدته في النهضة العربية..
“بني العرب أنتم من قديم ملكتم .. نواصي ملوك الأرض بالبيض والسمر”.
ويشير الكتاب لنضال الفراتي ضد الاحتلال الفرنسي لسورية والذي ظهر واضحا في مواقفه عندما كان معلما للغة العربية والتربية الإسلامية في أول ثانوية للذكور بدير الزور وتميز بجرأته وشجاعته ومواقفه الوطنية وعاش متنقلا بين كثير من الدول ما زاد من غنى خياله الشعري.
ولفت المؤلف إلى أن الفراتي يجيد ثلاث لغات هي التركية والفرنسية والفارسية وكان فلكيا وفنانا رساما ثم ترجم عدة كتب من الفارسية للعربية منها روضة الورد لسعدي الشيرازي وغير ذلك من الكتب التي أغنت المكتبة العربية.
وتوفي الفراتي الذي لا يقل مكانة في التاريخ عن أعلام الشعر العربي الحديث والمعاصر سنة 1998 عن عمر يناهز 98 عاما مليئة بالعطاء.
يشار إلى أن كتاب محمد الفراتي صدر ضمن سلسلة مبدعون التي تقدمها هيئة الكتاب شهريا لليافعة ويقع في 51 صفحة من القطع المتوسط.
أرسل تعليقك