عمان ـ بترا
تمتلك رواية (الآنسة ازدهار وأنا) للأديب عدي مدانات تلك السردية المميزة التي تحفر في حياة افراد وجماعات عاديين كاشفة عن وجعهم وآلامهم في عراكهم مع الواقع المثقل بتلك التحولات العصيبة .
اختار مدانات مدينة عمان فضاءات لروايته الصادرة حديثا عن دار نشر (الآن) صور فيها احداثا مشبعة بتراكيب المكان وسلاسة الحوارات والافكار البليغة مزنرة بعذوبة الاسلوب المعهود في قدرات مدانات على معاينة دواخليات انسانية ترنو الثبات على المواقف والعيش الهادئ في سكون وطمأنينة بمواجهة تحديات جسيمة .
يصوغ مدانات الذي سبق له ان قدم اكثر من مجموعة قصصية مناخا روائيا عذبا مجبولا بهموم شخوصه الاتية من وقائع مزدحمة بالتفاصيل والاحداث التي تتدفق من ذاكرة فطنة لتلقي بظلالها على احداث معاصرة جرت معالجتها بسلاسة ووضوح ادبي بديع يلفت فيها الى تلك اللمسات والاحاسيس الانسانية الدافئة .
بدت في الرواية قبسات من الحنين والشغف والرؤى والافكار النضرة التي تنأى عن الافتعال واختلاق المواقف ، وهي تختصر اشكالا من حالات الوحدة والتعاضد الانساني يبسطها مدانات في سردية متوازنة دقيقة في اختيار المفردات تعاين حالات شخوص واماكن على ايقاع من حراك الاحداث المليء بالقتامة والمعاناة، الا ان مدانات يعمد في اكثر من موقف الى صوغ شخصياته بأحاسيس مشبعة بالأمل والقدرة على الانعتاق من قيود هذا الواقع الصعب.
يستعيد الروائي والقاص مدانات الذي يعتبر من بين مؤسسي رابطة الكتاب الاردنيين في حقبة العقد السابع من القرن الفائت، انتاج لغة جديدة يصطحبها بشغف مع حراك شخوصه ليصل فيها الى آفاق رحبة في الكتابة الروائية.
رواية (الانسة ازدهار وانا) اضافة نوعية في مسيرة مدانات الابداعية التي تنتمي الى تيار الواقعية ، والتي قدم نماذج منها في مجموعاته القصصية "المريض الثاني عشر غريب الأطوار" 1983، و"صباح الخير أيتها الجارة " 1991، و"شوارع الروح" 2003، حيث ساهمت مسيرته الطويلة في حقل المحاماة بتشكيل تجربته الابداعية المشبعة بحكايات وقصص البسطاء الملتصقة بأسئلة الواقع وهمومه.
أرسل تعليقك