الرباط - صوت الإمارات
"يد واحدة لا تصفق ولكنها تكتب! تحرث وتزرع فتحصد؛ اليد الواحدة إن لم تجد أخرى لا يعني أنها تموت وحيدة لطالما آمنت بهذا؛ يجب علينا تجديد المفاهيم!"
بهذه الكلمات الملهمة تجابه سعيدة زهير إعاقتها بفخر. المعلمة الشابة التي تسكن الدار البيضاء عاصمة المغرب الاقتصادية، أصبحت مؤخرا محط اهتمام من متابعين يزداد عددهم يوما بعد يوم على مواقع التواصل الاجتماعي، وأضحت ميكروفونات عدد من المنصات المغربية تتلقف كلماتها باعتبارها رمزا للطموح والعزيمة.
ما دور الصحة النفسية لمساندة من فقد أحد أعضاء جسده؟
تقول الشابة ذات الـ31 عاما في حديث لها: "ولدت بيد واحدة غير مكتملة، وعشت وأنا أحارب مطبات الحياة بيد واحدة".
بيد واحدة غير مكتملة خاضت سعيدة معاركها الخاصة في الحياة، كان قدرها أن تولد مختلفة عن أقرانها، لكنها قررت أن تعيش حياتها بشجاعة وألا تستسلم لنظرات الشفقة التي يلقيها البعض.
تعود الشابة سنوات إلى الوراء وتتذكر كيف رفض مدير المدرسة الابتدائية تسجيلها متحججا بحاجتها لرعاية خاصة، بل إن البعض اعتبرها في طفولتها عقابا مسلطا على أسرتها.
ماهو دور المجتمع تجاه ذوي الهمم؟
وأضافت سعيدة: "حاليا أعيش حياة هادئة رفقة أسرتي وأمارس مهنتي بشكل طبيعي، ولأن الإعاقة ليست نقطة ضعف بل قوة، قررت مصالحة ذاتي وترك نظرة المجتمع خلفي وركزت فقط على تحقيق ذاتي وحلمي ونجحت في ذلك بيد واحدة فقط، إن سألتني عن سر قوتي سأخبرك: أنا لم أختر إعاقتي. اختلافي هو ما يميزني وإعاقتي هي ما يعطي حياتي نكهة يفتقدها كثيرون".
تخرجت سعيدة زهير في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء من شعبة الدراسات الإسلامية، ولم تواجه خلال تلك المرحلة أي تنمر، فالجامعة على حد قولها تضم طلبة في وضعيات إعاقة مختلفة.
وأنشأت سعيدة مدونة على "فيسبوك" تشارك فيها أفكار حياتها وتكشف كيف تواجه تحدياتها، وأطلقت عليها اسم "حلم بيد واحدة".
وقالت المعلمة التي تدرس بمؤسسة خاصة في بوسكورة بضاحية الدار البيضاء: "أنا اليوم أشارك الناس قصتي من خلال صفحتي (حلم بيد واحدة)، ربما هناك من سحقته الحياة يتصادف مع منشوراتي فيبزغ عنده نور خافت يقيمه من جديد".
ونشرت في تدوينة لها وهي على أرجوحة: "لن تستشعروا حجم السعادة التي عشتها أثناء هذه اللحظة وأنا أحاول تحقيق حلم طفولي، لم أستطع تحقيقه آنذاك بسبب صعوبة التوازن على حبل الأرجوحة بيد واحدة".
"أن تكوني امرأة وفي وضعية إعاقة ليس بالأمر الهين في مجتمعنا" تقول سعيدة، التي تحكي أن أصعب مرحلة في حياتها كانت خلال بحثها عن عمل، فبينما لم تجد صديقاتها صعوبات في الاندماج داخل سوق الشغل، كانت طلباتها هي تقابل بالرفض أو التسويف.
ولم تخفِ المعلمة الشابة أنها تلقت أحيانا كثيرة أسئلة من طلابها الصغار، الذين يبادرون لطرح تساؤلات من قبيل "أين اختفت يدك؟".
وتحكي، عن حادثة طريفة أثناء إلقاء درس وسط الفصل السنة الماضية، قائلة: "بعدما طلبت من طلاب السنة الأولى الابتدائية الاستعداد لحصة الإملاء، رفع تلميذ أصبعه وفاجأني بسؤاله طفولي بريء: معلمتي أين يدك اليسرى؟ فصاح الجميع: ليست لديها يد يا يونس!".
واسترسلت المعلمة: "ابتسمتُ بلطف ومررت كفي على رأسه وأخبرته أن الله تعالى هو الفعال لما يريد، وأن ابتلاءه لأحد عباده إنما هو لاختبار صبره حتى يعوضه عن ذلك، وختمت كلامي بقولي: لقد سبقتني يدي إلى الجنة".
قد يهمك ايضا
مذيعة مغربية تتوقف عن إكمال النشرة الإخبارية بسبب ابنها
بريطانيا تؤكد نقود جهدا عالميا لإيصال لقاحات كورونا إلى البلدان الفقيرة
أرسل تعليقك