انتخب "مجلس نواب الشعب" التونسي الخميس محمد الناصر (80 عاما) القيادي في حزب "نداء تونس" العلماني الفائز بالانتخابات التشريعية الأخيرة، رئيسا للبرلمان الجديد الذي سيباشر العمل التشريعي والرقابة على الحكومة خلال السنوات الخمس القادمة.
وانبثق البرلمان الجديد الذي يضم 217 مقعدا، عن الانتخابات التشريعية التي أجريت يوم 26 أكتوبر/تشرين الاول الماضي، وكانت أول انتخابات تشريعية حرة في تاريخ البلاد منذ استقلالها عن فرنسا سنة 1956.
ومنح الدستور التونسي الجديد الذي صادق عليه "المجلس الوطني التأسيسي" نهاية يناير/كانون الثاني 2014، البرلمان ورئيس الحكومة صلاحيات واسعة مقابل صلاحيات محدودة لرئيس الجمهورية.
وكان من المفترض انتخاب رئيس مجلس نواب الشعب ونائبيْه (رجل وسيدة) في الجلسة الافتتاحية التي عقدها المجلس الثلاثاء قبل أن يتمّ إرجاؤها الى اليوم لفسح المجال أمام تقديم الترشحات إلى هذه المناصب.
وتلقى المجلس ترشحا وحيدا لرئاسة البرلمان من محمد الناصر، وثلاثة ترشحات لمنصب النائب الأول للرئيس.
وانتخب المجلس المحامي عبد الفتاح مورو (66 عاما) القيادي في "حركة النهضة" الاسلامية التي حكمت تونس من نهاية 2011 وحتى مطلع 2014، وحلت الثانية في الانتخابات التشريعية الأخيرة، نائبا أوّلا لرئيس البرلمان.
وصوّت لمحمد النّاصر 176 نائبا من إجمالي 214 شاركوا في الانتخاب، في حين صوّت 157 نائبا لعبد الفتاح مورو، وفق نتائج عملية الاقتراع التي أعلنها علي بن سالم (نداء تونس) الذي تم تكليفه برئاسة الجلسة الاولى للبرلمان باعتباره أكبر النواب سنّا.
وينتظر الاعلان في وقت لاحق عن اسم السيدة التي ستتولى مهام النائب الثاني لرئيس البرلمان.
يذكر انه بالاضافة الى عبد الفتاح مورو، ترشح الى منصب النائب الاول لرئيس البرلمان كل من مباركة عواينية النائبة عن "الجبهةالشعبية" (ائتلاف لأحزاب يسارية) ونعمان الفهري النائب عن حزب "آفاق" (ليبيرالي) الذي سحب ترشحه قبل بدء عملية الاقتراع.
ومباركة عواينية هي أرملة محمد البراهمي النائب السابق عن "الجبهة الشعبية" في "المجلس الوطني التأسيسي" المنبثق عن انتخابات 23 اكتوبر/تشرين الاول 2011 التي فازت بها حركة النهضة، والذي تمّ اغتياله يوم 25 يوليو/تموز 2013 في عملية نسبتها السلطات الى اسلاميين متطرفين.
وفجّرت عملية الاغتيال أزمة سياسية حادة انتهت في يناير/كانون الثاني 2014 باستقالة حكومة حركة النهضة التي تركت السلطة لحكومة غير حزبية ستقود البلاد حتى إجراء الانتخابات العامة.
يذكر أن محمد الناصر نائب رئيس حزب "نداء تونس" الباجي قائد السبسي (88 عاما) الذي سيتنافس في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، المفترض تنظيمها قبل نهاية هذا الشهر، مع الرئيس المنتهية ولايته محمد المنصف المرزوقي (69 عاما).
ويحمل محمد الناصر المولود سنة 1934 بمدينة "الجَمّ" من ولاية المهدية على الساحل الشرقي التونسي، درجة الدكتوراه في "القانون الاجتماعي" التي حصل عليها سنة 1976 من جامعة باريس.
وقد عينه الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة الذي حكم تونس بين 1956 و1987، "مندوبا عاما" (مديرا) لـ"ديوان العملة التونسيين بالخارج" (1974/1973) ثم وزير "العمل والشؤون الاجتماعية" في مناسبتين (1974 و1977) و(1979 و1985).
وفي عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي (2011/1987) تم تعيينه رئيس البعثة الدائمة لتونس لدى الأمم المتحدة والهيئات الدولية المختصة بجنيف (1996/1991).
وبعد الثورة التي أطاحت بنظام بن علي، تم تعيينه وزيرا للشؤون الاجتماعية في حكومة الباجي قائد السبسي التي قادت تونس من نهاية فبراير/شباط 2011 وحتى ديسمبر/كانون الاول 2011.
و"مجلس نواب الشعب" المنبثق عن الانتخابات التشريعية التي أجريت يوم 26 أكتوبر/تشرين الاول الماضي هو أول برلمان منتخب في تونس منذ الثورة التي أطاحت في 14 كانون الثاني/يناير 2011 بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الذي هرب الى السعودية.
ويحظى "نداء تونس" بأكثرية المقاعد في البرلمان (86 مقعدا) تليه "حركة النهضة" (69 مقعدا) فحزب "الاتحاد الوطني الحر" الليبيرالي (16 مقعدا) و"الجبهة الشعبية" (15 مقعدا).
ولا يملك نداء تونس بمفرده "الأغلبية المطلقة" (109 مقاعد) التي تؤهله لتشكيل الحكومة القادمة، لذلك يتعين عليه التحالف مع أحزاب أخرى لبلوغ الاغلبية المطلوبة.
أرسل تعليقك