هدد الرئيس الاميركي دونالد ترامب بالغاء الاتفاق النووي الايراني "في أي وقت" وذلك خلال اعلانه "استراتيجية حيال ايران" رفض فيها الاقرار بالتزام طهران بالاتفاق، مثيرا بذلك قلق الدول الموقعة عليه وفاتحا المجال امام مرحلة شديدة الضبابية.
وقال ترامب من البيت الابيض انه في ضوء الاتفاق "حصلنا على عمليات تفتيش محدودة مقابل ارجاء قصير المدى وموقت لتقدم ايران نحو (امتلاك) السلاح النووي"، متسائلا "ماذا يعني اتفاق يؤدي فقط الى تأخير القدرة النووية لمرحلة قصيرة؟ ان هذا الامر مرفوض بالنسبة الى رئيس الولايات المتحدة".
وقال ترامب "لكن اذا لم نتمكن من ايجاد حل من خلال العمل مع الكونغرس وحلفائنا فان الاتفاق سينتهي. انه يخضع للتدقيق الدائم ويمكنني كرئيس الغاء مشاركتنا في أي وقت".
وندد ترامب بسلوك "الديكتاتورية الايرانية"، معتبرا انها "اكبر داعم للارهاب في العالم"، معلنا عقوبات "قاسية" ضد الحرس الثوري الايراني.
وقال ان طهران "تزرع الموت والدمار والفوضى في انحاء العالم" و"عدوان الديكتاتورية الايرانية مستمر حتى اليوم".
وتابع ان الحرس الثوري "يستحوذ على جزء كبير من الاقتصاد الايراني (...) لتمويل الحرب والارهاب في الخارج".
وبعيد انتهاء خطابه، رد الرئيس الايراني حسن روحاني قائلا ان واشنطن اليوم "هي ضد الشعب الايراني أكثر من اي يوم مضى".
وكانت طهران توصلت الى هذا الاتفاق مع الدول الكبرى الست (الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا والمانيا) لضمان الطابع المدني الحصري للبرنامج النووي الايراني في مقابل رفع العقوبات عنها. ومذاك، اكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية باستمرار ان ايران تحترم التزاماتها.
وبعدم اقراره بالتزام طهران الاتفاق الموقع في تموز/يوليو 2015، يضع ترامب الكونغرس في خط المواجهة لمعالجة "العديد من نقاط الضعف العميق في الاتفاق"، بحسب قوله.
ويفرض القانون الاميركي على الرئيس ان يبلغ الكونغرس كل 90 يوما ما اذا كانت ايران تحترم الاتفاق وما اذا كان هذا النص متوافقا مع المصلحة الوطنية للولايات المتحدة، الامر الذي اقدم عليه مرتين قبل الآن.
لكنه قال الجمعة "أعلن أنني لن أقر بالتزام ايران بالاتفاق النووي، لن نواصل المسار الذي يؤدي الى مزيد من العنف والارهاب وعودة خطر البرنامج النووي الايراني".
وستكون امام النواب مهلة 60 يوما لاتخاذ قرار في شأن الابقاء على رفع العقوبات او اعادة فرضها على طهران.
- "يعمل ويؤتي ثماره" -
وتوالت ردود الفعل على قرار ترامب رفضه الاقرار بالتزام ايران الاتفاق النووي بين مؤيد ومعارض.
وأكدت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني ان لا سلطة لترامب لالغاء الاتفاق، كما انتقدت موسكو استراتيجية الرئيس الاميركي فيما أيدت السعودية والامارات واسرائيل على الفور قراره.
وقالت موغيريني "لا يمكن ان نسمح لانفسنا بوصفنا مجتمعا دوليا، واوروبا بالتأكيد، بتفكيك اتفاق يعمل ويؤتي ثماره".
بدورها انتقدت موسكو استراتيجية ترامب حيال ايران ووصفتها ب"الخطاب العدائي والمهدد"، مؤكدة ان الاتفاق النووي مع طهران لا يزال سليما.
وتابعت ان "رئيس الولايات المتحدة لديه سلطات عديدة، ولكن ليس هذه السلطة".
وأكدت باريس وبرلين ولندن في بيان مشترك استمرار "التزامها" الاتفاق "وتطبيقه الكامل من جميع الاطراف".
واعلن الاليزيه الجمعة ان الرئيس الفرنسي يدرس التوجه الى ايران تلبية لدعوة روحاني، بحيث تكون الزيارة اذا تمت الاولى التي يجريها رئيس دولة او حكومة فرنسية لايران منذ 1971.
في المقابل، اتخذت السعودية واسرائيل مواقف داعمة لقرار ترامب.
ورحب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو بـ"القرار الشجاع" للرئيس الاميركي.
وقال "إذا لم يتم القيام بأي تغييرات في الاتفاق النووي الذي وقع مع إيران هناك شيء مؤكد واحد. في غضون سنوات، النظام الإرهابي الأكبر في العالم سيمتلك ترسانة من الأسلحة النووية".
وجاء في بيان رسمي سعودي ان الحكومة "تبدي تاييدها وترحيبها بالاستراتيجية الحازمة التي اعلن عنها (...) ترامب تجاه ايران ونهجها العدواني".
من جهتها، اعتبرت ابوظبي ان ايران استغلت الاتفاق النووي لتعزيز نفوذها في المنطقة.
ونقلت وكالة الانباء الاماراتية الرسمية على تويتر، عن بيان وزارة الخارجية ان "الاتفاق النووي أعطى لإيران الفرصة لتقويم سياساتها الا ان حكومتها استغلته لتعزيز سياستها التوسعية وغير المسؤولة".
وقال وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون "اتوقع تأييدا حاسما من حلفائنا واصدقائنا في اوروبا والمنطقة لجهودنا في التصدي للتهديدات الايرانية".
بدوره اعلن وزير الخارجية الاميركي السابق جون كيري ان خطوة الرئيس الاميركي "خطيرة" و"تفتح المجال امام ازمة دولية".
وقال كيري في بيان "هذا الامر يهدد الامن القومي للولايات المتحدة ولحلفائها المقربين".
- "اميركا أولا" -
ويُشكّل التشكيك بهذا الاتفاق، باسم المصلحة القومية وشعار "اميركا اولا"، ضربة جديدة لشراكة الولايات المتحدة في منظمات او اتفاقات دولية، وانسحابها منذ تسلم ترامب السلطة، من اتفاق باريس للمناخ ومن منظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو).
لكن رفض الاقرار بهذا الاتفاق مع ايران هو أكثر القرارات إثارة للجدل.
وإذا كانت ادارة ترامب تصرّ على ان "اميركا اولا لا تعني اميركا وحدها"، فإن واشنطن يمكن أن تصبح معزولة اذ ان الموقعين الاخرين على الاتفاق النووي في فيينا يدافعون عنه بشدة.
وتفرض واشنطن عقوبات تستهدف برنامج ايران الصاروخي البالستي. ودعا ترامب الجمعة حلفاءه الى ان يحذوا حذو بلاده في هذا الموضوع.
ويُتوقع ان يؤدي سحب ترامب إقراره بالتزام ايران بالاتفاق، الى مرحلة اضطرابات.
وردا على سؤال عما سيفعله النواب الاميركيون، أقرّ دبلوماسي غربي بأن هذا يشكل مصدر "قلقنا"، داعيا اعضاء مجلس الشيوخ للتوصل الى "تسوية لا تقضي على الاتفاق".
أرسل تعليقك