عمان ـ إيمان أبو قاعود
أحبَّت الصحافية والإعلامية الأردنية محاسن المغربي الإمام العمل الإعلامي، وتحدت الصعوبات الكثيرة لتُحقق النجاح الإعلامي، وأكدت الإمام أن الإعلامية الأردنية ما زالت تحبو في عالم إعلامي سبقها إليه كثيرون، وشددت على أن "الإعلامية ليست صورة تُزَيَّن بها الشاشة، وإنما هي مَن تعطي انطباعًا لدى المشاهد بذكاء وفطنة وجاذبية في الأداء"، معتبرة أن "أهم مقومات الإعلامية عشق المهنة، والبحث دومًا عن الحقيقة، والعمل على كشف قضايا الفساد، وتعزيز الديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، ونصرة المظلوم".
بدأت الإمام حياتها العملية في العمل الميداني الإعلامي اليومي، لتعمل بعد ذلك على تحقيق حلم راودها بتأسيس مركز للإعلاميات العربيات، ليكون مظلة للإعلاميات في بلدانهن.
عملت الإمام في الإعلام منذ 35 عامًا، حيث تسلمت أول رئاسة تحرير لجريدة أسبوعية هي "البلاد" و"صوت المرأة"، وكانت أول عضو مجلس لنقابة الصحافيين في الفترة من 1996-1998، كما عملت في الصحافة الأردنية اليومية "الدستور" و"الرأي" و"الشعب".
حصلت الإمام على أكثر من تكريم وجوائز تقديرية من أكثر من دولة ومنظمة عربية وأجنبية، وأبرزها جائزة أفضل صحافية في العام 2002 من منظمة الصحافيين الدوليين، وجائزة جامعة أكسفورد البريطانية، كأفضل كاتبة مقال صحافي العام 2009 عن "حقوق المرأة والإنسان".
تعمل حاليًا على إدارة مركز "الإعلاميات العربيات"، ومستشارة إعلامية لأكثر من مؤسسة عربية، وكاتبة مقال أسبوعي في جريدة "الدستور".
"مصر اليوم" التقاها في هذا الحوار:
من أين جاءت فكرة مركز الإعلاميات العربيات؟
هي حلم يراودني بعد أن قررت اعتزال العمل الصحافي اليومي، الذي استهلك حياتي وأعصابي، ولأنني أؤمن بإعطاء فرص للشابات ليحتللن مواقع من سبقوهن، فتركت مكاني في الصحافة اليومية والأسبوعية وفي الإذاعة، وبدأت أحقق الحلم بإنشاء مركز أو بيت للإعلاميات، ليكون بمثابة مظلة للإعلاميات العربيات كافة، في أوطانهن أو المهجر، ولتحقق الإعلامية ذاتها من خلال إعطاء الفرص العملية أو التدريب الإعلامي المتطور، والالتقاء بزميلات وزملاء لتبادل المعلومة والخبرة، وتحقق ذلك من خلال اللقاء السنوي في مؤتمر الإعلاميات العربيات.
ما تقييمك لواقع الإعلامية الأردنية والعربية؟
الواقع الفعلي للإعلامية الأردنية أنها ما زالت تحبو في عالم سبقها كثيرًا، وما زالت تبحث عن فرص أفضل لأن الإعلام الأردني لم يعطها المكانة التي تتمناها، فهي إعلامية صبورة مكافحة مناضلة تقتنص الفرص، وبعضهن أثبت حضورًا لافتًا والبعض الآخر تقوقع ضمن قالب روتيني ينفذ ما يطلب منه، وهمهن البقاء في المهنة ليس عن رغبة أكيدة، وإنما أفضل من البطالة، الفرص قليلة لدى الإعلاميات وعظيمة جدًا لدى الإعلاميين. أما الإعلامية العربية فلها نصيب الأسد، وخصوصًا في مصر ولبنان، فنجدهن غازيات للفضائيات العربية كافة.
وأنت تُحضِّرين لمؤتمر الإعلاميات العربيات العاشر ما الجديد في هذا المؤتمر؟
هذا العرس السنوي الذي تجتمع فيه إعلاميات العرب في الأردن سنويًا، سيضم هذا العام إعلاميات عربيات من خارج الوطن العربي، وسيكون بمثابة احتفالية لإنجازات الإعلاميات العربيات، من إصدارات إعلامية أو أفلام وثائقية، وعلى مدار ثلاثة أيام ستناقش الإعلاميات العربيات ما آلت إليه أوضاع الإعلامية في دول الربيع العربي والحراك الشعبي، وكذلك صورتها في وسائل الإعلام ذات التأثير الفعلي في المجتمعات العربية.
في رأيك ما مقومات الإعلامية العربية؟
عشق المهنة، والبحث دومًا عن الحقيقة، والعمل على كشف قضايا الفساد، وتعزيز الديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، ونصرة المظلوم، في مجتمع يقسو على الضعيف، وينصر القوي.
وأنت أول عضو في مجلس نقابة الصحافيين الأردنيين، ما رأيك في عمل المرأة النقابي؟
حاولت خلال وجودي في مجلس النقابة نصرة قضايا المرأة بتشكيل أول لجنة للمرأة، عملنا خلالها على التأكيد على حقوق المرأة، والتشبيك مع المنظمات والاتحادات النسائية، والمشاركة في كسب التأييد لنصرة حقوق المرأة، وتفصيل بعض القوانين المجحفة بحقها، لكن للأسف أجد الآن أن اللجنة قد جمدت، وبقيت الصحافية منخرطة في مشاكلها الشخصية والمهنية مع مؤسساتها، بعكس النقابية في نقابات مماثلة، كالمحامين والأطباء والمهندسين.
هل تعتبر القنوات الإعلامية المحلية غير جاذبة للإعلاميين؟ ولماذا؟
القنوات المحلية معظمها حكومي، أي تسير ضمن سياسة مرسومة وسقفها منخفض جدًا، أما من كانت منها خاصة فهي تسير ضمن نهج تجاري ولمصالح ذاتية، وإن اختلفت في بعض البرامج الحوارية، لكن هويتها ما زالت ضمن إطار محلي، وليس عربيًا منفتحًا على الآخر، وتفتقر إلى الإنتاج المحلي سوى بعض البرامج القليلة لبعض هواة الإعلام الشباب، وهذا يقلل عدد المشاهدين، ويحصرها ضمن الإطار التقليدي، وليس الإبداع في تقديم الأفكار الجديدة .
هل يرتبط شكل الإعلامية ومظهرها الجميل بنجاحها في عملها الإعلامي؟
ليس هناك مواصفات محددة للإعلامية سوى إتقان اللغة العربية بشكل جيد، وعدم التلعثم أمام الشاشة، والثقافة الاجتماعية والسياسية، والاطلاع على المادة التي ستقدمها مستقبلاً، فالإعلامية ليست فنانة بمواصفات جمالية، وإنما بشكل مقبول وأنيق وذكاء، وتعرف كيفية الحوار، واحترام رأي الضيف، ومناقشته بهدوء، وبلا انفعال، أو تصلب، أو فرض رأيها .
الاعلامية ليست صورة تزين بها الشاشة وانما تعطي انطباع لدى المشاهد بذكاء وفطنة وجاذبية في الاداء.
كيف تقيمين وضع الإعلام العربي؟
يمكن القول إن الاعلام العربي في وضع "لا يُحسد عليه"، فهو يعتمد على الإعلانات التجارية على حساب المادة الصحافية، وأصبح الإعلام يفتقد إلى المصداقية العالية، فكثير من المؤسسات الإعلامية ترسم سياستها حسب الممول لهذه الوسيلة الإعلامية، وهذا واضح في الكثير من الفضائيات، بمعنى آخر أصبح الإعلام العربي كـ "سوق النخاسة".
ما مدى إقبال الجمهور على الاعلام الاجتماعي الحديث وهل أصبح مؤثرًا؟
الإعلام المجتمعي على الرغم من أنه حديث، ولكنه برز واضحًا مع بدء الثورات العربية، فهو يوصل الرسالة ولكن ليس ضمن إطار محدد، لأن من يعملون فيه لا يملكون أدنى معرفة بالخبرة الإعلامية أو الأداء الإعلامي، فأصبح كل مواطن إعلاميًا إذا كان يمتلك التكنولوجيا الحديثة، ولكنه مؤثر لدى عامة الناس، وليس للإعلاميين أصحاب الخبرة والدراية والممارسة الفعلية للإعلام الحر، وأتمنى أن يوضع لهذا الإعلام ضوابط ومعايير، حتى لا يفقد الإعلامي مصداقيته ورسالته.
من أين برزت فكرة الاحتفال بيوم الإعلامية العربية؟
أطلق مركز الإعلاميات مبادرة لتكريم الإعلامية الأردنية، لأنها أكثر الناس عطاءً وإخلاصًا لعملها ولمهنتها، فأصبح يومًا للإعلامية، وجاء ذلك ضمن توصية لمؤتمر الإعلاميات العربيات الثالث، وتم تكريم قرابة ستين إعلاميًا وإعلامية أردنية وعربية، وفي كل عام وتحت عنوان مختلف يتم تكريم كوكبة من الإعلاميات أو الإعلاميين، وأصبح متعارفًا عليه هذا اليوم، 12 آذار/ مارس، في الدول العربية كافة، وخصوصًا في فروع المركز في كل من فلسطين ومصر والعراق ومصر والسودان واليمن.
هل يلعب النوع الاجتماعي "الجندر" دورًا في تولِّي الرجل منصبًا إعلاميًا قياديًا؟
القضية ليس لها علاقة بالنوع الاجتماعي "الجندر" في تولِّي الرجل منصبًا إعلاميًا قياديًا، وإنما أجد أن بعض الإعلاميات لا يسعين إلى تولِّي المناصب القيادية، ومن سعت إلى ذلك وعملت بجهد، وأثبتت جدارة، ولكن لنعترف أن الإعلامية الأردنية كسولة إلى حد ما، وتغض الطرف عن تولي القيادة، فهي أحيانًا تتوانى عن المطالبة بحق مكتسب لها، فقصة أن الإعلامية غير كفؤة غير واردة تمامًا، فهي نشيطة ومثابرة إن أرادت، وتملك الشخصية القيادية، وإنما ينقصها تعزيز ثقتها في نفسها، واكتشاف مقدرتها المهنية، وأن تخوض المنافسة الشريفة للوصول إلى أكثر من موقع ليس إعلاميًا فقط وإنما سياسي، فلا يوجد قانون يمنعها.
هل نفتقر الى كاتبات عامود يومي بالسياسة في الوطن العربي هل تقتصر كتابة المرأة اليومية على القضايا الاجتماعية؟ لماذا؟
ربما كان هذا صحيحًا قبل خمس أو سبع سنوات، ولكن الإعلامية الأن تخوض المواضيع السياسية والاقتصادية كافة، وخصوصًا أن هناك مساحات مخصصة للكاتبات الملتزمات أسبوعيًا أو يوميًا من خلال الصحافة اليومية المحلية والعربية، كما أنها مراسلة في أكثر من موقع عربي يغطي الصراعات السياسية والإقليمية والطائفية، وكثيرات منهن كاتبات، وغطين بالصوت والصورة الأحداث الساخنة التي مرت بها دول دول المنطقة في الآونة الأخيرة.
ماذا تقدمين نصيحة لإعلاميات الجيل الجديد؟
إعلاميات الجيل الجديد أحبهن كثيرًا، وأحب رغبتهن في العمل الإعلامي، ولكنهن يفتقرن إلى الصبر، ويظن بعضهن أن وسائل الإعلام الحديثة هي البوصلة لهن، فهذه مجرد أداة عليك استثمارها وليس الاعتماد الكلي عليها بحيث تصبح كالعبدة لها، عليها بالمطالعة الدائمة لمستجدات العصر، وتكوين خلفية ثقافية سياسية، وأن يكون لها رأي في القضايا التي تتبناها، وليس عبارة عن بوق يوصل ولا يتصل، عليها تبني قضايا وطنها والدفاع عنها، والانتماء لمواطنتها، وتعزيز روابط الزمالة بينها وبين زملائها، والخوض في منافسات مهنية ليشار إليها بالبنان.
أرسل تعليقك