فرقت الشرطة المصرية بالغاز المسيل للدموع متظاهرين تحدوا التحذيرات الحكومية وتجمعوا الاثنين في احد الميادين في القاهرة مطالبين ب "اسقاط" النظام، كما قامت بتوقيف عدد منهم.وكانت حركة تطلق على نفسها اسم "الحملة الشعبية لحماية الارض، مصر ليست للبيع" تضم ناشطين يساريين وليبراليين دعت الى التظاهر الاثنين احتجاجا على اتفاق وقعته في الثامن من نيسان/ابريل الجاري الحكومة المصرية مع السعودية، ويمنح الاخيرة السيادة على جزيرتي تيران وصنافير في مضيق تيران عند المدخل الجنوبي لخليج العقبة، وهما كانتا في حيازة مصر حتى الان.
الا ان الناشطين ارادوا في حقيقة الامر الاحتجاج على السياسة الامنية المتشددة التي ينتهجها الرئيس عبد الفتاح السيسي في بلد يحظر فيه التظاهر الا بموافقة وزارة الداخلية بموجب قانون مثير للجدل صدر في تشرين الثاني/نوفمبر 2013وقبل هذه التظاهرات، بدأت الشرطة الخميس الماضي حملة اوقفت خلالها عشرات الناشطين من مقاه في وسط القاهرة ومن منازلهم.
وصباح الاثنين، اغلقت قوات الامن كل طرق وسط المدينة المؤدية خصوصا الى مقر نقابة الصحافيين التي كان المتظاهرون يعتزمون التظاهر امامها، وهو نفس المكان الذي شهد تظاهرة مماثلة في 15 نيسان/ابريل الجاري.ورغم ذلك تمكن ناشطون من تنظيم تظاهرتين صغيرتين في القاهرة، من بينها واحدة في ميدان المساحة بالدقي (بالقرب من وسط القاهرة).
-"الحكومة مذعورة"-
وقالت ليلي سويف وهي معارضة يسارية ووالدة علاء عبد الفتاح احد ابرز ناشطي الثورة على حسني مبارك عام 2011 المحبوس حاليا ان "هذا الذعر يؤكد انهم (الحكومة) لا يشعرون بالامن ويعتقدون ان الحل الوحيد امامهم هو القمع".وبعد دقائق على حديثها مع فرانس برس دخلت شاحنة شرطة كبيرة الى الميدان وبدأ ضابط شرطة باطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين.
وتفرق المتظاهرون في الشوارع الجانبية، وطاردتهم الشرطة والقت القبض على عدد منهم تم وضعهم في ثلاث حافلات صغيرة.وجرى تفريق تظاهرة اخرى باستخدام الغاز المسيل للدموع في منطقة ناهيا بالجيزة كذلك.وقالت مصادر امنية انه تم توقيف 33 شخصا الاثنين، كما جرى توقيف 14 صحافيا الا ان غالبيتهم العظمى افرج عنهم لاحقا.
وفي ميدان عابدين قرب ميدان التحرير قبلة الثورة على مبارك، نظمت الحكومة احتفالية حضرها المئات من انصار السيسي احتفالا بتحرير سيناء.وكان عشرات من انصار السيسي تجمعوا في وقت سابق من نهار الاثنين في عدة ميادين تعبيرا عن تأييدهم له. ورفع بعضهم اعلاما للمملكة السعودية تأييدا للاتفاقية بين القاهرة والرياض بخصوص الجزيرتين.
وكان الرئيس السيسي ووزير الداخلية مجدي عبد الغفار توعدا الاحد بمواجهة "حازمة" لاي محاولات "للخروج عن القانون"، و"المساس بمؤسسات الدولة" التي انتشر الجيش منذ الاحد لتأمينها. وقال السيسي "اؤكد للشعب المصري ان مسؤوليتنا هي ان نحافظ على الامن والاستقرار ولا يتم ترويع الامنين مرة اخرى، هذه مسؤولية اجهزة الدولة والشرطة المدنية والقوات المسلحة".
وأكد وزير الداخلية ان "أمن وإستقرار الوطن وسلامة مواطنيه خط أحمر لن يسمح بالإقتراب منه أو تجاوزه وأنه لا تهاون مع من يفكر في تعكير صفو الأمن"، مشددا على ان "أجهزة الأمن في إطار مسؤوليتها الدستورية والقانونية سوف تتصدى بمنتهى الحزم والحسم لأية أعمال يمكن أن تخل بالأمن العام".
ومنذ ان اطاح السيسي، عندما كان وزيرا للدفاع، بالرئيس الاسلامي محمد مرسي، بدأ حملة قمع دامية ضد جماعة الاخوان المسلمين امتدت بعد ذلك الى الناشطين الليبراليين واليساريين الذين برزوا خلال الثورة على حسني مبارك عام 2011 والذين يقبع العديد منهم الان في السجون.
-استياء متصاعد-
ويقول المحامي الحقوقي جمال عيد ان "التأييد الذي كان يحظى به (السيسي) لدى العديد من القطاعات يتراجع لعدة اسباب اخرها بيع الجزيرتين".وبعد الاضطرابات الامنية والسياسية التي شهدتها مصر منذ الثورة على مبارك والتي انعكست في تردي الاوضاع الاقتصادية، فان الكثير من المصريين يعتقدون ان البلد بحاجة الى سلطة حازمة لاعادة الامن وانعاش الاقتصاد وينظرون الى المتظاهرين كمثيري شغب.
ولكن ظهرت اخيرا مؤشرات على استياء متزايد ما يثير قلق الحكومة، بحسب ما يقول اتش اي هيلر الباحث في اتلانتيك كاونسل في واشنطن.ورغم تراجع عائدات السياحة وانحسار الاستثمار الاجنبي تواصل الحكومة الانفاق ببذخ على تسليح الجيش حيث عقدت صفقات بعدة بلايين من اليوروهات مع فرنسا.
وقال هيلر ان "الدولة المصرية كشفت عن خشيتها من قلاقل على نطاق واسع اليوم وهو ما لم يحدث" لاسباب عدة من بينها "الحملة الامنية" في القاهرة.
ولكنه اعتبر ان "المعارضة للسلطات لم تنته".
أرسل تعليقك