القاهرة - أ.ش.أ
تحتفل منظمة الصحة العالمية وشركاؤها حول العالم غدا بيوم الرؤية العالمي 2014 تحت شعار"لا مزيد من العمى الناتج عن المياه الزرقاء"، وهو يهدف إلى القضاء على العمى الذي يمكن تجنبه بحلول عام 2020.
وتشير تقديرات المنظمة لعام 2012 إلى أن أكثر من 285 مليون شخص في العالم مصابون بضعف الإبصار، من بينهم 39 مليون شخص أصيبوا بالعمى نتيجة عدم تمكنهم من الحصول على الرعاية الطبية للعيون وخدمات فحص العيون.
ويتم الاحتفال بيوم الرؤية العالمي كل عام في ثاني خميس من شهر أكتوبر سنوياً، وهي مبادرة عالمية بدأت منذ عام 1999، و تهدف إلى القضاء على العمى الذي يمكن تجنبه بحلول عام 2020. و قد اعتمد برنامج الرؤية 2020 في أكثر من 40 بلداً.
وتشير الإحصاءات العالمية إلى أن التوزيع الجغرافي لانتشار الإعاقة البصرية في العالم غير متساو، حيث يعيش نسبة 90 % من المصابين بضعف البصر في بلدان منخفضة الدخل وأخرى متوسطة الدخل.
ويقدر عدد المعاقين بصريا بنحو 285 مليون شخص، منهم 39 مليونا مصابون بالعمى، و246 مليونا مصابون بضعف البصر. ويشكل إقليم شرق المتوسط الذي يضم دول الخليج، ومن بينها المملكة العربية السعودية 12.5 % من نسبة العمى في العالم، و80 % من حالات الإعاقة البصرية ممكن تفاديها ويمكن الوقاية منها أو علاجها.
وتمثل الإصابة بالمياه البيضاء (أو الكتراكت) حوالي 51 % (أي 19.7 مليون حالة) هو أحد أبرز الأسباب المؤدية للعمى. وتمثل جراحة الكتراكت وتصحيح العيوب الانكسارية من أكثر التدخلات الصحية مردودية بالفائدة، أما العيوب الانكسارية غير المصححة تمثل حوال 43 % من الأسباب المؤدية إلى العمى الممكن تفاديه.
ويعاني ما يقارب 120 مليون شخص من ضعف البصر الناتج من العيوب الانكسارية غير المصححة (قصر النظر، أو طول النظر، أو اللا بؤرية)، ويمكن أن يستعيد كل هؤلاء الأشخاص تقريبًا بصرهم الطبيعي بواسطة النظارات، أو العدسات اللاصقة، أو بالتدخل الجراحي.
وتشير التقارير أنه خلال التسعة الأعوام المقبلة سيزداد عدد المصابين بالعمى لمن هم في سن الخمسين عاما فما فوق في الأقاليم التابعة لمنظمة الصحة العالمية، خصوصاً في الصين، والهند، وجنوب شرق آسيا، وإقليم شرق المتوسط، وذلك ما لم تتخذ الإجراءات اللازمة للوقاية والعلاج للتصدي للأسباب الرئيسة للإعاقات البصرية.
وتشير التقارير إلي أن كل خمس ثوان شخص واحد في العالم يذهب بصره ويلد طفل واحد مصاب بالعمى كل دقيقة. ويوجد نحو 1.4 مليون طفل من المصابين بالعمى، ومن الأسباب الرئيسة لإصابة الطفل بالعمى الكتراكت، واعتلال الشبكية الخداجي، ونقص فيتامين أ .
ويمكن تجنب أو علاج نحو نصف حالات العمى كافة التي تصيب الأطفال، وثمة برنامج عالمي هو ثمرة شراكة قائمة بين المنظمة والرابطة الدولية لأندية لاينز وينفذ في 30 بلداً، ويزود الأطفال بخدمات العناية بالعينين.
كذلك تشير الإحصاءات إلى أن ما يقارب نصف مليون طفل يفقدون أبصارهم كل عام معظمهم يتوفى قبل إكمالهم العام نتيجة أمراض مصاحبة للعمى غالبيتها وراثية. كما يقدر أن 7 ملايين شخص يصابون بالعمى سنوياً، وما يقارب ثلثي فاقدي البصر عالمياً هم من الإناث (60 %)، حيث تعيش الإناث عمراً أطول من الرجال؛ ما يجعلهن أكثر عرضة للإصابة بالكتراكت وضعف البصر، كما يحصلن على فرص أقل للعلاج.
وتعريف المياه الزرقاء أو الجلوكوم هي مجموعة من الأمراض البصرية التي تؤدي إلى تلف تدريجي للعصب البصري، حيث يستقر العصب البصري في مؤخرة العين ووظيفته نقل الصور من العين إلى الدماغ، ويؤدي تلف هذا العصب تدريجيا إلى نقص تدريجي في الرؤية، ويطلق على الجلوكوم اسم السارق الهادئ للبصر حيث يبدأ المرض بدون أي عوارض ويسرق بصر المريض تدريجيا دون أن يحس المريض بذلك.
وفي أغلب الحالات المسبب الرئيسي للجلوكوم هو ارتفاع الضغط الداخلي للعين ولكن في بعض الأحيان يكون ضغط العين طبيعيا حيث نطلق على هذا النوع الزرق ذو الضغط الطبيعي ، وإلى ضغط العين المرتفع فإن هناك عوامل أخرى دخيلة في هذا المرض كالاختلالات الوراثية واختلالات الجينات. ولكن من الضروري التنبيه إلى أن كلا الحالتين تحتاجان إلى المداخلة السريعة‘ وإلا فسوف يؤديان الى فقدان البصر في حال عدم العلاج.
وعلاج المياه الزرقاء يشمل العلاج بالأدوية ، الليزر أو الجراحة وفي أغلب الأحيان يكون هدف العلاج ايقاف تطور المرض والحد منه للوقاية من العمى، لأن إصابة العصب تتطور بشكل تدريجي ودون ايجاد أي أعراض أو علامات. وقد أشارت الدراسات الى أن أكثر من نصف المصابين في العالم بالمياه الزرقاء لا يعلمون بذلك، وقد وصل عدد المصابين الى 65 مليون مصاب في العالم وهذا العدد في تزايد.
أما العوامل المساعدة على تشكيل المياه الزرقاء وهي تتمثل في الوراثة ووجود فرد مصاب بالمياه الزرقاء في العائلة، فعند اكتشاف إصابة فرد في العائلة بالمياه الزرقاء فإن نسب إصابة البقية تتضاعف من 4 الى 9 مرات؛ وارتفاع السن والشيخوخة حيث تتضاعف نسب الإصابة عند الأفراد الذين تجاوزوا سن الـ 60 بما يقارب 6 أضعاف عن بقية أفراد المجتمع؛ والأفراد المصابون بضعف البصر الشديد؛ والأفراد المصابون بالسكري.
ويعمل مرض الجلوكوم أو المياه الزرقاء على انسداد مسار السائل الشفاف أو قنوات التصريف في العين وعلى أساس مكان هذا الانسداد فإن لدينا نوعان أساسيان للميا الزرقاء: ارتفاع ضغط العين ذو الزاوية المفتوحة، وينشأ عن انسداد ثقوب قنوات التصريف، ويشكل كبار السن ثلثي المرضى في هذا النوع من الزرق فإن تلف العصب البصري يتطور بشكل تدريجي ومزمن بدون أي علامات ليفقد المريض رؤيته المحيطية تدريجيا دون الإحساس بأي ألم أو أي علامة تنبهه الى بدء المرض، ولذلك فإن التشخيص بالوقت المناسب وبدء العلاج هو أفضل طريقة للوقاية من الوصول الى مرحلة العمى. وزيارة طبيب العيون بشكل منظم ومكرر والخضوع للفحص المنتظم هو أفضل طريقة للوقاية.
أما ارتفاع ضغط العين ذو الزاوية المغلقة، وينشأ عن التصاق العدسية بالقرنية مما يؤدي إلى اختلال في مسار السائل الشفاف ويتعذر وصوله إلى قنوات التصريف، وله نوعان حاد ومزمن، ففي النوع الحاد فإن ارتفاع ضغط العين يزداد بسرعة مسببا عدم وضوح بالرؤية وألما شديد مصاحبا بهالات من الضوء وأحيانا حالة تقيئ وغثيان. أما النوع المزمن فيشبه الزرق ذو الزاوية المفتوحة يتطور تدريجيا بدون أي علائم. وفي بعض الأحيان قد يسبب الماء الأبيض (الكاتراكت) هذا النوع من المياه الزرقاء. ويسبب هذان النوعان ارتفاعا في الضغط الداخلي للعين ، أما بقية الأنواع والتي تعتبر غير شائعة فإن لها طرق تشخيص وعلاج مختلفة وتشمل الزرق ذو الضغط الطبيعي و الزرق الولادي أو الخلقي. ويشخص الزرق ذو الضغط الطبيعي بعد إجراء الفحوصات اللازمة. أما علامات الزرق الولادي فتشمل العيون الكبيرة، تساقط الدمع والخوف من الضوء وعلاج هذا النوع يكون بالجراحة.
وفي أغلب المرضى فإن العلامات في المراحل الأولية للمرض تكون محدودة، مع تطور المرض وتقدم مراحله فإننا قد نرى العلامات التالية: صلابة في كرة العين ؛ ضعف تدريجي في الرؤية ؛ ضعف وعدم تقارن في الرؤية الليلية ؛ ظهور نقط عمياء في المجال البصري ؛ ظهور مشاكل في التركيز على الأشياء القريبة ؛ ظهور هالات ملونة في مجال الرؤية ، الحاجة إلى التغيير المكرر للنظارات أو العدسات الطبية .
إن أهم مضاعفات المياه الزرقاء تلف ألياف العصب البصري وهذا التلف غير قابل للإصلاح، ولذلك فإن العلاج الطبي أو الجراحي بإمكانه ايقاف تطور المرض فقط أو إبطاؤه، وفي حال الكشف المتأخر للمرض أو عدم الاستجابة للعلاج أو عدم اتباع المريض لإرشادات الطبيب، فإن المريض يمكن أن يفقد بصره ويصاب بالعمى.
إن التشخيص الكامل من قبل طبيب العيون ودراسة مؤخرة العين وإجراء الاختبارات الخاصة بإمكانها تشخيص المرض. حيث أن الفحص الكامل للعين فقط بإمكانه إنقاء العين من الإصابة بالمياه الزرقاء. وتشمل المعاينات والفحوص الروتينية: فحص ورؤية العصب البصري، ويقوم من خلاله طبيب العيون برؤية العصب البصري بواسطة ما يسمى المنظار حيث تتم من خلال ذلك دراسة شكل ولون وحجم العصب؛ دراسة مجال الرؤية، ويتم ذلك باستخدام جهاز يسمى البريمتر حيث يقوم المريض بالجلوس مقابل جهاز يقوم بإظهار نقاط من الضوء في أماكن مختلفة (أعلى،أسفل،يمين ،يسار) وتتم دراسة كل عين على حدى ليتم من خلاله رسم خريطة لمجال رؤية العين، والبريمتر العادي بإمكانه تشخيص المياه الزرقاء بعد خسارة أكثر من 40% من الخلايا العصبية، أما أجهزة البريمتر الحديثة فبإمكانها التشخيص بنسب أقل.
كما تشمل المعاينات والفحوص الروتينية، قياس ضغط العين، ويتم ذلك باستخدام جهاز يسمى التونومتر وينصح بقياس ضغط العين عند الأشخاص الذين تجاوزوا الـ 40 عاما بشكل منتظم ودوري أثناء التشخيص المنتظم للعيون سنويا؛ فضلا عن إجراء صورة مقطعية للعين، وتعتبر هذا الصورة أدق الوسائل لدراسة المياه الزرقاء حيث يتم من خلال جهاز الـ OCT آخذ صور مقطعية من الشبكية وتحتوي الشبكية على الخلايا العصبية التي تقوم بنقل الصور والمعلومات الى العصب البصري.
وهناك طرق أخرى للتشخيص وذلك باستخدام أجهزة لدراسة الزاوية بين القرنية والقزحية، و كذلك أجهزة لدراسة سماكة القرنية فإذا كانت القرنية سميكة فإن الجهاز يعطينا بشكل كاذب أو غير صحيح ضغطا مرتفعا للعين واذا كانت القرنية رقيقة فالعكس صحيح.
إن الهدف من العلاج هو تقليل ضغط العين لإيقاف عملية الإصابة في العصب البصري أو إبطاؤها ولذلك فحسب نوع المياه الزرقاء تختلف طريقة العلاج و طرق العلاج تشمل: العلاج الطبي باستخدام القطرات التي تعمل علي تخفيض ضغط العين، وكذلك استخدام الجراحات وخاصة بعد استخدام الليزر وذلك لهدفين: ايجاد ثقب في القزحية لتسهيل تصريف السائل الشفاف؛ وتقليل حجم القزحية لتسهيل تصريف السائل الشفاف كعلاج مؤقت.
وتشهد احتفالية هذا العام إطلاق المنظمة لخطة عمل جديدة حول الوقاية من العمى وضعف الإبصار اللذين يمكن تجنبهما 2014-2019: من أجل صحة شاملة للعين. وتهدف الخطة إلى زيادة إتاحة الخدمات الشاملة لرعاية العيون المدمجة ضمن النظم الصحية.
وتنطلق الخطة من خمسة مبادئ ومناهج هي؛ الإتاحة الشاملة والإنصاف؛ وحقوق الإنسان؛ والممارسة المسندة بالبينات؛ ومنهج الرعاية طوال العمر؛ وتمكين الأشخاص ذوي الاعتلالات البصرية. وتضع الخطة في تصورها الوصول لعالم لا يصاب فيه أحد بضعف الإبصار بسبب يمكن تفاديه، وعالم يستطيع فيه المصابون بفقد الإبصار الذي يتعذر تجنبه بلوغ كامل طاقاتهم، وعالم تضمن فيه الإتاحة الشاملة لخدمات الرعاية العينية. ولذلك يجب أن يشارك الجميع بما في ذلك الحكومات من أجل التعاون معا في إطار (الرؤية 2020)، لأن ذلك يمكن أن يحدث فارقا كبيرا في حياة الملايين من الرجال والنساء والأطفال المعوقين بصريا أو المعرضين للخطر.
أرسل تعليقك