حذر مسؤولون وقانونيون من إطلاق الشائعات وترويج الصور ومقاطع الفيديو السلبية عن حوادث الأمطار والحرائق وغيرها، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، منبهين إلى أن "هناك مسؤولية قانونية مترتبة على هذه الأفعال، يعاقب عليها قانونا العقوبات وتقنية المعلومات".
وأكدوا أهمية أن "يرتقي الأفراد بوعيهم واستخدامهم وسائل التواصل بشكل إيجابي، وإدراكهم خطورة التصرفات التي تثير البلبلة والفزع في المجتمع، وما يترتب عليها من تشويه لسمعة الدولة وجهود أجهزة الدولة التي تدير الأزمات باحترافية لإنقاذ الأرواح وحماية الممتلكات".
وأظهرت التداعيات التي خلفتها موجة المطر الغزير والرياح الشديدة التي شهدتها الدولة أخيرًا، سلوكيات سلبية وغير مسؤولة من أفراد على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تداولوا صورًا ومقاطع فيديو، عن حوادث جسيمة وقعت بسبب سقوط الأمطار، وتناقلوا شائعات عن سقوط منشآت ووفاة وغرق أشخاص في مياه الأمطار، بهدف الشماتة وإثارة البلبلة بين أفراد المجتمع، في وقت كانت أجهزة الشرطة ورجال الدفاع المدني فيه على مستوى الدولة يقومون بواجبهم ودورهم البطولي المعتاد.
وحذرت وزارة الداخلية من إطلاق الشائعات أو تداولها عبر الوسائل التقنية المختلفة؛ لما في ذلك من تبعات قانونية مختلفة، يتحملها الفرد، حتى لو لم يكن على دراية بأحكامها، فلا عذر بالجهل بالقانون.
وقال مدير مكتب ثقافة احترام القانون، في الأمانة العامة لمكتب سمو نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، العقيد الدكتور صلاح الغول: إن "مواقع التواصل الاجتماعي تضم العديد من الرسائل، بعضها يفتقد الدقة والصدقية بسبب امتهان أشخاص إطلاق الشائعات وترويج الأخبار الطارئة غير المسؤولة التي لا أساس لها من الصحة وتؤثر سلبًا في الرأي العام".
وطالب الغول الجمهور بعدم الاعتماد على هذه الرسائل لاستقاء معلوماتهم، مشيرًا إلى "وجود جهات مختصة تتولّى نشر الرسائل التحذيرية التي تستند إلى معطيات وبيانات صحيحة".
وأكد أن "إدارة الإعلام الأمني وضعت منهجًا يعتمد الشفافية والوضوح في نشر الأخبار المتعلقة بالحوادث الطارئة".
وذكر أن "القانون ينصّ على تجريم إطلاق الشائعات، وفرض عقوبات محددة لذلك، حيث يعاقب بالحبس من شهر إلى ثلاث سنوات كل من أذاع عمدًا أخبارًا أو بيانات أو شائعات كاذبة أو مغرضة، أو بث دعايات مثيرة، إذا كان من شأن ذلك تكدير الأمن العام أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة".
وأكد الغول أن مسؤولية تحرّي صدقية المعلومات عبر القنوات الرسمية والموثوقة تقع على الجمهور، مضيفًا: "نحن في عالم تتدفق فيه المعلومات بشكل واسع، ويجب الامتناع عن نشر أية معلومات غير مؤكدة لتجنب الوقوع تحت طائلة القانون".
وحذر مدير عام الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، الدكتور جمال محمد الحوسني، من تناقل الشائعات والمعلومات المغلوطة، وقال إنه "يمكن تجنب نشر الصور والفيديوهات المتعلقة بالأمطار على مواقع التواصل الاجتماعي، وإرسالها إلى الجهات المعنية إذا كان الهدف هو التعاون وتقديم المساعدة".
وأوضح المحامي يوسف الشريف إن "هناك أشخاصًا تداولوا مقاطع فيديو ولقطات تصور حالة الطقس التي تعرضت لها البلاد، بصورة تضر بالدولة، وتحدث اضطرابًا في السلم والنظام العام"، محذرًا من أن "هذا يمثل مسؤولية جنائية تقع على عاتق كل من صور ونشر وأعاد النشر، خصوصًا أن ما شهدناه من تعليقات ومنشورات نتيجة تراسل هذه الفيديوهات عبر مواقع التواصل الاجتماعي يظهر أن هناك حالة من الاضطرابات أحدثت إخلالًا بالنظام العام، وإساءة لسمعة الدولة".
ولفت إلى أن "القانون يجرم كل من يصور وينشر مقاطع فيديو أو صورًا عبر إحدى الوسائل التقنية، إذا كان من شأنها إحداث اضطراب أو الإخلال بالنظام العام"، ووفقًا لأحكام، شارحًا أنه "يعاقب بالسجن المؤقت والغرامة التي لا تجاوز مليون درهم كل من نشر معلومات أو أخبارًا أو شائعات على موقع إلكتروني أو أي شبكة معلوماتية أو وسيلة تقنية بقصد السخرية أو الإضرار بسمعة أو هيبة أو مكانة الدولة".
وتابع: "كما يعاقب القانون بالحبس مدة لا تقل عن سنة واحدة والغرامة التي لا تقل عن 250 ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استخدم نظام معلومات الكترونيًا، أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، لإجراء أي تعديل أو معالجة على تسجيل أو صورة أو مشهد بقصد التشهير أو الإساءة لشخص آخر".
وذكرالمحامي علي محمد بن تميم، إن نشر الشائعات يعد جريمة، وهي تأخذ ثلاث صور: إذاعة أخبار أو بيانات أو شائعات كاذبة أو مغرضة أو بث دعايات مثيرة، إذا كان من شأن ذلك تكدير الرأي العام أو إلقاء الرعب بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة، ويقصد بفعل الإذاعة أو البث إعلان شيء ما بطريق التخاطب مع الغير.
أما الدعايات المثيرة فالتي تحدث في النفوس هياجًا وإثارة، وينبغي أن يكون من شأن إذاعتها أو بثها تكدير الرأي العام أو إلقاء الرعب بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة، ولا يلزم أن يتحقق ذلك فعلًا على أرض الواقع، فالجريمة في هذه الصورة هي جريمة شكلية تتحقق بمجرد السلوك المجرد، ولو لم تحدث نتيجة مادية له.
والصورة الثانية، حيازة محررات أو مطبوعات أو تسجيلات، أيًا كان نوعها، تتضمن أخبارًا أو بيانات أو شائعات كاذبة أو مغرضة، أو دعايات مثيرة، متى كانت معدة للتوزيع أو لاطلاع الغير عليها. ويستوي في هذه الحيازة أن تكون بالذات أو بالوساطة.
والصورة الثالثة، حيازة أو إحراز وسيلة من وسائل الطبع أو التسجيل أو العلانية، استعملت أو أعدت للاستعمال، ولو بصفة وقتية، لطبع أو تسجيل أو إذاعة أخبار أو بيانات أو شائعات كاذبة أو دعايات مثيرة، وقد ساوى المشرع بين هذه الصور الثلاث.
وأشار تميم إلى أنه من "أبرز صور هذه الجريمة، الشائعات التي نعاصرها كل يوم، مشيرًا الى تصوير حوادث الطرق، ونشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مع تضخيم الخبر وفبركته، ليظهر بشكل لافت خلافًا للحقيقة، كوسيلة للفت الانتباه".
بدوره، أكد المحامي علي العبادي، أن ترويج الشائعات من الأفعال التي يجرمها قانونا العقوبات وتقنية المعلومات، وكذا تصوير ضحايا الحوادث، وتداولها ونشرها على مواقع التواصل الإلكتروني، معتبرًا أن البعض يرتكب هذه السلوكيات من دون وعي قانوني للعقوبة المترتبة عليها.
ولفت إلى أن بعض الكارهين وضعفاء النفوس يستغلون أحداثًا طبيعية، مثل سقوط الأمطار وما قد تخلفه من أضرار، لتشويه صورة الدولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي من خلال ترويج الشائعات ونقل صور غير حقيقية عن مجريات الواقع، داعيًا إلى الوقوف بالمرصاد لمثل هذه الفئة.
وبين أن هناك نوعين من الدعاوى، الأول يحرك بموجب شكوى من المجني عليه أو من ينوب عنه، ومنها على سبيل المثال تصوير ضحايا الحوادث من دون إذنهم ونشرها على مواقع التواصل. والثاني، تحركه النيابة العامة، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بتصوير حوادث ونقلها بهدف الإساءة لسمعة الدولة، أو إثارة البلبلة في المجتم
أرسل تعليقك