أبوظبي - جواد الريسي
كشف المركز الوطني للأرصاد الجوية والزلازل عن تنفيذ 141 طلعة جوية لاستمطار السحب منذ مطلع عام 2014، استمرت كل عملية ما بين 2- 3 ساعات، مؤكداً على أن امتلاك المركز لبنية تحتية متطورة، ساهم في تحقيق الأهداف المرجوة من هذه العمليات، التي نفذت بمنتهى الدقة والفعالية.
وأكد المدير التنفيذي للمركز الوطني للأرصاد الجوية والزلازل، الدكتور عبد الله أحمد المندوس، أن الإمارات تعد من الدول السباقة في استخدام تقنية تلقيح السحب في المنطقة حيث قامت نهاية التسعينات باستخدام تقنيات مختلفة في عمليات الاستمطار، وطورت هذه التقنيات تدريجياً بعد إجراء دراسات مستفيضة تتعلق بكيمياء وفيزياء الغلاف الجوي للدولة، ما ساعد في التوصل لأفضل المواد المناسبة لإضافتها داخل السحب لإنجاح عملية التلقيح والاستمطار.
وأوضح أن المركز في سبيل القيام بعملية الاستمطار يمتلك شبكة من محطات الرصد الأرضية تضم أكثر من 60 محطة أوتوماتيكية موزعة على أماكن متفرقة من الدولة بحيث تتلائم مع الطبيعة الجغرافية لكل منطقة، لرصد عناصر الطقس ومراقبة الأجواء بشكل مباشر ومتواصل على مدار 24 ساعة.
ولفت إلى أن المركز يضم 6 طائرات من نوع بيتشكرافت سي90 مجهزة بأفضل الأجهزة، مع حاملات خاصة للشعلات الملحية، كما يضم 6 طيارين مجهزين ومدربين على التعامل مع السحب الركامية ذات الخطورة أثناء هبوب الرياح الصاعدة التي يتخللها مطبات هوائية شديدة.
وأوضح أن البنية التحتية للمركز تضم شبكة رادارات متطورة تشمل 5 رادارات جوية ثابتة وراداراً جوياً متحركاً، وهي تقوم بمراقبة السحب الممطرة وتوجيه طائرات الاستمطار إلى المكان المناسب داخل السحب، حيث يقدم الرادار تشريحاً دقيقاً للسحابة من خلال تقسيمها إلى مقاطع عرضية متعددة يتم من خلالها التعرف على أماكن الرياح العمودية داخلها، والأمطار المتوقعة وأماكن حدوثها وشدتها في نفس الوقت.
ولفت إلى أن الشبكة تستخدم الأقمار الصناعية ذات القنوات المختلفة التي تتعامل مع عدة عناصر تتعلق بالأحوال الجوية، حيث أن الأقمار الصناعية لها دور هام في عمليات الاستمطار إذ من خلالها يتم الاستدلال على موعد بداية تكون السحاب التي تعد أهم الخطوات المهمة والحرجة في إجراء عملية التلقيح.
ووأضاف أن المركز يقوم بشكل مستمر بدراسة هذه التقنيات حيث يعمل جاهداً على ضمان أفضل الطرق الخاصة لإجراء عملياته الجوية في تلقيح السحب، مؤكداً أن الإمارات بما تمتلك من إمكانيات عالية المستوى ودراسات مستفيضة وخبرات متراكمة وكادر فني مدرب تدريباً سليماً تعتبر من الدول المتقدمة في هذا المجال على المستوى العالمي.
وأوضح أن عمليات الاستمطار التي يقوم بها المركز تأتي نتيجة النقص في الموارد الطبيعة للمياه داخل الدولة ومنها الأمطار، لذا لجأت الحكومة إلى تبني مشروع استمطار السحب لزيادة الحصاد السنوي من مياه الأمطار، وزيادة المخزون المائي الجوفي، للمساعدة في استمرار سلامة البنية التحتية، وإعادة تعبئة المخزون المائي بشكل متواصل.
وأكد المركز تناسب هذه العمليات مع جدواها الاقتصادية بسبب ما تدره من كميات مياه وفيرة، إذ أن تكلفة تنقية مياه البحر عن طريق محطات التحلية تعتبر عالية نسبياً، مع ضرورة الوضع في الاعتبار مبدأ توزيع المياه بشكل طبيعي.
وأوضح أنه قام بالتعاون مع المركز الوطني الأميركي لأبحاث الغلاف الجوي في كالورادو، وجامعة وتويترز راند في جنوب أفريقيا، بالإضافة إلى وكالة الفضاء الأمريكية، باتباع طرق مختلفة لدراسة التطورات الحاصلة داخل السحب أثناء هذه العمليات.
وذكر أن من ضمن الطرق التي استخدمها عام 2004 الطريقة الإحصائية العشوائية حيث تم تجميع ما يقارب 150 حالة جوية درست كل حالة على إنفراد، وتبين من الدراسات أن النتائج كانت واعدة، حيث عملت على زيادة هطول الأمطار من السحابة بنسبة تتراوح ما بين 15- 35%، بالاعتماد على شفافية الغلاف الجوي ونقاءه من الشوائب العالقة، التي تتدخل أصلاً في الصفات الفيزيائية والكيميائية للسحاب.
وأشار إلى أن عمليات الاستمطار التي يقوم بها المركز ليس لها أي تأثيرات سلبية على الأنظمة البيئة حيث أن المواد المستخدمة في تلقيح السحب داخل الدولة هي مواد ملحية عادية مثل كلوريد الصوديوم وكلوديد البوتاسيوم وهي موجودة في الغلاف الجوي بشكل كبير، وهذه الإضافات الناتجة عن عمليات التلقيح داخل السحاب لا تذكر عند مقارنتها بالكم الكلي المتوفر بالغلاف الجوي، كم أن هناك دول لها باع طويل في هذا المجال قامت بإجراء دراسات بهذا الخصوص من خلال تجميع المياه الساقطة من السحب المعالجة وبعد دراستها لم تجد أي نسبة زائدة على الإطلاق أو أي تأثير سلبي لها على البيئة.
وأوضح أن بعض الدول تستخدم يوديد الفضة في تلقيح السحب الباردة، لافتاً إلى أن هذه المواد حتى لو كانت ملوثة لا تستخدم بنسبة تتعدى 0.02 مايكرو غرام لكل لتر، وهذه النسبة لا تذكر مقارنة بالمعدل المسموح به عالمياً، الذي يبلغ 50 مايكروغرام لكل لتر من الماء.
وأكد أن فكرة عملية الاستمطار تقوم على تحفيز السحب الركامية لإدرار أكبر قدر ممكن من المياه بالإضافة إلى إطالة عمر السحب الركامية التي تأخذ كل واحدة ما يقارب 45 دقيقة لتبدأ سحابة ركامية أخرى بالتكون.
وأوضح أن أولى خطوات عملية الاستمطار هي دراسة الأحوال الجوية التي تبدأ عادة مع بداية الصباح حيث يتم التعرف على الحالة المتوقعة على الدولة وإمكانية تكون السحب الركامية التي تٌستهدف بالعمليات الجوية، وبعد ذلك يتم الإبلاغ عن فرص تكون هذه السحب، ومدى جاهزية واستعداد الطيارين ومن ثم إعلامهم بالوقت المتوقع والمناسب لبدء الطلعات الجوية لإجراء هذه العمليات.
أرسل تعليقك