فشل باحثون في إثبات أنّ المحاصيل المعدلة وراثيا يمكن أن تتصدى للآفات بشكل مستمر، الأمر الذي توقعه العلماء عقب دراسات معملية سابقة.
وكشفت تجربة ميدانية أجريت حديثًا على القمح المعدل وراثيًا ليناسب الصفات الاصطناعية الإضافية لـ"فرمون" الحشرات المستخدم ضد "المن"، عن صعوبة حدوث ذلك، في الوقت الذي لاقت فيه تلك التجارب معارضة شديدة من النشطاء المناهضين للقمح المعدل وراثيا.
وسعى العلماء إلى إثبات أنّ القمح المعدل يقاوم حشرات "المن" مثل حشرة النباتات والذبابة السوداء دون الحاجة إلى رش المحاصيل بالمبيدات الضارة بالبيئة، ولكن أظهرت نتائج التجارب الميدانية أن هذا الأمر لم يكن كذلك.
وبلغت تكلفة التجارب الميدانية التي تمولها الحكومة، وأجريت في معهد أبحاث روتامستد في هاربيندين، بين عامي 2012 و2013 ما يقرب من 3 ملايين جنيه إسترليني. وأنفق أكثر من مليوني جنيه إسترليني من هذا المبلغ على التدابير الأمنية، مثل سياج عال ومراقبة على مدار اليوم، بسبب التهديد من طرف المتظاهرين ضد القمح المعدل وراثيا.
وأكّد باحثون في "روتامستد" أنهم أصيبوا بخيبة أمل من نتائج التجربة، التي نشرت في 25 حزيران/ يونيو في مجلة التقارير العلمية، لكنهم نفوا بشدة أن الدراسة فشلت عمليًا.
وبيّن عالم البيئة في "روتامستد"، والمشرف على الدراسة، توبي بروس، "في العلم نحن لا نتوقع الحصول على تأكيد من كل فرضية، بعدما جرى اكتشاف البنسلين عن طريق الصدفة على سبيل المثال، وفي كثير من الأحيان النتائج السلبية تحمل مفاجآت غير متوقعة في نهاية المطاف وتحقق تقدما كبيرا".
وأبرز "إذا كنا نعرف الإجابة على كل سؤال قبل أن نبدأ، فلسنا في حاجة إلى العلوم ولن ننجح في الكشف عن أي ابتكار، التجربة انتهت بعائد أسئلة أكثر من الأجوبة، ولكن هذا يعني أن لدينا المزيد من العمل للقيام به".
وشددت جماعات مناهضة للقمح المعدل وراثيا على أن النتائج تدل على فشل التكنولوجيا المعدلة وراثيا في تقديم الوعود التي كثيرا ما قطعتها بشأن الفوائد للمزارعين والمستهلكين والبيئة.
واعتبرت مديرة "جيني وتش"، هيلين والاس، "كان لدينا أكثر من 30 عاما من الوعود من الصفات المفيدة ولكنها لم تنفذ، على الرغم من التشجيع الهائل للتكنولوجيا المعدلة وراثيا من طرف الحكومات ووكالات العلاقات العامة".
ولفت العلماء إلى أنه "على الرغم من أن الجينات جرى إدراجها بشكل صحيح في القمح، وكانت تنتج فرمون التنبيه على نحو فعال، فإنها فشلت في صد الحشرات في الميدان، مما يوحي بأنها اعتادت على وجود إشارة إنذار وتجاهلها".
وأضاف عالم الأحياء الجزيئية، هيو جونز "نعمل على علاج البيانات التجريبية لدينا بموضوعية وتجرد ولكن خاب أملي بالتأكيد".
وتابع "كنا نأمل أن هذا الأسلوب من شأنه أن يوفر وسيلة للحد من استخدام المبيدات الحشرية في مكافحة الآفات في الزراعة البعلية، وكما يحدث في كثير من الأحيان، تظهر هذه التجربة أن البيئة العالمية الحقيقية هي أكثر تعقيدا من المختبر".
وأكد العلماء أن التجارب الميدانية وقعت خلال أجواء الصيف الرطب في وجود عدد قليل نسبيا من المن حولها، ما أدى إلى تلك النتائج السلبية.
أرسل تعليقك