نفذ المركز الوطني للأرصاد الجوية والزلازل خلال الربع الأول من العام الحالي 20 طلعة استمطار، فيما نفذ خلال العام الماضي 193 طلعة استمطار، واستمرت كل عملية استمطار ما بين 2 - 3 ساعات، خلالها تم إطلاق ما يقارب 3145 شعلة ملحية ليتم تلقيح أغلب السحب التي تكونت على الدولة وتوافرت بها شروط التلقيح.
وتبنت دولة الإمارات مشروع الاستمطار منذ بداية التسعينيات لزيادة الحصاد السنوي لمياه الأمطار، في خطوة نحو زيادة المخزون المائي الجوفي، حيث أثبتت الدراسات العلمية أن عملية تلقيح السحب تزيد من نسبة الهطول المطري من السحابة ما بين 15 - 35%، وذلك اعتماداً على شفافية الغلاف الجوي ونقائه من الشوائب العالقة، التي تتدخل أصلاً في الصفات الفيزيائية والكيميائية للسحاب.
وعملية التلقيح تهدف إلى تحفيز السحب الركامية لإدرار أكبر قدر ممكن من المياه، بالإضافة إلى إطالة عمر السحب الركامية التي تأخذ كل واحدة ما يقارب 45 دقيقة لتبدأ سحابة ركامية أخرى بالتكون.
وأكد خبراء الطقس ومزارعون وأكاديميون جدوى برنامج الاستمطار المطبق في الإمارات من حيث زيادة نسب الهطول المطري، وفقا لما أكدته الدراسات العلمية، مشيرين إلى أن دراسة أثرها على أرض الواقع يتطلب ما لا يقل عن 20 عاماً من المتابعة عن كثب، لتحديد أثر طلعات الاستمطار في زيادة نسب الهطول المطري، لتدخل عوامل جوية مختلفة تساهم في تحقيق الاستفادة من عمليات الاستمطار.
كانت دولة الإمارات من أوائل دول منطقة الخليج العربي التي قامت باستخدام تقنية تلقيح السحب التي اعتمدت أحدث التقنيات المتوافرة على المستوى العالمي، وذلك باستخدام رادارات جوية متطورة، تقوم برصد السحب على الدولة على مدار الساعة، بالإضافة إلى استخدام طائرات خاصة يتم تزويدها بشعلات ملحية، تم تصنيعها لتتلاءم مع طبيعة السحب من الناحية الفيزيائية والكيميائية التي تتكون داخل دولة الإمارات، والتي تمت دراستها مسبقا خلال السنوات الماضية قبل البدء بتنفيذ عمليات الاستمطار.
وأوضح مدير إدارة البحوث والتطوير والتدريب في المركز الوطني للأرصاد الجوية والزلازل عمر اليزيدي ، أن نجاح عمليات الاستمطار في زيادة مياه الأمطار على الدولة تعتمد على تكرار تكون السحب الركامية، فعلى سبيل المثال نجد أن نسبة تكون السحب الركامية قد يختلف من فصل إلى آخر، ومن سنة إلى أخرى، الذي يعتمد بشكل أساسي على الأحوال الجوية المصاحبة لأنظمة الضغط الجوي السائدة على المنطقة، وبشكل عام فهي تسهم بشكل أو بآخر في توفير المياه.
وأكد اليزيدي أن الدراسات التي أجراها المركز الوطني للأرصاد الجوية والزلازل بالتعاون مع المركز الوطني لبحوث الغلاف الجوي في أميركا، أكدت أن مناخ دولة الإمارات فريد من نوعه، ويوفر السبل لنجاح عمليات الاستمطار، حيث إنه يوجد أكثر من 140 يوما من السنة تعد أياما ماطرة. كما أن توزيع السحب الركامية على مختلف مناطق الدولة والتي تتواجد بكثرة على المناطق الشمالية والجبلية تزيد من فرص نجاح الاستمطار ويزيد فرص زيادة نسبة المياه الجوفية.
وأوضح عمر اليزيدي، إن إجراء عمليات تلقيح السحب يتطلب وجود بنية تحتية متكاملة متخصصة في هذا المجال، التي تشمل وجود شبكة محطات رصد أرضية، تقوم برصد عناصر الطقس على مدار الساعة، التي تشمل كلاً من درجة الحرارة الجافة ودرجة الندى والضغط الجوي والرياح وسرعتها واتجاهها، وشدة الإشعاع الشمسي، بالإضافة إلى مقاييس لكميات الأمطار.
وأكد أنه في سبيل إنجاح هذا البرنامج استثمر المركز الوطني للأرصاد الجوية والزلازل في إنشاء بنية تحتية للاستمطار تشمل شبكة تضم أكثر من 60 محطة رصد جوي موزعة استراتيجيا على أنحاء الإمارات كافة وشبكة رادارات جوية واسعة وست طائرات حديثة لعمليات استمطار الغيوم.
وأوضح عمر اليزيدي أنه عبر شبكة الرادارات الجوية تتم مراقبة السحب الماطرة والتي تستخدم في توجيه طائرة الاستمطار لوضعها في المكان المناسب داخل السحاب، حيث يقوم الرادار بتشريح السحابة إلى مقاطع عرضية متعددة يتم من خلالها معرفة أماكن الرياح العمودية داخل السحاب، كما يتم أيضاً معرفة أماكن الأمطار المتوقعة وأماكن حدوثها وشدتها في الوقت نفسه.
وبعد دراسة الأحوال الجوية والتي تبدأ عادة مع بداية الصباح يتم التعرف إلى الحالة المتوقعة على الدولة، وتتم دراسة إمكانية تكون السحب الركامية التي تستهدف بالعمليات الجوية، ثم يتم الإبلاغ عن فرصة تكون هذه السحب ومن ثم وضع الطيارين في حالة جاهزية وتنبيههم بالوقت المتوقع والمناسب لبدء إجراء هذه العمليات.
ويضم المركز ست طائرات من نوع بيتشكرافت سي 90 مجهزة بأدق الأجهزة مع حاملات خاصة للشعلات الملحية، كما يضم 6 طيارين مدربين على التعامل مع السحب الركامية ذات الخطورة في تواجد الرياح الصاعدة التي تتخللها مطبات هوائية شديدة.
أرسل تعليقك