القاهرة - شيماء مكاوي
تُظهر الصورة النمطية المعتادة عن ذوي الاحتياجات الخاصة، تجاه النساء خصوصًا، عدم قدرتهم على العطاء والقيادة بل وتربية الأطفال ورعايتهم، وهو اعتقاد خاطئ ومجحف، إذ أثبتت أمهاتمن "ذوي الاحتياجات الخاصة" قدرتهن على إنجاب أطفال أصحاء وأحيانًا عباقرة، ومممارسة الأمومة بكل ما تحمله من معنى.
تعاني السيدة آمال محمد من شلل الأطفال ، إلا أنها أم لطفلة تدعى "شروق" تبلغ من العمر 6 سنوات، وتصف فترة حملها بالأيام الصعبة فتقول: "أثناء الحمل ازداد وزني بصورة كبيرة مما جعلني أخاف من انزلاق العكاز من يدي، ولكنى نسيت تعبي بمجرد إنجابي لأبنتي "شروق" التي اعتبرها اجمل هدية في حياتي، وكأن الله يرزقني بها لتعويضي عن ما ينقصني".
وتواصل: "لم أتحدى إعاقتي فقط بل تحديت ظروفي الاقتصادية الصعبة أيضًا، حيث تخلى والد شروق عني وهاجر إلى الخارج بحجة العمل، وذلك منذ ولادة ابنتي، وانقطعت كل صلتنا به منذ ذلك الحين فلم يتواصل معي او الاطمئنان على ابنته ورعايتها ولكنني سمعت فيما بعد بأنه تزوج وعاش حياة أخرى، فتحملت مسئولية شروق بمفردي".
وأكملت: "فمن أجلها كنت ألتحق بأي وظيفة مهما كانت شاقة أو متعبة مخافة أن تطلب منى ابنتي أي شيء ولا أقدر على ثمنه، وأنا حاليًا أحاول أن أربي ابنتي بشكلٍ طبيعي كبقية الأطفال وهكذا استطعت التغلب على ظروفي القاسية بإيماني وصبري واجتهادي".
لكن مع ذلك يبقى للمجتمع الرأي المغاير تشرحه لنا (بلغة الاشارات) السيدة إلهام (موظفة آلة كاتبة) وهي من المعاقات الصم والبكم، فتقول: "المجتمع ينظر إلى المرأة المعاقة على أنها مخلوق لا يستحق الاهتمام به وهذا بسبب المعتقدات الخاطئة في مجتمعانا والتي تجعل النساء المعاقات يعشن على الهامش ويتحملن أعباء اضافية بسبب الاعاقة ويكافحن وحدهن لإثبات وجودهن وحقوقهن".
تتابع: "من الصعب جدًا الاعتراف بمهارات المرأة المعاقة مهما أثبتت جدارتها وشطارتها واجتهادها". وعند سؤالها عن كيفية تواصلها مع ابنائها الاربعة، ارتسمت ابتسامة عريضة على وجه إلهام مشيرة إلى أنها اعتادت على التفاهم معهم بلغة الإشارة. وتقول : "ولا مرة كنت عاجزة عن ايصال أفكاري لابنائي ولم أدخر جهدًا في سبيل إسعادهم وتوفير الراحة لهم، واستطاعت ابنتي الكبرى أن تدخل الجامعة وتدرس في كلية التجارة ".
وتُعقِِّب الصغيرة "شاهندة" 13 عامًا على ما قالته والدتها إلهام بقولها: "ولا مرة شعرت أن أمي بعيدة عني، فكانت دائما قريبة حين نحتاج إليها رغم أنها ( لا تتكلم ولا تسمع )، وتعلمت لغة الإشارة من أجل أمي التي ضحت من أجلنا واتمنى أن تُكرّم الأم المعاقة في عيد الأم".
أما "محمد " 14 عامًا الابن الأوسط للسيدة الهام فأبدى حباً واحتراماً وتقديراً عميقاً لامه حين قام إليها فجأة واحتضنها وقبّل يديها قائلاً: "لا أتخيل أمُّا بديلة عن أمي .. ولا يضايقني انها صماء وخرساء كما يسميها الناس.... وأتمنى أن أكون عونًا لها حينما أكب"ر.
ويؤكد الدكتور مسعود حجازي أستاذ أمراض المخ والأعصاب، أنه ليس من الضروري أن تؤثر الإعاقة البدنية للأم بشكل سلبي على الناحية النفسية للأبناء وهناك الكثير من الحالات التي تؤكد قدرة الامهات المعاقات على اشباع الحاجات المادية والنفسية والاجتماعية لأبنائها بل ربما تتفوق على الام المعافاة في بث الحنان والدفء لهم ،أي أن الوعي التربوي لدى الام سواء كانت معاقة او معافاة هو الذي يحسم المسألة في اثبات الامومة الناجحة من عدمها.
قد يهمك أيصًا :
احتجاجات في أنحاء العالم تُطالب بالمساواة بين الجنسين
الشرطة البريطانية تلبي طلبًا غريبًا لمعمرة تبلغ من العمر 104 أعوام
أرسل تعليقك