دمشق ـ جورج الشامي
أكدت الإعلامية التونسية مليكة الجباري، التي أُقليت من عملها قبل أيام من قناة "الميادين"، أن سبب قرار الإقالة يرجع إلى عدم موافقتها على التوجهات والتعليمات التي تصدرها هيئة تحرير القناة في بيروت لمكتب تونس، والتي تخص أسلوب التعاطي مع الشأن السوري بشكل خاص.وكشفت مليكة عن توجهات قناة "الميادين" من الثورات
العربية، وممارسات القناة على المستويات كافة، في بيان حصل "العرب اليوم" على نسخة منه، جاء فيه، "إن الادعاء بالفصل عن العمل والذي يقصد منه القرار الذي تسلمته عبر الإنترنت في 26 آذار/مارس الماضي، والصادر عن رئيس قسم المراسلين في القناة المذكورة السيد حسان شعبان، جاء نتيجة عوامل عدة، وذلك القرار المتسرع وغير القانوني قد اتخذته إدارة القناة بشكل عاجل لما نما إلى علمها ما يلي:- تصاعد حالة التململ وعدم الرضا الذي أبديته باستمرار تجاه الخط التحريري لقناة "الميادين"، والمتعلق بالدفع نحو نصب العداء للثورات العربية، سواء في نص أو روح التقارير الصادرة من تونس.- عدم موافقتي على التوجهات والتعليمات التي تصدرها هيئة تحرير القناة في بيروت لمكتب تونس، والتي تخص أسلوب التعاطي مع الشأن السوري بشكل خاص، ومن ثمة حمل المراسلين وحتى الضيوف واختيارهم لدعم حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، والازدراء من الثورات ونعتهم بالعصابات الإرهابية.- عدم رضاي عن التعليمات التي تصدر لنا يوميًا من الإدارة في بيروت وتؤكد على عدم انتقاد ما تسميه "جبهة المقاومة"، والتركيز على كل ما هو خاص بالشأن السوري، بخاصة عن إرسال التونسيين إلى ما يُسمى بـ"الجهاد في سورية". - عدم موافقتي على التوجيهات التي يتلقاها مكتب تونس الداعية إلى ضرورة تصيّد هفوات وعثرات المؤسسات التونسية بمختلف مكوناتها وهياكلها، والتأكيد على عدم نجاح هؤلاء وإظهارهم في أبشع صورة للرأي العام التونسي والعربي وحتى الدولي.-عدم موافقتي على منع أي إشارة سلبية تصدر من الطاقم الإعلامي في مكتب تونس قد تمس من قريب أو بعيد بالجهات التي تدعم قناة "الميادين" المعروفة لدى الجميع، وكذلك السياسة الخارجية للدولة التي ترعى القناة من جميع النواحي. وقد أصرّت قناة "الميادين" في الأشهر الأخيرة، على تسويق ما سمّي "جهاد النكاح" الذي يتلخص بذهاب تونسيات مراهقات إلى سورية في رحلة "جهاد نكاح" لثوار ومقاتلي سورية، وهو الأمر الذي شرحته "مليكة" في بيانها، بالقول "عدم قبولي مبدأ تصيّد الأخبار والأحداث التي من شأنها التشهير بالجهات التي تقف في وجه المشروع الذي تنوي دولة أجنبية بعثه وتأسيسه في تونس، وتجاه هذه السياسة التي يتبعها مكتب (الميادين) في تونس والضغط المستمر على العاملين فيه للتقيد بها وفرض رقابة ذاتية على الموظفين فيه، وصلت خلافاتي مع سياسة القناة إلى ذروتها في اليوم المذكور آنفًا عندما ضغطت القناة على مراسليها في تونس باختلاق وتضخيم قضية ما عرف بـ(جهاد النكاح) الذي حولته القناة إلى اختصاص تونسي وحكر على الفتيات التونسيات القاصرات، وشددت القناة وقتها على المراسلين في المكتب وعلي أنا باعتباري منتجة في المكتب، بتحويل القضية إلى قضية رأي عام، وانفراد قناة (الميادين) بها، صرحت وقتها داخل المكتب أنني لا أقبل هذه السياسة المشينة، ولن أبقى في المكتب الذي يسيء إلى ديني وبلدي من خلال تشويه سمعة نسائه الطاهرات والشريفات ورجاله الكرام الأبطال وتزييف الحقائق والانطلاق من أخبار زائفة لتبرير أجندتهم لضرب الثورة التونسية النظيفة وتشويه صورة التونسيين الأحرار". وتتابع الصحافية التونسية في بيانها، "عمومًا تجاه ذلك التقطت القناة المعلومة وأرسلت لي فورًا ومن دون سابق إنذار رسالة إعفاء، يدخل حيز التنفيذ خلال الثلاثة الأيام الموالية حتى تتفادى بذلك تقديم استقالتي في رسالة مفتوحة إلى الرأي العام التونسي والعربي، والدليل على أن القناة حاولت بقرارها التعسفي غير القانوني استباق إعلان قراري بالاستقالة أمام مؤتمر صحافي تُدعى له وسائل الإعلام التونسية والدولية المعتمدة في تونس، وذلك لتجنب أي إمكان لتعرية سياسة قناة (الميادين) في تونس، حيث سارعت إدارة القناة من بيروت إبلاغي بالإقالة عن العمل، متناسين من فرط عجلتهم أن الإبلاغ عن ذلك حسب ما ينص عليه العقد الموقع بيننا يتم قبل شهر على الأقل عن طريق رسالة مضمونة الوصول، وكان الهدف من ذلك واضحًا، ألا وهو التعجيل بالتخلص من وجودي في المكتب خوفًا من موقف احتجاجي علني يمكن أن يفضح أمام الرأي العام سياسة القناة التي باتت أجندتها مكشوفة وواضحة". وتؤكد مليكة أن قرار فصلها من القناة يعود إلى عدم رضاها عن الخط الذي انتهجته أخيرًا، مضيفة في بيانها، "وتصديقًا لكلامي وتعبيرًا مني على عدم رضاي على الخط التحريري للقناة، الذي بدا واضحًا في الفترة الأخيرة، قدمت مطلب العودة إلى مباشرة العمل في بداية آذار/مارس الماضي إلى إدارة التلفزيون التونسي وهو موثق هناك، وواصلت بقائي في المكتب في انتظار استكمال الإجراءات من ناحية، ولقصد التصدي قدر الإمكان لمقترحات إدارة بيروت بشأن التقارير والضيوف الذين يخدمون أجندتها التي لم تعد خفية، هذا وأن ادعاء القناة في ردها على قناة (حنبعل) بأن قرار الإقالة جاء لعدم حرفيتي وجديتي أقول، إن هذا الحديث لا أساس له من الصحة ومردود عليها، وكان بالإمكان فسخ العقد بعد الثلاثة أشهر الأولى وهي المدة التجريبة المنصوص عليها في العقد كما وقع مع البعض، ثم إنه كان بالإمكان فك الارتباط في أي وقت حسب ما ينص عليه العقد حتى قبل انتهاء المدة القانونية شريطة أن يتم ذلك بالطرق القانونية المعروفة كما يدعون، لماذا انتظروا كل هذه المدة وصبروا على عدم حرفيتي وعدم جديتي كما يدعون إلى ذلك الحد، كما أن معظم المراسلين الذين انتدبوهم لا خبرة لهم في الإعلام التلفزيوني بتاتًا، وقمت شخصيًا بتدريبهم حتى أصبحوا قادرين على العمل الإخباري التلفزيوني، وهذا ليس انتقادًا للزملاء هناك وإنما هي الحقيقة وهم يشهدون بذلك دائمًا، إلا إذا غيروا رأيهم الآن خوفًا من الإعفاء، كما أنني لست دخيلة على الميدان ولي من الخبرة كانت إدارة القناة تتباهي بها، وبخاصة عند تقديمي للضيوف العرب والأجانب الذين زاروا مقر القناة في بيروت الصيف الماضي، حيث كنت هناك فأنا صحافية درست الصحافة وتحصلت على الأستاذية في هذا الاختصاص من معهد (الصحافة وعلوم الأخبار) الذي يُدرّس به هذا العلم منذ عشرات السنين لآلاف الطلبة من تونس ومن بلدان شقيقة وصديقة، ودرست على أيدي كبار الأساتذة هم من خيرة المختصين في الميدان في العالم العربي وحتى الدولي، كما أنني واصلت الدراسة بعد تلك المرحلة وحصلت على الماجستير في تكنولوجيا الإعلام والاتصال، ثم الماجستير في علوم الإعلام والاتصال، وخبرتي في الأخبار التلفزيونية لا شك فيها، فقد غادرت قناتي الأم: التلفزيون الوطني في خطة رئيسة نشرة، وهي مسؤولية لا تسند لأي صحافي نظرًا لجسامة المسؤولية، وإن خبرتي ومستوى حرفيتي هما محل اتفاق من أهل الاختصاص والممارسين للمهنة منذ أكثر من عقدين من الزمن وليس الدخلاء على الميدان والمتطفلين عليه، ومن ذوي الاختصاصات الأخرى التي لا تمتّ بصلة إلى الإعلام، وإنني أنوّه إلى أن التحاقي بالقناة جاء في إطار تنويع تجربتي ومعرفتي آنذاك أن قناة (الميادين) قناة تدعم المقاومة في معناها المقدس وهي تحرير فلسطين، وليس خدمة أجندة سياسية لأطراف خارجية تريد التوسع والنفاذ إلى الشعب العربي والتونسي بكل الطرق". وختمت مليكة بيانها، "أقول إن تونس ليست أرضًا للفتنة ونشر مبادئ لا تمت للواقع التونسي بصلة، بل إن تونس هي واحة للتسامح والمحبة لأفراد شعبها بكل مكوناته وتعدد اتجاهاته وفي علاقة احترام مع كل الشعوب من دون تدخل من أي طرف، وبعد ما وصلت إليه الأمور إلى هذا المستوى، فإنني قررت رفع الموضوع إلى القضاء من أجل التشهير بشخصي في القنوات التلفزيونية، وهضم حقوقي بكل أنواعها". جدير بالذكر أن الإعلامي التونسي غسان بن جدو قد استقال من قناة "الجزيرة" القطرية، اعتراضًا واحتجاجًا على سياسة القناة في التعامل مع الشأن البحريني قبل أكثر من عام، ، ليبدأ التحضير لإطلاق قناة فضائية إخبارية خاصة به تقدم وجه نظره، لتعديل الكفة في مواجهة "الجزيرة" و"العربية"، حيث انطلق بن جدو من قطر ليقوم بجولة عربية، كان أبرزها إلى دمشق، حيث التقى كبار المسؤولين هناك، فيما احتفت به الحكومة السورية، ووضعت صورة على اللوحات الإعلانية الضخمة، وبخاصة بعد ربط استقالته من القناة القطرية، بطريقة تغطية الحدث السوري آنذاك. وتتخذ قناة "الميادين" الفضائية الإخبارية خطًا معاديًا للثورات العربية عمومًا والثورة السورية بشكل خاص، والعمل على إظهار "حزب الله" اللبناني كالجهة الوطنية الوحيدة في العالم العربي، والعلاقة المتينة مع الحكومة السورية.
أرسل تعليقك