غزة – محمد حبيب
غزة – محمد حبيب
تحاول الحكومة الفلسطينية في غزة في الآونة الأخيرة تحسين الخدمات الطبية في أقسام الولادة في مستشفيات القطاع، بعد أن أعلنت عن افتتاح مستشفى الولادة في مجمع "الشفاء" الطبي بحلته الجديدة، وذلك عقب اتهام سيدات أقسام الولادة في مستشفيات القطاع بالإهمال الطبي والتعنيف اللفظي وفقدانها للخصوصية.
وافتتحت وزارة الصحة في غزة، السبت، مستشفى الولادة في مجمع "الشفاء" الطبي، بحلته الجديدة، وذلك بعد بناء طابق إضافي فيه، وإعادة تأهيل وترميم المستشفى بشكل كامل، وتزويده بالكوادر البشرية والأجهزة الطبية الحديثة.
وأكّد وزير الصحة مفيد المخللاتي، خلال حفل افتتاح المستشفى، أن "مشروع بناء وإعادة تأهيل مستشفى الولادة ضخم بكل ما تم تزويده به"، موضحاً أنه "تمت إضافة 6 غرف عمليات جديدة له، وتطويرها، ودعمها بجراحة المناظير، وهي ميزة جديدة يتم توفيرها فيها للمرة الأولى".
وبيّن أنه "تم إضافة 12 كشك ولادة، متميزين، عما كانت عليه الأكشاك في الأول، إضافة إلى تزويده بالطواقم الطبية من أطباء وممرضات وعاملين وأجهزة جديدة".
وأضاف "أن الأهم في كل هذا المشروع هو أنه تم تغيير نمط العمل في المستشفى بشكل كامل، بحيث أصبح الأطباء الكبار في العمر والخبرة يعملون فيه على مدار 24 ساعة بالتناوب"، لافتاً إلى المستشفى لم يشهد، منذ بداية العام، أية حالة وفاة، بفضل هذا التغيير".
ونوّه إلى أن "كفة مستشفى الولادة، في مجمع الشفاء، أصبحت الأن ترجح عن غيرها من المشافي، التي كان يتم مقارنتها بها كمجمع ناصر وتل السلطان".
وأكّد أنه "في الفترة القريبة المقبلة، سيتم افتتاح المزيد من المشاريع المنجزة، التي تأتي في إطار تحسين خدمة الأمومة والطفولة، إضافة لخدمات الرعاية الأولية".
بدوره، اعتبر مدير مستشفى الولادة حسن اللوح أن "هذا المشروع يعد الأضخم في مشاريع المستشفى، نظراً للحاجة الماسة إليه"، مبيناً أن "المستشفى يشهد شهرياً 1500 حالة ولادة، بينها 400 حالة قيصرية، إضافة لمراجعة 4500 حالة في العيادة الخارجية، و5 ألاف حالة استقبال يومياً".
ولفت إلى أنه "تم افتتاح طابق كامل، يضم 14 غرفة ولادة، مزودة بالأجهزة الطبية، لمتابعة الجنين والأم وغرف للمرحلة الأولى وغرفة للحالات الحرجة".
وأشار إلى "تأهيل أقسام أمراض النساء والولادة، وافتتاح قسم الاستقبال والطوارئ، التي تستخدم للحالات الحرجة، وأن الخدمة تطورت بوجود المزيد من الأطباء على مدار الساعة".
من جانبه، أوضح رئيس هيئة الأعمال الخيرية الإماراتية في غزة عماد الحداد أن "دعم المشروع يأتي ضمن مسيرة الهيئة في دعم القطاع الصحي، الذي يعد الأهم والأكثر حاجة للتطوير، خدمة لأبناء الشعب الفلسطيني، وواجباً تجاههم".
وبيّن أن "المشروع كلّف مليون ونصف المليون دولار"، مشدّداً على أن "مستشفى الولادة أصبح الأن بشكل مميز وجديد، وعلى مستوى عالٍ من حيث الخدمة والجوانب الأخرى كافة".
ولفت إلى أنه "سيتم قريباً إضافة طابقين في مبنى الأورام في مستشفى غزة الأوروبي جنوب القطاع، وتطوير مستشفى الأطفال التخصصي".
وفي سياق متصل، أشادت وزيرة شؤون المرأة في غزة جميلة الشنطي بإنجاز المشروع، والجهات الداعمة له، مؤكّدة أن الوزارة تتواصل مع الجهات المعنية كافة، لنقل الشكاوي والمشاكل التي تتلقاها الوزارة، والتشريعي، من الأقسام المخصصة للمرأة والطفل.
يذكر أن إحدى الحالات أوضحت أن "طفلتها تعرضت لخلع عظمة الترقوة أثناء عملية الولادة، وذلك نتيجة لإهمال الطبيب"، كما اشتكت سيدة أخرى من عدم نظافة الأسرّة، فيما تساءلت حالة أخرى "لماذا يدخل الرجال في غرف المرحلة الأولى من الولادة".
وتحدثت الصحافية سامية الزبيدي عن تجربتها الشخصية أثناء تجربة الحمل الثانية، ومرورها بمراحل المخاض، بعد أن اكتشفت أن جنينها قد توفي، وكيفية التعامل معها أثناء عملية الإجهاض, وعن تقريرها الإذاعي، الذي أعدته عن قسم الولادة في مستشفى "الشفاء"، وكان تحت مسمي "مسلخ الشفاء".
وتبين الزبيدي أن "الولادة هي حالة إنسانية صعبة، ومجهود جسدي ونفسي كبير، ولذلك يجب أن يكون هناك تعامل خاص في أثناء حالة الولادة، ولا يجب التهاون بها, أو التعامل معه كأي حالة في المستشفى, حيث أنني لاحظت أن الأطباء المتواجدين في مستشفى الشفاء يقومون بالشتم والضرب والإهانة النفسية للنساء، ويتم التعامل معهن كقطيع غنم".
ودعت إلى أن "تحسين الوضع والحالة في قسم الولادة في جميع مستشفيات القطاع، والوقوف علي الخلل الذي يحدث من طرف وزارة الصحة، ومن طرف القائمين على هذه الأقسام، وتحسين الخدمة".
وأكّدت المحامية ماجدة شحادة أن "الخصوصية مفقودة في أقسام الولادة، وهذا يتنافى مع تعاليم الدين وثقافة المجتمع, وأنها أشبه بسوق يدخله من هب ودب، من أطباء امتياز وممرضين وجمهور الزائرين وغيرهم، حيث تحتوي الغرفة الواحدة على أكثر من 10 أسرّة متلاصقة، تفصل بينهم ستائر، لا توفر الخصوصية، وبعضها ممزق، ويمكن لأي شخص أن يدخل ويخرج دون أية محاسبة".
وتضيف "الأطباء في المستشفيات يبرر إليهم أفعالهم بضغط العمل، وعدد الولادات التي تحدث, ولكن ذلك لا يبررعند السيدة التي تمر بمراحل المخاض، فهي غير مسؤولة عن عدد الولادات التي أجرها الطبيب, وكذلك الطبيب إن كان يعمل في عيادة خاصة، ما يزيد علية العبئ الجسدي, فكل ما يهمها هو أن تتمتع بحسن المعاملة، بعيدًا عن الشتم، والإهانة، وهذا ما يكفله القانون الفلسطيني".
ومن جهته، أوضح مسؤول صندوق الأمم المتحدة مكتب غزة أسامة أبو عيطة "هناك إهمال واضح في مستشفيات الولادة في قطاع غزة، من الناحية النفسية والمعدات وطاقم العمل, ولا يهتم الأطباء بالحالة النفسية للأم, وإلى المفهوم الخاطئ للعنف اللفظي، الذي ينطقه الطبيب أثناء عملية التوليد، وكذلك العنف الجسدي، حيث يعتقد الطبيب أن ما يقوم به هو مساعد لعملية الولادة".
وذكر أنه "لا يوجد محاسبة علنية وظاهرة للأطباء الذين يرتكبون الأخطاء، إن كانت جسدية أو لفظية، أثناء عملية التوليد, ما لا يجعل هناك رادع لإعادة التصرف بشكل سليم"، وأشار إلى عدد من القصص التي مرت عليه، أساء فيها الأطباء إلى نساء، أثناء الولادة.
وكشف مدير عام ديوان الوزير في الحكومة المقالة الدكتور يوسف المدلل عن وجود 130 لجنة تحقيق بشأن شكاوي الإهمال الطبي، سواء في وزارة الصحة في الحكومة المقالة، والقطاع الخاص، خلال الفترة من العام 2008 حتى تاريخه،
وبيّن أن "98 لجنة في وزارة الصحة، ثبت لدى 26 لجنة منها وجود إهمال طبي، وفي 72 لجنة ثبت عدم وجود إهمال طبي".
ويضيف المدلل "أما في القطاع الخاص يوجد 32 شكوى، ثبت وجود إهمال طبي في 12 حالة، كما ثبت عدم وجود إهمال طبي في 20 شكوى".
وبشأن أقسام الولادة، يوضح المدلل "هناك 30 قضية إهمال، لكن في 11 قضية ثبت وجود إهمال طبي، فيما لم يثبت وجود إهمال طبي في 19 قضية، منذ العام 2008 حتى تاريخه".
وأكّد المدلل أن "الوزارة اتخذت الجزاء في 18 طبيبًا، قاموا بتكرار الإهمال والتقصير قي تقديم الخدمة للمرضى، منذ العام 2008 حتى تاريخه، بناء على الجزاءات الواردة في المادة 68 من قانون الخدمة المدنية رقم 4 لعام 98".
وتتلخص هذه الجزاءات في التنبيه أو لفت النظر، الإنذار، الخصم من الراتب، الحرمان من العلاوة أو تأجيلها، الوقف عن العمل، تفيض الدرجة، الإنذار بالفصل، الإحالة إلى المعاش، الفصل من الخدمة.
وعاد المدلل ليوضح أن "الوزارة أوجدت بدائل لتوقيع عقوبات، بسبب الانقسام في حق من تثبت إدانتهم، سواء موظفين أو مراكز صحية، بما لا يتعارض مع القانون، واستنادًا للأنظمة المعمول بها".
أرسل تعليقك