لندن ـ سامر شهاب
أظهرت الدراسات التي قام بها أستاذ الطب والتمثيل الغذائي في جامعة نيوكاسل البروفسور روي تايلور أن اتباع نظام غذائي قاس يدفع الجسم إلى الانتقال إلى وضع التضرر جوعا وبالتالي حرق الدهون المخزنة للحصول على الطاقة – ويبدو أن الدهون حول الأعضاء هي التي يتم استهدافها أولاً، وهذا
يؤدي إلى أن الكبد والبنكرياس يصبحان غير جامدان، وتعود مستويات السكر في الدم والأنسولين إلى طبيعتها، وكشفت الدراسات أيضًا أن مرضى السكري من النوع الثاني هم بحاجة لانقاص سدس وزنهم قبل التشخيص لإزالة ما يكفي من الدهون من البنكرياس للسماح باستئناف الأنسولين العادي في الجسم.
ووجدت إحدى الدراسات التي قام بها فريق الدكتور تايلور، والتي نشرت في العام 2011 في مجلة "Diabetologia"، أنه من أصل 11 نوعا ، هناك نوعان من مرض السكري يتبعان نظام الحمية الغذائية، وكلهم يمكنهم التخلص من داء السكري في إطار الـ8 أسابيع.
وتستند النظرية وراء النظام الغذائي، والتي هي من بنات أفكار الدكتور تايلور، على حقيقة أن مرض السكري من النوع 2 ، غالبا ما تسببه الدهون التي تقوم بدورها بسد الكبد والبنكرياس، التي تشكل عاملا حاسما في إنتاج الأنسولين وتتحكم في نسبة السكر في الدم.
ولهذا يعد زيادة الوزن عاملا خطيرًا للإصابة بهذا المرض، وخاصة إذا تم اكتساب هذا الوزن حول البطن والمعدة، ومع ذلك، هناك بعض الناس غير المحظوظين ، الذين يبدو أنهم يحاولون التخلص من الدهون المتراكمة في الكبد والبنكرياس، على الرغم من كونهم يتمتعون بوزن صحي.
ويحذر الخبراء بعدم البدء أبدًا بمثل هذا النظام القاسي دون التحقق أولا مع طبيبك الخاص، حيث يحدد الطبيب مقدار الوزن الذي يجب أن يخسره المريض، خاصة أن العيش على الحساء، والعصير المخفوق والخضار الأخضر(اللازم لتوفير بعض الألياف والحفاظ على الأمعاء صحية)، ليس أمرا سهلا.
هذا و يحكي أحد مرضى السكري عن تجربته مع النظام الغذائي للدكتور تايلور قائلا: كنت أبلغ من العمر 59 عامًا، وكنت أقوم بالفحص الصحي السنوي عند الطبيب الخاص بي، وأوضح الكشف أن هناك ارتفاعا في نسبة السكر في الدم ، 9مليمولز(وحدة قياس نسبة السكر في الدم) للتر الواحد، في حين أن المستوى الطبيعي هو من 4-6 / مليمول / لتر . وقال لي طبيبي إنه يوجد احتمال إصابتي بمرض السكري".
و أضاف "قد أكدت الفحوصات هذه الاعتقادات. نعم ، بالفعل كان لدي مرض السكري من النوع 2 . لقد صدمت. لقد كنت دائما أحافظ على الوزن الصحي (حيث يقدر طولي بما يقرب 167 سم ويبلغ وزني ما يقرب 65 كيلوغراما فقط" .
و تابع " ليس لدي تاريخ عائلي مع مرض السكري، وأتناول طعام غذائي صحي، ولم أدخن قط، وأنا بالتأكيد لم أكن من متناولي الحلوى، قررت أن أجد حلا ، وبدأت بالفعل في البحث عن الحالة وكيفية التغلب عليها".
وواصل "في مرض السكري من النوع 2، لا ينتج البنكرياس ما يكفي من الانسولين للحفاظ على مستويات السكر العادي ( وفي النوع الأول، يتوقف البنكرياس عن انتاج الأنسولين تماما). وإذا لم أتخذ أي فعل أو إجراء تجاه هذا المرض الذب أصابني، فإنني سأكون عرضه للوفاة مبكرا بنسبة 36% ، وممكن أن أعاني من الرؤية السيئة، وضعف الكلي، وخفقان القلب والسكتات الدماغية. وفي نهاية المطاف سوف أخضع للعلاج" .
و أردف قائلا "قال لي طبيبي ، أن مرض السكري الخاص بي كان معتدلا بما يكفي بحيث يمكن السيطرة عليه من خلال النظام الغذائي وحده، وأعطاني رزمة من المنشورات عن التغذية لمرضى السكري. وقد أخترت السلطة، وقمت بخفض الكربوهيدرات وكنت أتناول الخمس وجبات يوميا ، ولكن كان التقدم بطيئا. وبعد أكثر من سبعة أشهر نقص وزني ما يقرب 6 كيلوغرامات، ولكن كانت نسبة السكر في الدم لا تزال مرتفعة للغاية، ما يقرب 7 مليمول / لتر".
و استطرد قائلا "لم أكن راضيًا عن هذا، وألقى مزيد من البحث على الإنترنت نهجًا أكثر تشددا. فالعلماء في جامعة نيوكاسل الإنكليزية، وضعوا نظامًا غذائيا شديدًا منخفض السعرات الحرارية التي أشارت الدراسات إلى أنه يمكنه أن يزيل مرض السكري في أقل من ثمانية أسابيع، وهذا يتطلب تناول 800 سعر حراري فقط يوميا ( في حين أن السعرات الحرارية الموصى بها للرجل هي 2500)، حيث يمكن الحصول على 600 سعر حراري من خلال وجبة وشرب حساء و200 سعر حراري من الخضروات الخضراء، كما أنه يجب أيضا شرب 3 لترات من الماء يوميا"
ويحذر الخبراء بعدم البدء أبدا بمثل هذا النظام القاسي دون التحقق أولا مع طبيبك الخاص)، و قال المريض "كان الهدف هو الوصول بوزني إلى ما يقرب من 55 كيلوغرامًا، ولكن العيش على الحساء، والعصير المخفوق والخضار الأخضر(اللازم لتوفير بعض الألياف والحفاظ على الأمعاء صحية)، لم يكن سهلا".
و أضاف "في أول يوم من تطبيق النظام الغذائي ، وكان يوم الأحد، استيقظت على عدم وجود إفطار لائق يمكن تناوله ، كان مجرد بعض العصير المخفوق. (واستبدال الوجبة بوجبة من المحلات التجارية تعمل بشكل جيد، وكنت استخدم العلامة التجارية، The Biggest Loser"" ، ولكن هناك العديد من العلامات التجارية المتاحة".
وتابع "بعد يوم واحد فقط انخفضت مستويات السكر لدي من 6mmol /لتر إلى 5.9mmol / / لتر، لم يكن الجوع بعيدا أبدًا عني، ولكن البروفيسور تايلور قال أن آلام الجوع شيء يتم الاحتفاء به، لأنه يعني أن النظام الغذائي كان يعمل، وقال لي ، اشرب الماء، وسيختفي الجوع، وبالفعل كان الأمر يجدي نفعا: شربت نصف لتر من الماء وذهب الجوع، لقد خسرت وزني سريعًا، فبعد اليوم الثالث كنت فقدت بالفعل ما يقرب من 2.5".
و واصل "في اليوم الرابع شهد مستوى السكر لدي هبوطا من 5.9mmol /لتر في الأحد إلى 4.6 mmol / لتر. حتى أنني بدأت أعتاد على فكرة تناول الافطار والخبز الطازج. كنت أدرب ذهني لتقليل خياراتي وتقييم وتقدير الخيارات المتبقية".
كان الغداء هو الطعام الذي بالنسبة لي، فهو عبارة عن حساء عيش الغراب السميك، والبصل والخضار والأعشاب معا. وكنت أتناول حساء الدجاج قبل ان يغادر المكتب لمشاهدة مسرحية في المساء. كانت مستويات التركيز جيدة ، ولكن تسلق الدرج الخاص بمحطة مترو الأنفاق كان يسبب تعبا حقيقي لي. فقد شعرت بالتعب والخمول".
و اردف قائلا "لقد استمريت على هذا المنوال كل يوم. ولقد جربت مع أكثر من حساء مثل حساء الجزر والطماطم والبازلاء، والخضار المشوي، والخضار المقلي، والخضار المسلوق، بالإضافة إلى تناولي الأعشاب التي لم أكن أتناولها من قبل، مثل الكمون والفلفل الحلو".
وأشار إلى أنه في بعض الأيام كان يمشي صباحا كي يعمل بشكل جيد، وبعض الأيام الأخرى كان يشعر قليلا بالدوار والدوخة، وفي أيام معينة كان المشي حول مكتبه يمثل جهدا شاقا له. حيث كانت عائلته تشعر بالقلق بسبب كونه قد أصبح أنحف وإلى حد ما أصبحت سريع الغضب.
و تحدث عن اليوم السادس قائلا " كان يوما سيئا بالنسبة لي . على الرغم من أننا كنا في شهر تموز / يوليو ، إلا أنني ارتديت ستة قطع من الملابس كي أشعر بالدفيء. حتى أنني بدأت أشعر أن أصابعي مخدرة. شعرت بالتعب في المساء، ربما كان ذلك بسبب أنني لم أكن شرب كمية كافية من الماء. ثم تناولت بعض المسهلات وفي صباح اليوم التالي، سجلت أدنى قراءة للسكر الصائم ، حيث كان 4.3mmol / لتر ، وكان ذلك بالفعل دعم حقيقي لي" .
وأضاف " اليوم الثامن لعبت لعبة الكريكيت وكان من الصعب بالنسبة لي ن رى زملائي وهم يتناولون الكعك المحلاة، وبعد ذلك بثلاثة أيام، كنت وصلت إلى ما يقرب 55 كيلوغراما مع مستوى جلوكوز أقل من 4.1 مليمول / لتر، ولكن لم أستطع تجاهل التعليقات في مكان عملي حول " تقلصي " ونحافتي . بعض من ملابسي لم تعد تصلح لي، وحتى أنني بدأت أشعر بالقلق قليلا حول كيف أصبح وجهي نحيفا".
وتابع "قد أطلق على زملائي اسم "الرجل المختفي". وقد حان الوقت لوقف النظام الغذائي، ثم عدت إلى اتباع نظام غذائي صحي من الحبوب والثمار التي تضم الكثير من الفواكه والخضار والدجاج والسمك والأطعمة غير الدهنية، وبعد شهرين، قمت بالذهاب إلى العيادة لعمل إختبار ، وقد سجلت مستوى 5.1mmol ، وكنت سعيدا جدا عندما قال لي الطبيب " إن مرض السكري الخاص بي قد حل نفسه".
و واصل "كنت قد تمسكت بالنظام الغذائي لمدة 11 يوما فقط ، وتم خفض نسبة السكر في دمي إلى مستوى صحي غير سكري . وظل الأمر على هذا النحو على مدى العام الماضي، وكان آخر قراءتي 4.9mmol / / لتر. وظل وزني عند حد 50 كيلو، وقمت بالاشتراك في صالة ألعاب رياضية، وأقوم بالجري ثلاث مرات في الأسبوع".
و استطرد "بناءً على نصيحة البروفيسور تايلور، بدأت أيضا في بناء عضلات الجزء العلوي من جسمي: فالعضلات الكبيرة تقوم بامتصاص المزيد من الجلوكوز كمصدر من مصادر الطاقة، وبالتالي منع الجسم من تخزين أكثر مما يحتاج إليه.
وبدأ البروفيسور تايلور بالتحقيق والفحص في النظام الغذائي بعد أن أصبح مفتون بالملاحظة أن مرض السكري من النوع 2 يمكن أن يتم التخلص منه بين ليلة وضحاها في المرضى الذين يعانون من السمنة المفرطة بعد عملية جراحية في المعدة لانقاص الوزن".
وكان تفسير الجراحين " أنه كان شيئا ذكيا ربط هذا الرض بهرمونات الأمعاء، التي تساعد في السيطرة على الشهية الخاصة بنا، ولكن هذا لم يكن مرضيا بشكل واضح."
وبدلا من ذلك ركز البروفسور تايلور على حقيقة أن المرضى كانوا غير قادرين من تناول المزيد من الطعام في الأيام التالية للجراحة، وتساءل إذا ما كان هذا يمكن في الواقع أن يكون مسئول عن التخلص من مرض السكري.
وقال "أدركت أن هذا يؤدى إلى تحول مفاجئ من الدهون بعيدا عن الكبد والبنكرياس. واعتقدت أننا يمكن اختبار هذا عن طريق أخذ الناس المصابين بمرض السكري من النوع 2 ومحاكاة هذا بالانخفاض الحاد في الاستهلاك الغذائي بعد الجراحة".
و أضاف "توقعت أن هذا يمكن أن يحرم الدهون من الكبد والبنكرياس وسوف يعود الجهازين إلى طبيعتهما، وأكد عملنا ما بعد ذلك على هذا الاعتقاد". وقد استمر العمل.
و هذا وقام آلان توتياء، 54 عاما، من مقاطعة سيبيرن ديني، سندرلاند، بنجاح بالتخلص من مرض السكري من النوع 2، حتى وصل إلى الوزن المستهدف له وهو ما يقرب من 85 كيلو غراما، وأصبح واحدًا من بين 34 متطوعا في التجربة التي قامت بها جامعة نيوكاسل ، والتي تبحث في تأثيرات المدى البعيد على النظام الغذائي. وفي 8أسابيع بين شهري تشرين الثاني / نوفمبر وكانون الثاني / يناير الماضيين.
وقال " منذ قيامي ببدء النظام الغذائي، ارتفع وزني أحيانا إلى أكثر من 86 كيلوا غراما ، ولكنني تمكنت من إنقاص وزني مرة أخرى إلى أقل من 64 كيلوغراما.
وقد قوبل هذا الاتجاه من قبل بعض الخبراء الأخرين في هذا المجال بالإثارة والانبهار. ويعتقد جيمس ووكر، استشاري مرض السكري في مستشفى ليفينغستون، غرب لوثيان، أن هذا البحث تحدى التفكير التقليدي لعلاج هذا المرض الخطير .
وقال " هناك الكثير من الناس ربما يعتقدون ببساطة ، أنه بمجرد أن يبدأ البنكرياس بالفشل في أداء وظيفته، ويتوقف عن إنتاج الأنسولين، فإن ذلك يعني أنها انتكاسه لا مفر منها. ولكن هذا النظام الغذائي تحدى ذلك".
وأضاف "والأمر الرائع هو أن هذا النظام يعمل بسرعة. حتى أننا أنتجنا كتيب عن النظام الغذائي في غرب لوثيان للمرضى الذين يتبنون على وجه الخصوص أفكار روي".
ويبحث فريق البروفيسور تايلور الآن في ما إذا كان هذا النظام يعمل للمرضي المصابين بمرض السكري من النوع 2 منذ سنوات عديدة، وأيضا إذا ما كان البنكرياس خالي من الدهون بعد عملية النظام الغذائي.
ومن المقرر أن تنشر النتائج في العام المقبل. وفي هذه الأثناء، سوف أتمسك بالنظام الغذائي الصحي الخاص بي من أجل الحفاظ على نفسي وأن أكون خالي من مرض السكري
أرسل تعليقك