واشنطن ـ رولا عيسى
يحكي كتاب ليلى كوبل الجديد "نادي زوجات رواد الفضاء" القصة الحقيقية لمجموعة من النساء اللواتي يتسمن بالشجاعة، فهن لم يتم إرسالهن بصواريخ إلى الفضاء، ولكن مع ذلك كرسن حياتهن لبرنامج كوكب عطارد الفضائي.وفي مقابلة عبر البريد الإلكتروني، توضح كوبل "كيف تماسك هؤلاء النساء سويًا في مواجهة المتابعة الحثيثة لهن من الرأي العام وما ترتب على ذلك من ضغوط نفسية. وأيضًا كيف أصبحن
رموزًا لجيل من النساء الأميركيات".
وبشأن وصفها في الكتاب زوجات رواد الفضاء بأنهن "أولى نجمات تلفزيون الواقع في أميركا، تقول كوبل: إنها قصصهم الملحمية، مع عدد لا يحصى من حفلات لإطلاق الصواريخ، وزجاجات الشمبانيا التي لا نهاية لها، في أوقات تشبه بشكل كبير أحداث كتاب "وادي الدمى" أو "ربات البيوت الحقيقيات لوكالة ناسا". بعد أن أصبح أزواجهن رواد للفضاء، اشترت مجلة "الحياة" حق نشر قصصهم الشخصية بنصف مليون دولار في العام 1959، ومن هنا دخلت أسر رواد الفضاء إلى دائرة الضوء. كانت حياتهم دائماً مكشوفة للجمهور، وأصبح الصحفيين جزءا لا يتجزأ من منازلهم في ضواحي هيوستن بالقرب من ناسا. وكانت تعويذة نجاح زوجات رواد الفضاء حينها "السعادة، والفخر والحماس"، وكان شعار "التزم الهدوء واستمر" - وهو نمط الستينات - وسيلتهن للتعامل مع حياتهم التي انقلبت رأسًا على عقب. الصحافيون كانوا يعسكرون على المروج الخاصة في بيوتهن أثناء البعثات. وكانوا يتناولن الشاي مع جاكي كنيدي ويحضرن حفلات المجتمع الراقي. كان عليهن أن يبتسمن لحوارات مجلة "حياة"، والحفاظ على توازن تصفيفات الشعر المصفوفة بعناية لتحاكي شكل الصاروخ. واصطففن سويًا لمواجهة الضغوط التي يواجهنها لأنهن متزوجات من رواد للفضاء - بما في ذلك التعامل مع غياب الزوج باستمرار مشجعات على ذلك "الكيب كوكيز"، وهو الاسم الذي عرفت به جماعات مشجعي رواد الفضاء.
أما بشأن نمط هؤلاء النساء، وما إذا كن يرتدين الملابس المحتشمة لأنهن كن عرضة للكثير من الدعاية، أم كن يحببن التباهي أمام الأضواء، فتضيف كوبل أنه "من أولى تجارب زوجات رواد الفضاء مع الإعلام كانت صورة التقطت لغلاف مجلة "حياة" في 21 أيلول/ سبتمبر في العام 1959. وكن جميعًا يضعن أحمرًا للشفاه باللون الوردي الذي حولته إدارة التحرير إلى اللون الأحمر على صفحات المجلة. وصدمت الزوجات! وكما قالت لي أحداهن "لا شك أننا لم نكن لنضع أحمر شفاه بارز بهذا الشكل!" لقد كان عهد إيزنهاور، ولكن فجأة أصبح عصر الفضاء أيضًا، ووجود اللون الأحمر القومي المشرق على شفاه زوجات رواد الفضاء وعد أفضل لأميركا بالوصول إلى القمر والنجوم. والشقراء رينيه كاربنتر التي أوضح الرئيس جي إف كنيدي أنها المفضلة لديه، كانت ذات رأي مسموع، وذكاء ملحوظ، وقد دأبت على كتابة عمود نسائي في إحدى صحف بلدها. وقد وصفتها مجلة بيبول باسم "زوجة رائد الفضاء التوراتية"، وبحلول نهاية الكتاب، كانت أقرب لنموذج الصحفية والناشطة المعروفة غلوريا ستاينم، وأصبح لها برنامجها النسائي التلفزيوني الخاص. فيما يتعلق بنمط ألوان زوجات رواد الفضاء، فإن البلد أحبتهن في ألوان العلم الأحمر والأبيض والأزرق. وكان معظمهن محافظات جدًا في الملبس في هذه الفترة، باستثناء كاربنتر التي كانت ترتدي الفساتين الصاخبة وتصميمات لكبار المصممين مثل بيير كاردان ورودي جرنريتش. وكما قالت للمحررة ميرا ماكفيرسون في العام 1968، التي كانت تقوم بعمل موضوع عنها لصحيفة نيويورك تايمز، فقد كانت عادة تجد عروض وتخفيضات على الملابس الجريئة، مضيفة "أنا لست من النوع الذي يقلل من شأن نفسه". وقد تم تصويرها مع هاسكي (الحيوان الأليف لدى أسرتها)، والذي أصبح أحد مكملات المظهر الذي تود الظهور به في عالم الأزياء".
أما بشأن مدى أثر الانبهار الأميركي بالفضاء في الستينات والسبعينات على نمط ملابس النساء الأميركيات، ومدى تأثرهن بأذواق زوجات رواد الفضاء، فتقول كوبل: بالطبع كان هناك تأثر بعالم الفضاء ولكنه لم يقتصر على زوجات رواد الفضاء فقط، وشملت صيحات الموضة آنذاك تصفيفات للشعر مرتفعة للأعلى كما الصاروخ، وتنانير قصيرة صارخة، وفساتين بوتشي الملتفة المشرقة، التي تشبه زجاجة المياة الغازية، وكذلك تنانير ماري كوانت الفينيل القصيرة البيضاء، التي تتماشى مع مركبات فضاء ناسا اللامعة. وسريعًا ما ظهرت تصفيفات منتفخة للشعر مع أحمر شفاه "قطرات القمر"، والذي صنعت له شركة "ريفلون" للإعلان، حملة إعلانية في العام 1968، تحت شعار "أحمر الشفاه الذي يمكن أن تضعه على سطح القمر". وفي وقت لاحق، وفي ذروة بعثات أبولو إلى القمر، كانت صيحات أزياء على القمة. نورمان ميلر وصف جين كونراد زوجة رائد الفضاء، ذات القوام الطويل الرشيق الذي يشبه العارضات "بالجذابة والمثيرة". وعندما توجّه زوجها، بيت كونراد إلى القمر على متن أبولو 12، صمم لها إميليو بوتشي خصيصًا فستانًا من الجيرسيه بلون الكراميل، لترتديه في إحدى احتفالات إطلاق الصواريخ. عصر الفضاء كان ملهمًا للعديد من الموضات الجريئة. وفي هذه الأثناء، ابتكر مصممون مثل أندريه كورجيس، أزياء مستوحاة من الرجال المسافرين إلى القمر، مثل البولكا دوت والهوت كوتور وخوذات الفضاء والنظارات الشمسية من البلاستيك الأبيض تدعى "إسكيمو".
وفي سياق كتابة هذا الكتاب، كان لديها فرصة للقاء والتعرف على العديد من نساء هذه القصة، وتقول كوبل: لقد قابلت أكثر من 30 امرأة، فرادى وجماعات. كانوا يشجعون بعضهن البعض كثيرًا ويرون أن هذا هو الوقت المناسب ليروين قصصهن. لقد فتحن لي بيوتهن وكشفن لي حياتهن، وتبادلن معي قصصهن وذكرياتهن (ألبومات للصور، وسجلات وقصاصات، وقدمت لي بيتي غريسوم حتى خزانة ملابسها التي اشترت غالبية محتوياتها من نيمان ماركوس في الستينات، بما في ذلك زوج من السراويل الساخنة ذات الفراء!). أما مارلين لوفيل (التي يعرفها الناس من خلال فيلم "أبولو 13") فكانت في باريس مع زوجها رائد الفضاء جيم أخيرًا، لذلك فإن ابنتهما سوزان لوفيل، انضمت لي في جولة الكتاب في شيكاغو. إنها جميلة ولها نفس أسلوب والدتها مارلين الرائع. سوزان كانت ترتدى فستانًا ورديًا ملفوفًا كموديلات بوتشي في الستينات. وهي أيضًا تشبه أمها إلى حد كبير. ومثل كثير من زوجات رواد الفضاء، كانت ترتدي قطعة من الفضاء - كما أسميها –، وهي عبارة عن ميدالية فضية تحمل اسم أبولو 8 (كانت ترتديها على قلادة حول عنقها) ويعود الاسم إلى المهمة المأهولة الأولى إلى مدار القمر في عيد الميلاد في العام 1968. وفي ذلك الوقت، وبينما كان جيم على متن رحلته إلى القمر، بعث إلى مارلين – وهي في انتظار عودته على الأرض - بهدية خاصة، عبارة عن سترة من المنك من محلات نيمان ماركوس، وصلتها مع سائق سيارة رولز رويس ومعها بطاقة غاية في الرومانسية تقول "إلى مارلين، من رجل على سطح القمر".
أرسل تعليقك