القاهرة – طه حافظ
القاهرة – طه حافظ
أثارت أفلام موسم عيد الأضحى "قلب الأسد" و"القشاش" و"عش البلبل" و "8%"، التي تُعرض في مصر حاليًا جدلاً كبيرًا في الشارع المصري بين الرافضين لها والداعين إلى مشاهدتها, فالشباب أعلنوا مقاطعتها عبر "فيسبوك", وأدانتها مبادرة "شفت تحرش"، التي تكافح التحرش الجنسي في مصر، بعد أن اتهموا الأفلام بأنها تبيح التحرش الجنسي بالنساء
, ويرى علماء الاجتماع أن هذه النوعية من الأفلام تؤثر على المجتمع بشكل سلبي, وتزيد معدلات الانحراف والجرائم الجنسية, كما وصفها النقاد بالرديئة فنيًا وأنها تسيء لسمعة مصر.
وأعلنت مبادرة "شفت تحرش" عن إدانتها لسوء تناول صناع الأفلام للشخصيات النسائية في معظم أفلام العيد, وأهم ما يبرز سمات هذه الأفلام هي السخرية من أجساد الشخصيات النسائية في الفيلم، وإباحة التحرش بهنّ وتبرير العنف الجسديّ واللفظي والتمييز تجاههنّ, وكل هذا من خلال سياق كوميدي بسيط يظن صناع الفيلم أنه غير مُؤذٍ.
وأوضحت المبادرة أن هذه ليست مجرد مشاهد ساخرة تصنع البهجة لدى المتفرج، بل هي أيضًا تغير إحساس المتفرج بما هو مقبول ومعتاد وما هو غير ذلك، فمثلما تعكس السينما الواقع المعاش، يتأثر الواقع بالسينما أيضًا.
وانتشرت على "فيسبوك" صفحات تدعو إلى مقاطعة أفلام العيد ومنها "دي مش أفلام.. دي مصدر للتلوث الثقافي"، و"مقاطعة لأفلام العيد 2013"، و"دعوة لمقاطعة أفلام العيد"، و"مقاطعة لأفلام العيد وإنهاء لحالة العفن السينمائي".
ومن جانبه، رفض الناقد السينمائي طارق الشناوي تلك الحملات التي دعت إلى مقاطعة أفلام العيد، قائلاً "هذه الخطوة تعطي لهذه الأفلام قيمه وأهمية، وتلفت إليها الانتباه، خصوصًا من قِبل فئة المراهقين، وذلك انطلاقًا من مبدأ الممنوع مرغوب".
وأوضح الشناوي "الأفلام المطروحة حاليًا في دور العرض لا تستحق سوى وصف الرديئة فنيًا, ومع ذلك السبكي الذي ينتج هذه الأفلام لا يُلام على هذا المستوى المنحدر فنيًا، بل يحسب له أنه تقريبًا المنتج الوحيد الموجود في السوق بشكل ثابت على عكس منتجين كثيرين تخوّفوا من المغامرة بإنتاج أفلام في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية التي تعيشها مصر، إلى جانب ساعات الحظر، ولذا فإن السبكي قدَّم للسينما المصرية خدمة سيتذكرها التاريخ له في ما بعد، على عكس المنتجين الكبار الذين فضلوا وضع فلوسهم في الإنتاج التلفزيوني لأنه مضمون عن السينما، مع العلم أن هذه الشركات الكبرى هي أصلاً مالكة لدور العرض، ولذا فهي تقتسم مع السبكي أرباح هذه الأفلام التي يظهرون على الفضائيات ويسبونها".
وأكدت الناقدة الفنية خيرية البشلاوي أنها لا تبالغ إذا طالبت بمليونية في ميدان التحرير على غرار المليونيات التي شهدتها مصر، لتحرير السينما المصرية من هذا
النوع من الأفلام.
وأكدت البشلاوي "للأسف لا يوجد ميدان تحرير للسينما المصرية وإلا كنا نزلناه، خصوصًا أن هذ النوعية من الأفلام ستنتقل إلى منازلنا عبر القنوات التليفزيونية, كما أنها أصبحت تبحث عن المال على حساب سمعتنا وثقافتنا وتاريخ سينمائي عريق صنعته أجيال متعاقبة".
ويرى علماء الاجتماع أن هذه النوعية من الأفلام تؤثر على المجتمع بشكل سلبي, وتزيد معدلات الانحراف والجرائم الجنسية.
فيرى رئيس قسم علم الاجتماع في جامعة القاهرة الدكتور عبد الرؤوف الضبع " أن للسينما رؤيتين الرؤية الأولى تصور واقعًا خياليًا يمس جانبًا رومانسيًا في حياتنا, والرؤية الثانية أن تكون أداة لعرض الواقع وتحليله, وما يحدث الآن عبارة عن متاجرة بآلام الناس, فالسينما ليست مكانًا للصراخ, أو للكسب المادي, فهذه الأفلام تقدم مصر على أنها كلها عشوائيات, ومصر ليست بهذا السوء, ويجب على المخرجين أن يتحلَّوا بالوعي الوطني, وبالحسِّ الرشيد في تصوير الواقع، فمصر ليست راقصات, وجنسًا وقمارًا".
ويوضح عبد الرؤف "لقد أثرت هذه الأنماط علي المجتمع بشكل سلبي فارتفعت معدلات الجريمة والانحراف ".
وتؤكد أستاذة علم الاجتماع في جامعة القاهرة الدكتورة سامية خضر "أن كل شيء يزيد عن حده ينقلب إلى ضدِّه، فالسينما تحولت في الأعوام الماضية إلى عشوائية في كل شيء بداية من كتابة السيناريو, فظهور العُرْي والجنس على الشاشة شيء مقزز والمجتمع لا يحتاج هذه النوعية من الأفلام, بيع المخدرات مربح، والمنتج الذي يقبل على انتاج هذه النوعية من الأفلام يتساوى مع تاجر المخدرات، ولكنه يرتدي ثوبًا سينمائيًا".
وتعلن عميدة كلية الدراسات الإنسانية الدكتورة سهير عبد العزيز "أن السينما تتحدث عن مشاكل المجتمع، ولكن ما يحدث الآن من عرض لمشاكل المجتمع خاصة لا يراعي الذوق العام, وينحدر بذوق المشاهد, فهي أفلام بلا هدف, وتهبط بالمستوى الاخلاقي، فأصبحت السينما تعرض مشاهد جنسية في صورة فوضوية، وأدى ذلك الى انتشار الجرائم الجنسية, وزيادة عدد الأطفال غير الشرعيين, كما أدى عرض الاسفاف على أنه كوميديا الى اعتياد الأذن على سماع الألفاظ البذيئة على أنها شيء عادي".
وتؤكد سهير عبد العزيز "أن سبب اقبال الجمهور على هذه الأفلام, أولا اعلان الفيلم بالمشاهد الجنسية والألفاظ كوسيلة لجذب الشباب، في ظل وجود كبت جنسي نتيجة للبطالة والعنوسة, وأصبح المشاهد الآن معتادًا على مشاهدة العلاقات الجنسية, والادمان, والألفاظ البذيئة على أنها فن وإبداع".
يشار إلى أن فيلم "عش البلبل" من بطولة سعد الصغير، دينا، كريم محمود عبد العزيز، محمود الليثي، من تأليف سيد السبكي، وإخراج حسام الجوهري، وفيلم "القشاش" من بطولة محمد فراج، حورية فرغلي، دلال عبد العزيز، حسن حسني، هبة مجدي، محسن منصور، أحمد فؤاد سليم، محمد علي، من تأليف محمد سمير مبروك، وإخراج إسماعيل فاروق, وفيلم "8%"من بطولة مطربي المهرجانات أوكا وأورتيجا وشحتة كاريكا، مي كساب، أميرة نايف، أحمد سعيد عبد الغني، من تأليف إبراهيم فخر، وإخراج حسام الجوهري, وفيلم "قلب الأسد" والمستمر عرضه منذ عيد الفطر الماضي, من بطولة محمد رمضان، حورية فرغلي، حسن حسني، صبري فواز، ماهر عصام، ريهام أيمن، من تأليف حسام موسى، وإخراج كريم السبكي, وفيلم "هاتولي راجل" وهو الفيلم الوحيد الذي أشاد به النقاد, ويشارك في بطولته أحمد الفيشاوي، شريف رمزي، إيمي سمير غانم، ميريت، كريم فهمي، يسرا اللوزي، من تأليف كريم فهمي وإخراج محمد شاكر.
أرسل تعليقك